لم تتردد سلطات البلاد حينها في اعتقال عدد من الناشطين والمتظاهرين في الثالث والعشرين من الشهر ذاته، ولم يشفع للرئيس صالح قولتُه باختلاف اليمن عن تونس، فقد تضاعفت أعداد المتظاهرين بعد أربعة أيام، تنديدا بالأوضاع الاقتصادية والسياسية للبلاد، ولا حتى إعلانه عدم ترشيح نفسه لفترة رئاسية جديدة، وأيضا عدمَ توريث الحكم لابنه أحمد، ففي ثاني أيام شهر فبراير تظاهر عشرون ألف شخص في الميادين العامة مطالبين بتنحي صالح دون شروط.
وقد شكل الحادي عشر من فبراير منعطفا مهما في مسار الاحتجاجات الشعبية بإعلان التأييد من قبل تكتل أحزاب اللقاء المشترك، وبعدها بأكثر من شهر انضم إليها علي محسن الأحمر وخاضت قواته وميليشيات الإصلاح اشتباكات متقطعة مع الحرس الجمهوري، وفي الثامن عشر من مارس كانت مجزرة جمعة الكرامة بساحة التغيير في صنعاء بإطلاق مسلحين ملثمين نيرانهم على المتظاهرين، والحصيلة ثلاثة وأربعون قتيلا وأكثر من مائة جريح تلتها مواجهات خلال الأيام اللاحقة خلفت تسعة وستين قتيلا.
ومن المجازر التي وقعت أيضا عملية إطلاق رصاص كثيف في السابع والعشرين من أبريل على مسيرة رافضة لمبادرة مجلس التعاون، والحصيلة ثلاثة عشر قتيلا وأكثر من مائتي جريح.
وطوال فترة أشهر بقي الرئيس صالح يناور بين القبول بالانتقال السياسي تارة ورفض التوقيع عليه تارة أخرى، إلى حين تعرضه لمحاولة اغتيال بتفجير غامض سارع بنقله إلى الرياض للعلاج الذي استمر أربعة أشهر، ليعود بعدها إلى صنعاء وتعود معه المواجهات المسلحة قبل أن يُجبَر على التوقيع على اتفاق نقل السلطة في اليمن.
غير أن وصول نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى السلطة رئيسا كمرشح وحيد لم يحقق بعد ثلاث سنوات أهداف الثورة ومراحل الانتقال السلمي، وهو ما تجلى بوضوح في فشل مخرجات الحوار الوطني لتصل الأزمة السياسية بالبلاد إلى مزيد من الاحتقان في الشارع قبل أن يستقيل هادي وتحسم حركة أنصار الله الموقف، وتجتمع تشكيلات سياسية حول الإعلان الدستوري الأخير وهو الإعلان الذي حظي بتأييد شعبي كبير في مسيرات حاشدة بصنعاء ومدن أخرى.
وتأتي هذه المسيرات متزامنة مع مواصلة القوى السياسية مشاوراتها وأيضا في ظل ضغوط إقليمية ودولية بسحب السفارات الغربية وهو أحد أوجه التدخل الخارجي التي عبر المتظاهرون عن رفضها.
02:00 - 12/02 - IMH