العالم – مقالات وتحليلات
البيان الذي تلاه امس الجمعة العميد سريع امام تجمع ضخم للشعب اليمني في ميدان السبعين في العاصمة اليمنية صنعاء، نصرة لغزة المظلومة، تضمن نقاط في غاية الاهمية يجب الوقوف امامها وتوضيحها بشيء من التفصيل. فالمرحلة الرابعة من التصعيد اليمني، تتألف من شقين، الشق الاول، والذي بدأ تنفيذه منذ ساعة اعلان البيان، سيتم استهداف كل سفينة تدخل موانىء فلسطين المحتلة عبر البحر المتوسط، او اي منطقة اخرى، ستكون هدفا للقوات المسلحة اليمنية، بعد ان تم حرمان هذه السفن من المرور عبر البحر الاحمر وباب المندب وخليج عمان والبحر العربي والمحيط الهندي.
الشق الثاني من المرحلة الرابعة، وهو الاهم، سيدخل حيز التنفيذ في حال اقدمت قوات الاحتلال الاسرائيلي بدعم امريكي، على العدوان على رفح، حيث تقرر استهداف اي سفينة تدخل موانىء فلسطين المحتلة و تكسر الحصار المفروض على الكيان الاسرائيلي، وسيتم ايضا فرض حظر على الشركة وجميع السفن التي تشغلها، وسيتم منع عبور سفن هذه الشركة، البحر الاحمر وباب المندب وبحر عمان والبحر العربي والمحيط الهندي، واماكن اخرى، بغض النظر عن جنسيتها او وجهتها.
الهدف الاستراتيجي للتصعيد اليمني في مرحلته الرابعة، هو وقف العدوان الاسرائيلي الامريكي على غزة و رفع الحصار التجويعي عن اهلها. وهدفه التكتيكي، هو منع تنفيذ العدوان على رفح، و تعزيز ودعم موقف المقاومة في المفاوضات والعروض الملغومة التي تقدم لها من قبل الامريكي، عبر بعض الوسطاء العرب، بهدف انتزاع ورقة الأسرى الصهاينة، من يد المقاومة، بدون مقابل.
من رسائل اليمن، التي ارسلها الى الامريكي المتغطرس، من خلال هذه الخطوة الجرئية والشجاعة، هي ان عدوانكم، الى جانب بريطانيا، على الشعب اليمني الابي، لن يردع اليمنيين فحسب، بل زادهم ثباتا واصرار على موقفهم الداعم لغزة، فغزة لم ولن تكون وحدها، مهما طغى الامريكي. وان هذا الوقوف المبدئي الى جانب غزة، سيدفع الرئيس الامريكي بايدن وذنبه رئيس وزراء بريطانيا سوناك، الى العمل من اجل لجم نتنياهو وعصابته الصهيونية، ومنعهم من تعريض مصالح بلديهما في المنطقة للخطر، كما سيساهم هذا الوقوف البطولي الى جانب غزة، بعدم تجاهل امريكا لورقة المقاومة، في المفاوضات الجارية لوقف العدوان ورفع الحصار.
من اهم اهداف اعلان اليمن الانتقال الى المرحلة الرابعة في التصعيد، هو توسيع رقعة الحرب لتشمل البحر الابيض المتوسط، وهو توسيع يتعارض مع رؤية امريكا، التي تحاول حصر الحرب في غزة، ليستفرد الكيان الاسرائيلي بالمقاومة، فامريكا تعلم انه في حال دخل البحر المتوسط كميدان جديد للمواجهة، فهذا يعني ان الكيان الاسرائيلي، سيتم خنقه اقتصاديا، ف 80 بالمائة من تجارة هذا الكيان مع العالم، تتم عبر البحر، وهو ما يقرع ناقوس الخطر على وجود هذا الكيان، وهو اخشى ما تخشاه امريكا.
في حال اتسع نطاق المواجهة بين محور المقاومة من جانب والكيان الاسرائيلي وحليفتيه امريكا وبريطانيا من جانب اخر، فان المنطقة حينها ستكون مرشحة الى الانحدار الى حرب اقليمية، وهذا اخر ما تفكر به امريكا، التي اثبتت الاشهر السبعة الماضية، انها لم تعد صاحبة اليد الطولى في المنطقة، فهي الى الان فشلت في ردع رجال اليمن الاشداء، والمقاومة في العراق، والمنطقة. كما كشفت هذه الاشهر ايضا، ان امريكا هي من تقود العدوان على الفلسطينيين والعرب، وليس هناك من دليل اصدق من الاحتجاجات الطلابية في امريكا، التي حملت الحكومة الامريكية مسؤولية ما يجري من فظائع في غزة، فامريكا هي التي ترسل الاسلحة والاموال والجنود، وهي من ترفض وقف اطلاق النار، وهي التي تمنع المجتمع الدولي والمحافل الدولية، من معاقبة الكيان الاسرائيلي، عبر توفير مظلة سياسية له وتحصينه.
الشعب اليمني والقوات المسلحة اليمنية و حركة انصار الله، اثبتوا عمليا، عبر رفع شعار "وفاء يمن الأنصار لغزة الأحرار"، انهم حفظوا للعرب كرامتهم، التي كادت ان تندثر، فلولاهم و لولا احرار الامة من العرب، الذين انتظموا في محور المقاومة، لتمكن الامريكي من تحويل الانسان العربي والمسلم الى مسخ، يتحكم به الثنائي الامريكي الاسرائيلي، كيف شاء وانى شاء، بعد ان اعتقد خاطئا، ان بامكانه تحقيق هذه الغاية عبر تدمير العديد من الدول العربية ،وتفكيك جيوشها، فاذا بعنقاء المقاومة تخرج من بين دمار هذه الدول، لتقول للمحتل والمعتدي الامريكي، ان كل ما فعله خلال العقدين الماضين ليس سوى "كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى".
أحمد محمد