يؤكد المعلق العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، اليكس فيشمان، أن السيناريو المُحتمل للانتفاضة لا يُشبه ما جرى خلال الانتفاضتين السابقتين الأولى والثانية، لوجود ثلاثة عناصر مركزية ستجعل أي مواجهة يمكن ان تنشب مختلفة. فجدار الفصل والأسوار حول مدينة القدس المحتلة، مُعطىً لم يكن قائماً في المرحلة السابقة. كذلك، عدد الفلسطينيين الذين يعملون بتصاريح في فلسطين المحتلة، أصبح أقل مما كان في سنوات ما قبل عام 2000. كذلك ثمة احتمال أكبر في أن تحدث معظم المواجهات على الشوارع بإزاء المستوطنات ومعسكرات الجيش.
ويشير فيشمان إلى السيناريو الأشد المتمثل بانتقال العنف إلى داخل الخط الأخضر جراء اتصال الفلسطينيين من الضفة بـ«عرب إسرائيل».
إلى ذلك، يضيف فيشمان عنصراً ثالثاً متمثلاً بقيادة السلطة الفلسطينية، التي لا تدعو إلى مواجهة مسلحة. فأبو مازن لا يقف وراء الأحداث في شوارع الضفة. لكن إسهامه في المواجهة يكمن في مجال الجو العام أساساً، لكونه لا يعرض على الشباب الخائبي الآمال برنامج عمل جديد، باستثناء رموز سلطة مثل «دولة فلسطين» على أوراق رسمية ونشر لافتات في الشوارع.
لكن الإسرائيليين يرون أن أبو مازن يتصرف بشكل يوحي علناً بالمصالحة مع حركة حماس، وإن لم يفعل شيئاً في الواقع لعرقلة هذه المصالحة.
بموازاة ذلك، يؤكد فيشمان أن لجهاز الأمن في الكيان الإسرائيلي إسهاماً أيضاً في تدهور الوضع، لأن لسياسة الجيش بمنع أي احتكاك لا داعي له.
واستعمال أكبر قدر من التسامح وعدم الحضور في أماكن ليس من الضروري الحضور فيها، له ثمن ايضاً. لكنهم في الجيش يؤمنون بأنّ في الظروف الموجودة لديهم فرصة بإنذار أفضل لنشوب انتفاضة يُمكِّنهم من احتوائها في اسرع وقت ممكن. ويرى الجيش وجهاز الأمن العام «الشاباك» أيضاً، انهما «يوجدان» اليوم على أرض أفضل مما كانت من قبل.
في هذا السياق، يُلفت فيشمان الى أنها قد تكون المرة الأولى التي تجعل فيها الجهات الاستخبارية الإسرائيلية، في الجيش والشاباك، تصفّح الشبكات الاجتماعية مقدمة الإنذار بالحرب. فمجسّات الأجهزة الاستخبارية تُقدّم صورة مخيفة عن الوضع في الضفة، وتذكِّر بقدر كبير بالمسارات التي أفضت إلى الانفجارات الثورية في مصر، لجهة وجود مجموعات كثيرة من الشباب العاطلين من العمل والمثقفين وطلاب الجامعات واليساريين والليبراليين ومجرد «شباب» بلا تنظيم.
وترى هذه المجموعات أن العالم يعترف بنا وحشدنا إنجازات في غزة والأمم المتحدة والكيان الإسرائيلي معزولة، لكن ماذا عن الخطوة التالية؟
وفي ما يتعلق بهذه المجموعات، ينقل فيشمان بعضاً من النقاشات الداخلية في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حول الجهات التي تُعرَّف بأنها «تؤجّج» النار في الضفة في مقابل تلك التي «تكف» النار.
وأشار إلى أن عدد الجهات المؤجّجة يفوق كثيراً تلك التي «تكفّ». كذلك إنّ التحولات التي تقف وراء الأولى أكثر أهمية، وهي: الربيع العربي والجمود السياسي والمستوطنات وعمليات التسعير والإعلان في الأمم المتحدة باعتراف بدولة فلسطينية، بصفة مراقب، وازدياد قوة حماس والجهاد الإسلامي بعد العدوان الاخير على غزة وسلوك أجهزة الأمن الفلسطينية على خلفية الإعلان في الأمم المتحدة، التي لا تريد أن تُصوَّر على أنها متعاونة مع الكيان الإسرائيلي.
في مقابل ذلك، فإن مجموعة العناصر «الكافة» غير مُقنّعة جداً، وترتكز بشكل أساسي على عناصر نفسية مثل «رغبة السكان في الاستمرار في نهج حياتهم الهادئ» و«الذكرى المرة من الانتفاضة الثانية».
لكن فيشمان يضيف قائلاً، لا يمكن الاعتماد على ذلك، هذا الى جانب أن جيلاً جديداً قد نشأ لا يذكر الانتفاضة الثانية.
وختم فيشمان بالقول إن هذه الفترة حساسة بصورة خاصة، لكن حكومة الكيان الاسرائيلي استقر رأيها على اشعال سيجارة قرب مخزن ذخيرة على هيئة اعلان بناء استيطاني واسع في المناطق، متسائلاً عمّا يدفع الى هدم هذا المبنى اللطيف للسلطة الفلسطينية والهدوء النسبي في الضفة بسبب تكتيك حملة دعاية انتخابية.
بقلم : علي حيدر