العالم – كشكول
بات واضحا، ان يقين وشك أمريكا ازاء كل ما يحدث في ايران، لا علاقة لهما بالواقع وما يحصل فعلا فيها، فهما يقين وشك نابعان من رغباتها وتمنياتها ، وما تتمنى ان تسمعه عن ايران، حتى لو كان يتناقض مع البديهيات.
يبدو ان امريكا قد استعذبت دور المشكك بكل خبر يمكن يأتي من ايران، يضيف قوة الى قوة ردعها، ويحصنها امام اطماع الطامعين والمتربصين بها، حتى بات لسان حال امريكا يقول "انا اشكك اذن انا موجود"، واللافت ان هذ الشك الامريكي ازاء ايران، لم يوصلها الى "اليقين"، فهي تشكك من اجل ان تشكك فقط.
الشك الامريكي ازاء ايران بدا، مع اطلاق او صاروخ من انتاج العلماء الايرانيين، وذلك عندما اعلنت امريكا ان ايران تشتري الصواريخ من كوريا الشمالية، ولكن ومع مرور الزمن وبعد ان انتجت ايران صواريخ باعداد كبيرة، بقي الشك الامريكي على حاله، عبر القول ان ايران حصلت على تقنية انتاج الصواريخ من كوريا الشمالية.
نفس الشك الامريكي كان حاضرا، بشان البرنامج النووي الايراني السلمي، فهو شك طال قدرات ايران على انتاج اجهزة الطرد المركزي المتطورة، وتخصيب اليورانيوم بنسب عاليه، إلا ان امريكا بعد فترة من الزمن، بدات بالتوطؤ مع الكيان الاسرائيلي، بتنفيذ جرائم اغتيال جبانة استهدفت علماء ايرانيين، من اجل وقف تطور البرنامج النووي الايراني.
نفس الشك الامريكي، احاط بالمسيرات الايرانية، وان ايران لا تملك القدرة على انتاجها كما تعلن، ولكن اليوم وكلما يتعرض مكانا ما في العالم لهجوم بالطائرات المسيرة، نرى امريكا تسارع الى اتهام ايران، الى الحد الذي زعمت ان روسيا غيرت معادلة الحرب في اوكرانيا لصالحها بفضل المسيرت الايرانية!!.
الشك الامريكي المرضي، كان قد تضخم كثيرا، عندما اطلقت ايران اول صواريخها الى الفضاء، وكذلك عندما وضعت اقمارا اصطناعية في مدارات حول الارض ، وعندما نجحت في ارسال اول كائن حي الى الفضاء واعادته حيا، ولكن رغم كل هذا التشكيك، اعتبرت امريكا ان اطلاق ايران صواريخ للفضاء، يعزز من قدرتها العسكرية!.
اما شك امريكا فكان قويا ازاء منظومات الدفاع الجوي الايرانية، ولم تحاول ان تخرج من دائرة الشك هذه، حتى بعد ان اسقطت منظومة "سوم خرداد" الايرانية للدفاع الجوي، طائرة غلوبال هوك، التي تعتبر درة تاج الصناعات الامريكية، وتبلغ قيمتها ربع مليار دولار، بصاروخ ايراني على ارتفاع 20 الف متر، فور دخولها الاجوء الايرانية.
اما اليوم فهذه هي امريكا تخرج على العالم وتشكك بطوير ايران صاروخ فرط صوتي يتجاوز سرعته 5 اضعاف سرعة الصوت، وبامكانه اختراق جميع منظومات الدفاع الصاروخي، وليست هناك من تكنولوجيا قادرة على مواجهته حتى خلال العقود القادمة.
الحق يقال ان من حق امريكا ان تشكك بانتاج مثل هذا الصاروخ، فهذا الصاروخ له قدرة عالية على المناورة، وبامكانه ان يغير مساره أثناء التحليق بسرعة كبيرة، يجعل من الصعب تتبع حركته والتنبؤ به، وهو ما يعني تحول كل منظومات الدفاع الجوي، التي اشترتها دول المنطقة بمليارت الدولارات من امريكا الى خُردة، لذلك ستبقى امريكا تشكك وتظل تشكك، مادام الامر يتعلق بعناصر قوة ايران.. لذلك سنقول للامريكي كما قال الشاعر العربي طرفة بن العبد: "ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا .. ويأتيك بالأخبار من لم تزود".