لماذا ارتفع عدد السياح المغاربة إلى فلسطين المحتلة ؟

لماذا ارتفع عدد السياح المغاربة إلى فلسطين المحتلة ؟
السبت ٢٩ نوفمبر ٢٠١٤ - ٠٤:٣١ بتوقيت غرينتش

لم تمرّ الإحصائيات الرسمية وغير الرسمية، القادمة من فلسطين المحتلة، والتي "تحتفي" بارتفاع عدد المغاربة الذين زاروها خلال السنوات الأخيرة، دون أن تثير موجة من الاستهجان والتنديد، أثارها نشطاء مغاربة يناهضون التطبيع مع الكيان الإسرائيلي في مقابل ذلك، اعتبر البعض الآخر أن تلك الأرقام بمثابة الشجرة التي تغطي الغابة وواقعاً "وجب تقبّله"، رغم القطيعة الرسمية التي لا يخفيها المغرب تجاه معاملاته مع تل ابيب.

وكان المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء، التابع لرئاسة حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، قد أعلن ارتفاعاً قياسيّا في عدد المغاربة الذين زاروا فلسطين المحتلة طيلة الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، مقارنة مع سنة 2013، بما يناهز 4600 سائح مغربي، حيث تحدث المصدر ذاته عن زيارة حوالي 3900 سائح مغربي خلال شهر يونيو المنصرم بينما قدرت تلك الإحصائيات الرسمية عدد المغاربة الذين زاروا فلسطين المحتلة خلال العامين والنصف الأخيرة بنحو 9500 مغربي.

بدورها، رأت القناة الإسرائيلية "i24 news"، في ارتفاع أعداد الوافدين المغاربة على فلسطين المحتلة، مؤشرا على عودة الدفء إلى العلاقات بينها تل أبيب ودول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، بما فيها المغرب، محيلة إلى إحصائية أخرى تتحدث عن بلوغ عدد السياح المغاربة الذين زاروا فلسطين المحتلة خلال السنوات الست الماضية لرقم 6440 سائح، على أن تردد المغاربة تضاعف لأزيد من ثلاث مرات هذا العام مقارنة مع سنة 2009، من 658 سائح مغربي إلى 2239.

الكاتب والناشط الحقوقي، أحمد عصيد، كشف في تصريحه لهسبريس، عن كون ما أسماهم "ألوف المغاربة" الذين يزورون فلسطين المحتلة "هم فئات متعددة"، ابتداء من رجال الأعمال "الذين يتجهون لإجراء مبادلات تجارية تغدق عليهم ملايين من الدراهم"، موضحا أنهم ينتمون "لأحزاب سياسيّة وداخل دواليب الدولة وكذا المجتمع"، مشيرا إلى أن عددا من السياسيين المغاربة أيضاً يقومون بتلك الزيارات "لإجراء لقاءات مع الطبقة السياسية هناك".

وتابع عصيد بقوله إن "إسرائيل تغري أيضا الفنانين المغاربة "ممن يمارسون الملحون والطرب الأندلسي، داخل سهرات وأنشطة فنية"، لاعتبار "ارتباط المغاربة اليهود بتلك الفنون الأصيلة"، مردفاً أن السياحة أيضا تدخل في اهتمامات المغاربة، ممن زاروا كيان الاحتلال الإسرائيلي "يزورن بيت المقدس والأماكن المقدسة لدى المسلمين"، إلى جانب فئة الخبراء والباحثين المغاربة "الذين يرغون في الاستفادة من الخبرة العلمية الإسرائيلية"، مضيفا أن "إسرائيل تخصص نسبة كبيرة من ميزانيتها للبحث العلمي، وتحتل الرتب الأولى عالميّا في العلوم الدقيقة".

وأوضح الناشط الحقوقي أن الأرقام التي كشفت عنها إحصائيات إسرائيلية رسمية وغير رسمية، حول عدد المغاربة زوار فلسطين المحتلة، "تكشف زيف ادعاءات بعض الأطراف الإسلامية والقومية بالمغرب كون الأمازيغ وحدهم هم من يزورن إسرائيل"، متسائلا "لماذا لا يتحلى هؤلاء بالشجاعة ليكشفوا عن هوية المغاربة أولئك".

ويرى عصيد أن المغرب يتعامل عمليا مع تل ابيب، رغم الأصوات الداعية إلى مناهضة التطبيع، "من ناحية الخطاب يتظاهر المغرب بعدم تعامله.. لكنه يتعامل سياسيا واقتصاديا وثقافيا وعلميا من خلال الأفراد والمجموعات وليس المؤسسات الرسمية"، مشيرا إلى أن تلك الأرقام، من منظوره، تدل على أن فكرة "تجريم التطبيع بعيدة عن الواقع الفعلي، مقابل عدم تجرؤ نشطاء مناهضة التطبيع على قول الحقيقة في انخراط هيئات عليا في البلاد ضمن مسلسل التطبيع".

من ناحيته، شكك عزيز هناوي، الناشط الحقوقي في مجال مناهضة التطبيع مع تل ابيب، في الأرقام الصادرة عن هيئات إسرائيلية مختلفة، معتبرا إياها "مشبوهة" وتدخل في سياق "حرب نفسية تشنها إسرائيل على المغاربة"، متهما من أسماهم "المُطبّعين" باستغلال أرقام ضخمة لعدد المغاربة الذين زاروا فلسطين المحتلة، فيما أوضح أن هذه الأخيرة تتستر على "جريمة" تلك الزيارات "بعدم ختم سلطاتها على جوازات المغاربة الداخلين للأراضي المحتلة.

وعرج هناوي على "نشطاء التطبيع" بالمغرب، بدعوتهم لتقديم "مقترح قانون للصداقة مع إسرائيل"، مقابل مشروع القانون الخاص بتجريم التطبيع، الذي تقدمت به عدد من الفرق البرلمانية قبل أشهر، مشيرا إلى أن هذا القانون "يتعرض لمقاومة شديدة داخل المغرب وخارجه حتى تتم مصادرته"، مضيفا "الشعب المغربي بقواه المناهضة للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي يقف ضد هذا الاستهداف الصهيوني للمغاربة الذي يحاول زرع فتنة طائفية وفوضى خلاقة مثل ما يقع حالياً في المشرق.