وشدد آية الله خامنئي على ان ارض فلسطين هي من النهر الى البحر دون تفريط بشبر واحد منها وقال : مشروع السلطة الفلسطينية لانتزاع اعتراف بالدولة الفلسطينية يعني انهاء حق العودة وحق الفلسطينيين في اراضي 1948.
واكد قائد الثورة ان ايران لا تريد رمي اليهود في البحر ولا حكمية الامم المتحدة بل يجب ان يقرر الشعب الفلسطيني مصيره بنفسه، واصفا مشروع ايران لحل القضية الفلسطينية بأنه منطق جلي وينسجم مع الاعراف السياسية المقبولة لدى الرأي العام العالمي.
وأضاف سماحته: ايران تقترح استفتاء الشعب الفلسطيني لتقرير مصيره بنفسه ولتقرير نظامه الحاكم كأي شعب آخر، وأكد: ان كل الفلسطينيين الاصليين من مسلمين ومسيحيين ويهود يجب ان يشاركوا في استفتاء عام ومنضبط ويحددوا مصير دولتهم.
ولفت آية الله خامنئي الى ان ايران لا تعول على الصهاينة بقبول مشروعها في حل القضية الفلسطينية وانما هو مسؤولية البلدان الاسلامية.
وأوضح سماحته أن مسؤولية الدول الاسلامية في الوقت الراهن تتمثل في سحب الدعم عن الكيان الصهيوني الغاصب منتقدا بعض الدول الاسلامية التي تقيم علاقات سياسية واقتصادية مع هذا الكيان، وقال : ان الدول التي تقيم علاقات مع الصهاينة لا تستطيع ان تسمي نفسها بالمدافعة عن الشعب الفلسطيني.
وفيما يلي نص كلمة قائد الثورة في المؤتمر الدولي لدعم الانتفاضة الفلسطينية:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله ..
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين، وعلى من تبعهم بإحسان إلي يوم الدين.
قال الله الحكيم: «أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدّمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز».
أرحب بالضيوف الأعزاء وجميع الحضور المحترمين.
تتميز القضية الفلسطينية بخصوصية فريدة من بين كل الموضوعات التي يجدر بالنخبة الدينية والسياسية في كل العالم الإسلامي أن تتطرق لها. فلسطين هي القضية الأولى بين كل الموضوعات المشتركة للبلدان الإسلامية. وثمة خصوصيات منقطعة النظير في هذه القضية:
أولاً: أن يغتصب بلد مسلم من شعبه، ويعطى لأجانب جُمّعوا من بلدان شتى، وكوّنوا مجتمعاً موزائيكياً مزيفاً.
ثانياً: أن هذا الحدث غير المسبوق في التاريخ جرى بواسطة المذابح والجرائم والظلم والإهانات المستمرة.
ثالثاً: أن قبلة المسلمين الأولي والكثير من المراكز الدينية المحترمة في هذا البلد مهدَّدة بالهدم والامتهان والزوال.
رابعاً: أن هذه الحكومة والمجتمع المزيفين مارسا في أكثر مناطق العالم الإسلامي حساسية، منذ بداية ظهورهما وإلى الآن، دور القاعدة العسكرية والأمنية والسياسية للحكومات الاستكبارية، ودور المحور للغرب الاستعماري الذي هو- ولأسباب متعددة - عدواتحاد البلدان الإسلامية ورفعتها وتقدمها، وقد استخدمه كالخنجر في خاصرةَ الأمة الإسلامية.
خامساً: أن الصهيونية التي تعدّ خطراً أخلاقياً وسياسياً واقتصادياً كبيراً على المجتمع البشري استخدمت محطّ الأقدام هذا وسيلة ونقطة انطلاق لتوسيع نفوذها وهيمنتها في العالم.
ويمكن إضافة نقاط أخرى للنقاط السابقة منها التكاليف المالية والبشرية الجسيمة التي تحمّلتها البلدان الإسلامية لحد الآن، والانشغال الذهني للحكومات والشعوب المسلمة، ومعاناة ومحن ملايين المشردين الفلسطينيين الذين لا يزال البعض منهم يعيشون لحد الآن وبعد ستة عقود في المخيمات، والانقطاع التاريخي لقطب حضاري مهم في العالم الإسلامي، و.... الخ.
وقد أضيفت اليوم نقطة أساسية أخرى إلى تلك النقاط، ألا وهي نهضة الصحوة الإسلامية التي عمّت كل المنطقة، وفتحت فصلاً جديداً حاسماً في تاريخ الأمة الإسلامية. هذه الحركة العظيمة التي يمكنها بلا شك أن تؤدي إلي إيجاد منظومة إسلامية مقتدرة ومتقدمة ومنسجمة في هذه المنطقة الحساسة من العالم، وتضع بحول الله وقوته وبالعزيمة الراسخة لرواد هذه النهضة نهاية لعصر التخلف والضعف والمهانة الذي عاشته الشعوب المسلمة، استمدت جانباً مهماً من طاقتها وحماسها من قضية فلسطين.
الظلم والعسف المتصاعد الذي يمارسه الكيان الصهيوني ومواكبة بعض الحكام المستبدين الفاسدين المرتزقين لأمريكا لهذا العسف من جهة، وانبعاث المقاومة الفلسطينية واللبنانية المستميتة والانتصارات المعجزة للشباب المؤمن في حربي الـ 33 يوماً في لبنان والـ 22 يوماً في غزة من جهة أخرى، هي من جملة العوامل المهمة التي أطلقت الطوفان في المحيط الهادئ في ظاهره للشعوب في مصر وتونس وليبيا وباقي بلدان المنطقة.
إنها لحقيقة أن الكيان الصهيوني المدجج بالسلاح والمدعي أنه عصي على الهزيمة تلقي في حرب غير متكافئة في لبنان هزيمة قاسية مذلة من القضبات المشدودة للمجاهدين المؤمنين الأبطال، وبعد ذلك اختبر سيفه الكليل مرة أخرى أمام المقاومة الفولاذية المظلومة لغزة وذاق طعم الإخفاق.
هذه أمور يجب أخذها بعين الجد في تحليل الأوضاع الحالية للمنطقة، وقياس صحة أي قرار يتخذ على ضوئها.
إذن، إنه لرأي وحكم دقيق بأن قضية فلسطين اكتسبت اليوم أهمية وفورية مضاعفة، ومن حق الشعب الفلسطيني أن يتوقع المزيد من البلدان المسلمة في الوضع الراهن للمنطقة.
لنلق نظرة على الماضي والحاضر ونرسم خارطة طريق للمستقبل. وأنا أطرح هاهنا بعض رؤوس النقاط.
مضت على فاجعة اغتصاب فلسطين أكثر من ستة عقود. وجميع المسببين الرئيسيين لهذه الفاجعة الدامية معرفون، وعلى رأسهم الحكومة البريطانية المستعمرة، حيث استخدمت سياستها وقواها العسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية، هي وسائر الحكومات الغربية والشرقية المستكبرة من بعد ذلك، لخدمة هذا الظلم الكبير. وقد طرد الشعب الفلسطيني المشرد تحت وطأة قبضات المحتلين التي لا تعرف الرحمة، وقتل وأخرج من موطنه ودياره. وإلى اليوم لم يجر تصوير حتى واحد بالمائة من الفاجعة الإنسانية والمدنية التي وقعت على يد أدعياء التحضر والأخلاق في ذلك الحين، ولم تحظ بنصيب من الفنون الإعلامية والمرئية، فهذا ما لم يشأه كبار أرباب الفنون التصويرية والسينمائية والتلفزيونية والمافيات الغربية لإنتاج الأفلام، ولم يسمحوا به. شعب كامل قتل وتشرد وسط صمت مطبق.
ظهرت حالات المقاومة في بداية الأمر، وقد قمعت بقسوة وشدة. وبذل رجال على الحدود الفلسطينية، وخصوصاً من مصر، جهوداً بمحفزات إسلامية، لكنها لم تحظ بالدعم اللازم ولم تستطع التأثير في الساحة.
وبعد ذلك جاء الدور للحروب الرسمية والكلاسيكية بين عدة بلدان عربية والجيش الصهيوني. جندت مصر وسورية والأردن قواتها العسكرية في الساحة، لكن المساعدات العسكرية والإمدادية والمالية السخية والزاخرة والمتزايدة التي قدمتها أمريكا وبريطانيا وفرنسا للكيان الغاصب فرضت الإخفاق على الجيوش العربية. إنهم لم يعجزوا عن مساعدة الشعب الفلسطيني وحسب، بل وخسروا أجزاء مهمة من أراضيهم في هذه الحروب.
ومع اتضاح عجز الحكومات العربية الجارة لفلسطين تكوّنت تدريجياً خلايا المقاومة المنظمة في معظم الجماعات الفلطسينية المسلحة، وبعد فترة من اجتماعها تأسست منظمة التحرير الفلسطينية. وكان هذه بصيص أمل تألق تألقاً حسناً لكنه لم يستمر طويلاً حتي خبا. ويمكن ردّ هذا الإخفاق إلي العديد من الأسباب، بيد أن السبب الرئيسي هوابتعادهم عن الجماهير وعن عقيدتهم وإيمانهم الإسلامي. الإيديولوجيا اليسارية أومجرد المشاعر القومية لم تكن الشيء الذي تحتاجه قضية فلسطين المعقدة الصعبة. ما كان بوسعه إنزال شعب بكامله إلي ساحة المقاومة وخلق قوة عصية على الهزيمة من أبناء الشعب هوالإسلام والجهاد والشهادة. أولئك لم يدركوا هذه الفكرة بصورة صحيحة. في الأشهر الأولي لانتصار الثورة الإسلامية الكبري حيث كان زعماء منظمة التحرير الفلسطينية قد اكتسبوا معنويات جديدة وراحوا يترددون على طهران، سألت أحد شخصياتهم المهمة: لماذا لا ترفعون راية الإسلام في كفاحكم الحق. وكان جوابه إن بيننا بعض المسيحيين. وقد جري اغتيال هذا الشخص بعد ذلك في أحد البلدان العربية على يد الصهاينة، ونتمني إن يكون الغفران الإلهي قد شمله إن شاء الله، لكن استدلاله هذا كان ناقصاً وغير ناهض. أعتقد أن المناضل المسيحي المؤمن يكتسب إلي جانب الجماعة المجاهدة المضحية التي تقاتل بإخلاص من منطلق الإيمان بالله والقيامة والأمل بالمعونة الإلهية، وتتمتع بالدعم المادي والمعنوي لشعبها، يكتسب محفزات أكبر وأكثر للنضال مما لوكان إلي جانب جماعة عديمة الإيمان ومعتمدة على مشاعر متزعزعة وبعيدةً عن الإسناد الشعبي الوفي.
عدم توفر الإيمان الديني الراسخ والانقطاع عن الشعب جعلهم بمرور الوقت عاجزين وعديمي التأثير. طبعاً كان بينهم رجال شرفاء ومتحفزون وغيورون، بيد أن الجماعة والتنظيم سار في طريق آخر. انحرافهم وجّه ولا يزال الضربات للقضية الفلسطينية. هم أيضاً تنكروا كبعض الحكومات العربية الخائنة لأهداف المقاومة التي كانت ولا تزال السبيل الوحيد لإنقاذ فلسطين، وقد وجّهوا الضربات لا لفلسطين وحسب بل لأنفسهم أيضاً. وعلى حد تعبير الشاعر المسيحي العربي:
لئن أضعتم فلسطيناً فعيشكم طول الحياة مضاضات وآلامٌ
وهكذا مضت إثنتان وثلاثون سنة من عمر النكبة.. لكن يد القدرة الإلهية قلبت الصفحة فجأة. وقلب انتصار الثورة الإسلامية في إيران في سنة 1979 (1357 هجري شمسي) الأوضاع في هذه المنطقة رأساً على عقب، وفتح صفحة جديدة. ومن بين التأثيرات العالمية المذهلة لهذه الثورة كانت الضربة التي وجّهتها للحكومة الصهيونية هي الأسرع والأوضح من بين الضربات الشديدة والعميقة التي وجّهتها للسياسات الاستكبارية. وكانت تصريحات ساسة الكيان الصهيوني في تلك الأيام جديرة بالقراءة وتنمّ عن وضعهم الأسود الغارق في الاضطراب. في الأسابيع الأولي للانتصار أغلقت السفارة الإسرائيلية في طهران، وأخرج العاملون فيها، وجري تسليم مكانها رسمياً لممثلي منظمة التحرير الفلسطينية، وهم موجودن هناك لحد الآن. أعلن إمامنا الجليل أن أحد أهداف هذه الثورة تحرير الأرض الفلسطينية واستئصال غدة إسرائيل السرطانية. الأمواج القوية لهذه الثورة التي عمّت العالم كله في ذلك الحين حملت معها إين ما ذهبت هذه الرسالة: «يجب تحرير فلسطين». المشاكل المتتابعة والكبيرة التي فرضها أعداء الثورة على نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإحداها حرب الأعوام الثمانية التي شنها نظام صدام حسين بتحريض من أمريكا وبريطانيا ودعم الأنظمة العربية الرجعية، لم تستطع هي الأخري سلب الجمهورية الإسلامية محفزات الدفاع عن فلسطين.
وهكذا تم ضخّ دماء جديدة في عروق فلسطين، وانبثقت الجماعات الفلسطينية المجاهدة الإسلامية، وفتحت المقاومة في لبنان جبهة قوية جديدة أمام العدووحماته. واعتمدت فلسطين بدل الاستناد إلي الحكومات العربية ومن دون مدّ اليد للأوساط العالمية من قبيل منظمة الأمم المتحدة - وهي شريكة إجرام الحكومات الاستكبارية - اعتمدت على نفسها وعلى شبابها وعلى إيمانها الإسلامي العميق وعلى رجالها ونسائها المضحين.
هذا هومفتاح كل الفتوحات والنجاحات.
لقد تقدم هذا السياق وتصاعد خلال العقود الثلاثة الأخيرة يوماً بعد يوم. وكانت الهزيمة الذليلة للكيان الصهيوني في لبنان عام 2006 (1385 هجري شمسي)، والأخفاق الفاضح الذي مني به ذلك الجيش المتشدق في غزة سنة 2008 (1387 هجري شمسي)، والفرار من جنوب لبنان والانسحاب من غزة، وتأسيس حكومة المقاومة في غزة، وبكلمة واحدة تحول الشعب الفلسطيني من مجموعة من الناس اليائسين العاجزين إلي شعب متفائل مقاوم له ثقته بنفسه، كانت هذه كلها من الخصائص البارزة للأعوام الثلاثين الأخيرة.
هذه الصورة الكلية الإجمالية سوف تكتمل حينما ينظر بصورة صحيحة للتحركات الاستسلامية والخيانية التي تهدف إلي إطفاء المقاومة وانتزاع الاعتراف الرسمي بشرعية إسرائيل من الجماعات الفلسطينية والحكومات العربية.
هذه التحركات التي بدأت على يد الخليفة الخائن واللاخلف لجمال عبد الناصر في معاهدة كامب ديفيد المخزية أرادت دوماً ممارسة دور التثبيط حيال العزيمة الفولاذية للمقاومة. في معاهدة كامب ديفيد اعترفت حكومة عربية رسمياً ولأول مرة بصهيونية الأراضي الإسلامية في فلسطين، وتركت توقيعها تحت سطور اعترفت بإسرائيل داراً قومياً لليهود.
وبعد ذلك وصولاً إلي معاهدة أوسلوفي سنة 1993 (1372 هجري شمسي) والمشاريع التكميلية الأخري التي أعقبتها والتي أدارتها أمريكا، وواكبتها البلدان الأوربية الاستعمارية، وفُرِضت عبأً على عاتق الجماعات الاستسلامية عديمة الهمّة من الفلسطينيين، انصبت كل مساعي العدوعلى صرف الشعب والجماعات الفلسطينية عن خيار المقاومة بوعود مخادعة جوفاء وإشغالهم بألاعيب صبيانية في الساحات السياسية. وسرعان ما تجلي عدم اعتبار كل هذه المعاهدات، وأثبت الصهاينة وحماتهم مراراً أنهم ينظرون لما كتب على أنه مجرد قصاصات ورق لا قيمة لها. كان الهدف من هذه المشاريع بث الشكوك والترديد في قلوب الفلسطينيين، وتطميع الأفراد عديمي الإيمان وطلاب الدنيا، وشلّ حركة المقاومة الإسلامية ليس إلا.
وقد كان المضاد لهذا السمّ في كل هذه الألاعيب الخيانية لحد الآن هوروح المقاومة لدي الجماعات الإسلامية والشعب الفلسطيني. لقد صمد هؤلاء أمام العدوبإذن الله، وكما وعد الله «ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز» فقد حظوا بالمعونة والنصرة الإلهية. لقد كان صمود غزة على الرغم من المحاصرة المطلقة نصراً إلهياً. وسقوط النظام الخائن الفاسد لحسني مبارك نصراً إلهياً، وظهور موجة الصحوة الإسلامية القوية في المنطقة نصراً إلهياً، وسقوط أستار النفاق والزيف عن وجوه أمريكا وبريطانيا وفرنسا، والكراهية المتصاعدة لشعوب المنطقة لهم كانت نصرة إلهية. والمشكلات المتتابعة والعصية على الحصر للكيان الصهيوني ابتداء من المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الداخلية إلي عزلته العالمية والكراهية العامة له حتي في الجامعات الأوربية، كلها من مظاهر النصرة الإلهية.
الكيان الصهيوني اليوم مكروه وضعيف ومعزول أكثر من أي وقت آخر، وحاميته الرئيسية أمريكا مبتلاة متحيرة أكثر من أي وقت آخر.
الصفحة الكلية والإجمالية لفلسطين طوال نيف وستين عاماً الماضية أمام أنظارنا حالياً. ينبغي تنظيم المستقبل بالنظر لهذا الماضي واستلهام الدروس منه.
ينبغي قبل كل شيء إيضاح نقطتين:
الأولي: إن دعوانا هي تحرير فلسطين وليس تحرير جزء من فلسطين. أي مشروع يريد تقسيم فلسطين مرفوض بالمرة. مشروع الدولتين الذي خلعوا علىه لبوس الشرعية «الاعتراف بحكومة فلسطين كعضوفي منظمة الأمم المتحدة» ليس سوي الاستسلام لإرادة الصهاينة، أي «الاعتراف للدولة الصهيونية بالأرض الفلسطينية». وهذا معناه سحق حقوق الشعب الفلسطيني وتجاهل الحق التاريخي للمشردين الفلسطينين، بل وتهديد حقوق الفلسطينيين الساكنين على أراضي 1948 . وهويعني بقاء الغدة السرطانية والتهديد الدائم لجسد الأمة الإسلامية وخصوصاً شعوب المنطقة. وهوبمعني تكرار آلام ومحن عشرات الأعوام وسحق دماء الشهداء.
أي مشروع عملياتي يجب أن يكون على أساس مبدأ: «كل فلسطين لكل الشعب الفلسطيني». فلسطين هي فلسطين «من النهر إلي البحر»، وليس أقل من ذلك حتي بمقدار شبر. طبعاً يجب عدم نسيان أن الشعب الفلسطيني كما فعل في غزة، سوف يتولي إدارة شؤونه بنفسه عن طريق حكومته المنتخبة في أي جزء من تراب فلسطين يستطيع أن يحرره، لكنه لن ينسي الهدف النهائي على الإطلاق.
النقطة الثانية: هي أنه من أجل الوصول إلي هذا الهدف السامي لا بد من العمل وليس الكلام، ولا بد من الجدّ وليس الممارسات الاستعراضية، ولا بد من الصبر والتدبير لا السلوكيات المتلونة غير الصبورة. ينبغي النظر للآفاق البعيدة والتقدم للأمام خطوة خطوة بعزم وتوكل وأمل. يمكن لكل واحدة من الحكومات والشعوب المسلمة والجماعات المقاومة في فلسطين ولبنان وباقي البلدان أن تعرف نصيبها ودورها من هذا الجهاد العام، وأن تملأ بإذن الله جدول المقاومة.
مشروع الجمهورية الإسلامية لحل قضية فلسطين ولمداواة هذا الجرح القديم مشروع واضح ومنطقي ومطابق للعرف السياسي المقبول لدي الرأي العام العالمي، وقد سبق أن عرض بالتفصيل. إننا لا نقترح الحرب الكلاسيكية لجيوش البلدان الإسلامية، ولا رمي اليهود المهاجرين في البحر، ولا طبعاً تحكيم منظمة الأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية. إننا نقترح إجراء استفتاء للشعب الفلسطيني. من حق الشعب الفلسطيني كأي شعب آخر أن يقرر مصيره ويختار النظام الذي يحكم بلاده. يشارك كل الفلسطينيين الأصليين من مسلمين ومسيحيين ويهود - وليس المهاجرون الأجانب - أين ما كانوا، في داخل فلسطين أوفي المخيمات أوفي أي مكان آخر، في استفتاء عام ومنضبط ويحددوا النظام المستقبلي لفلسطين. وبعد أن يستقر ذلك النظام والحكومة المنبثقة عنه سوف يقرر أمر المهاجرين غير الفلسطينيين الذين انتقلوا إلي هذا البلد خلال الأعوام الماضية. هذا مشروع عادل ومنطقي يستوعبه الرأي العام العالمي بصورة صحيحة، ويمكن أن يتمتع بدعم الشعوب والحكومات المستقلة. بالطبع، لا نتوقع أن يرضخ الصهاينة الغاصبون له بسهولة، وهنا يتكون دور الحكومات والشعوب ومنظمات المقاومة ويكتسب معناه.
الركن الأهم لدعم الشعب الفلسطيني هوقطع الدعم للعدوالغاصب، وهذا هوالواجب الكبير الذي يقع على عاتق الحكومات الإسلامية. الآن وبعد نزول الشعوب إلي الساحة وشعاراتهم المقتدرة ضد الكيان الصهيوني بأي منطق تواصل الحكومات المسلمة علاقاتها مع الكيان الغاصب؟ وثيقة صدق الحكومات المسلمة في مناصرتها للشعب الفلسطيني هوقطع علاقاتها السياسية والاقتصادية الجلية والخفية مع ذلك الكيان. الحكومات التي تستضيف سفارات الصهاينة أومكاتبهم الاقتصادية لا تستطيع أن تدعي الدفاع عن فلسطين، وأي شعار معاد للصهيونية لن يأخذ منهم على مأخذ الجد والحقيقة.
منظمات المقاومة الإسلامية التي تحملت في الأعوام الماضية أعباء الجهاد الثقيلة لا تزال اليوم أيضاً أمام هذا الواجب الكبير. مقاومتهم المنظمة هي الذراع الفاعل الذي بمقدوره أخذ الشعب الفلسطيني نحوهذا الهدف النهائي. المقاومة الشجاعة للجماهير التي احتلت ديارهم وبلادهم معترف بها رسمياً وممدوحة ومشاد بها في كل المواثيق الدولية. تهمة الإرهاب التي تطلقها الشبكات السياسية والإعلامية التابعة للصهيونية كلام أجوف لا قيمة له. الإرهابي العلني هوالكيان الصهيوني وحماته الغربيون، والمقاومة الفلسطينية حركة إنسانية مقدسة مناهضة للإرهابيين.
وفي هذا الخضم، من الجدير بالبلدان الغربية أيضاً أن تكون لها نظرتها الواقعية. الغرب اليوم على مفترق طرق. إما أن يتخلي عن منطق القوة الذي استخدمه زمناً طويلاً ويعترف بحقوق الشعب الفلسطيني، ولا يواصل أكثر من هذا اتباع المخططات الصهيونية التعسفية اللاإنسانية، وإما أن ينتظر ضربات أقسي في المستقبل غير البعيد. وهذه الضربات الشالة ليست مجرد السقوط المتتابع للحكومات المطيعة لهم في المنطقة الإسلامية، إنما يوم تدرك الشعوب في أوربا وأمريكا أن أغلب مشكلاتهم الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية نابعة من الهيمنة الأخطبوطية للصهيونية الدولية على حكوماتهم، وأن ساستهم يطيعون ويسلمون لتعسف أصحاب الشركات الصهيونية المصاصة للدماء في أمريكا وأوربا من أجل الحفاظ على مصالحهم الشخصية والحزبية، فسوف يخلقون لهم جحيماً لا يمكن تصور أي سبيل للخلاص منه.
يقول رئيس جمهورية أمريكا إن أمن إسرائيل هوخطنا الأحمر. من الذي رسم هذا الخط الأحمر؟ مصالح الشعب الأمريكي أم حاجة أوباما الشخصية للمال ودعم الشركات الصهيونية للحصول على كرسي الرئاسة في الدورة الرئاسية الثانية؟ إلي متي ستستطيعون خداع شعبكم؟ ماذا سيفعل الشعب الأمريكي يوم يدرك عن حق أنكم رضيتم بالذلة والتبعية والتمرّغ في التراب أمام أرباب المال الصهاينة، ونحرتم مصالح شعب كبير أمام أقدامهم من أجل البقاء في السلطة أياماً أضافية؟
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، إعلموا أن هذا الخط الأحمر لأوباما وأمثاله سوف يتحطم على يد الشعوب المسلمة الثائرة. ما يهدد الكيان الصهيوني ليس صواريخ إيران أو جماعات المقاومة حتي تنصبوا أمامه درعاً صاروخياً هنا وهناك. التهديد الحقيقي والذي لا علاج له هو العزيمة الراسخة للرجال والنساء والشباب في البلدان الإسلامية الذين لم يعودوا يريدون أن تتحكم فيهم أمريكا وأوروبا وعملاؤهم، ويفرضون عليهم الهوان.
وبالطبع، فإن تلك الصواريخ سوف تؤدي واجباتها متى ما ظهر تهديد من قبل العدو.
«فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون».
والسلام عليكم ورحمة الله.
?