1 - إن تفجيري السفارة الإيرانية ھما مؤشر الى أن "القاعدة" قامت بتغيير طريقة عملھا وحوّلت لبنان من "أرض نصرة" الى ما تسميه "أرض جھاد"، وھو أمر يشير بوضوح الى أن لبنان أصبح بالنسبة ل "القاعدة" جزءا من الساحة السورية، وھو ما يفتح المجال لتدفق مقاتليھا الى لبنان ليس ليكون ممرا لھم الى سوريا أو خط إمداد لنقل ما يمكن نقله من سلاح ومؤن ومقاتلين بل لمقاتلة الإيرانيين وحزب الله.
والتفجير المزدوج الذي تبنته "القاعدة" ھو مؤشر واضح على فتح الباب على مصراعيه أمام تھديدات لا حصر لھا وأخطار غير مسبوقة ستھب رياحھا على لبنان، حرب مفتوحة لا ضوابط لھا ولا تتقيد بخطوط حمر ولا تتوقف عند حدود معينة.
2- بعد الخلاف بين "جبھة النصرة" وتنظيم "داعش"، فإن عناصر من "داعش" بدأت تتحرك في اتجاه العراق و لبنان، في محاولة لتوسيع أطر حركتھا وقاعدتھا في الدول المجاورة لسوريا مع ما يحمل ذلك من تطور مفصلي في أوضاع عدد من دول المنطقة والعبث باستقرارھا. وھذا يعني أن لبنان سيكون، في ظل الصراع الحالي ووضع حدوده، باباً مفتوحاً لاستجلاب عناصر أصولية إليه للقيام بعمليات انتحارية في لبنان وسوريا.
3- وعن ترابط الحدود اللبنانية السورية، تقول مصادر رسمية إن الوضع الأمني في طرابلس وعرسال سيكون من الآن وصاعداً مفتوحاً على كثير من التحديات الأمنية والسياسية، فضلاً عن وضع المخيمات التي وضعت أخيرا في دائرة الرصد خشية تسرب مجموعات أصولية منھا وإليھا. وخطورة وضع المنطقتين أن ھناك مسؤوليات متداخلة سياسية وأمنية بكل تفاصيلھما الجغرافية مع سوريا.
في تحقيق صحفي عن أحداث طرابلس، قال أحد قادة المحاور في باب التبانة: "معركة القلمون في سوريا فتحت أو ھي على وشك أن تبدأ، وستكون حاسمة بالنسبة لمستقبل سوريا ولبنان معا". وفي رأيه أنه "في حال انتصر النظام علينا أن نختفي"...
"أما إذا استطاعت المعارضة السورية أن تكسب فھذا يعتبر نصرا مبينا لنا، سيغير المشھد برمته، وسيفتح الحدود بين البلدين على غاربھا لمقاتلينا ومسلحينا في البقاع وعكار" .
4- بدأت معركة القلمون بشقھا اللبناني لھدفين أساسيين:
-الأول: ھو إحكام الطوق نھائياً على منطقة القلمون وجعل المقاتلين المتمركزين فيھا في حالة اختناق بطيء خصوصاً مع دنو فصل الشتاء وثلوجه.
-الثاني: قطع خطوط التواصل نھائياً بين لبنان والداخل السوري، وما يعنيه ذلك من تعطيل لمنظومة دعم واسناد من الجانب اللبناني.
والعنوان العريض لھذه المعركة ھو سد الأبواب والحدود المفتوحة التي مدت المجموعات السورية المسلحة بھذا الكم الضخم من المقاتلين والسلاح والأعتدة.
وقد باتت جرود القلمون تعرف بـ "تورا بورا" السورية، متصلة بالأمن الإقليمي لا بالأمن السوري فقط، بعدما أصبحت نقطة ارتكاز للقاعدة التي تستخدمه لحفر الأنفاق وإيجاد بنية تحتية للإرھاب، تستخدم في تحضير السيارات المفخخة وتجھيز الانتحاريين في لبنان وسوريا .
5- تصاعد العمليات والعنف ادى الى مضاعفة النازحين . وقد اصدرت المفوضية العليا للنازحين دراسة تتوقع أن يشھد لبنان خلال العام القادم أحداثاً أمنية على خلفية انفجار الضغط الاجتماعي فيه الناتج عن تعاظم أعداد النازحين السوريين الذين تدنت حياتھم المعيشية باطراد وذلك مع كل يوم جديد يمر عليھم في لبنان.
6 - بدأت عوارض الأزمة السورية تظھر على المناطق الممتدة من دير العشائر الى عين عطا وصولا الى شبعا، وقد بدأت تتأثر بالاحداث السورية على خلفية ما جرى ويجري في المناطق السورية القريبة من جبل الشيخ.
وتقول مصادر متابعة إن اتصالات جرت مع فعاليات شبعا كي لا تتحوّل ھذه البلدة الجنوبية الحدودية الى عرسال ثانية، ھذه البلدة البقاعية الحدودية التي أصبحت ملاذا للمسلحين. وأبدت فعاليات شبعا تجاوبا مؤكدة أن الوضع في البلدة مختلف عن عرسال، لأن التواصل الجغرافي بعيد، والعبور من شبعا وإليھا ليس بالأمر السھل، ولا بد من ساعات سيراً على الأقدام لمن يريد الوصول من البلدات السورية الى شبعا، وأن الجيش استحدث نقطة مراقبة تكشف جغرافية المنطقة، وقد عزز من إجراءاته العسكرية والأمنية مؤخراً، لمنع تسلل مسلحين.
كما أن المناخ الشعبي في شبعا وجوارھا ليس حاضنا لجماعات سلفية وتكفيرية، وإنما كانت دائما بيئة حاضنة للقوى والتيارات القومية والوطنية والناصرية واليسارية، وان الفكر التكفيري وان تسلل إليھا فھو طارئ عليھا.
7- إسرائيل من جهتها تربط بين معركة القلمون وتفجيرات بيروت. واكد المعلق الأمني في موقع "يديعوت" الإلكتروني رون بن يشاي " ينبغي عدم الخطأ، لبنان وسوريا صارا ميدان معركة واحدا ". من جانبه يربط تسفي بارئيل في "ھآرتس" بين معركة القلمون في سوريا والتفجيرات في بيروت ويوضح أن لبنان غدا جبھة قتال في معركة الحسم السورية. وأشار إلى أن معركة القلمون الحاسمة لا تعرف حدوداً ".
في الختام، لبنان وسوريا اسقطا الحدود واصبحا ساحة واحدة تتواجه عليها جبهتان: جبهة التكفير والالغاء ومن حالفها على قاعدة عدو عدوي يصبح صديقي وجبهة المقاومة والممانعة ومعها جميع المتضررين من الفتنة واخواتها .
*العهد-سركيس ابو زيد