العالم - ما رأيكم
لكنّ مع هذا الاهتمام الطبيعي المنصب على الملفات الداخلية، لم تكن السياسة الخارجية الأميركية غائبة عن عديد من القضايا الدولية والإقليمية ذات الأهمية بشكل متفاوت، ومن بينها ملفات وقضايا منطقة الشرق الأوسط الاستراتيجية بالنسبة لواشنطن.
خبراء يرون أن بايدن منذ استلامه الحكم وحتى هذه اللحظة كانت الأولويات الاساسية عنده هي مواجهة الانقسام المجتمعي الكبير الذي حدث نتيجة الصراع الذي كان مع ترامب، وبنفس الوقت محاولة معالجة كل القرارات المتهورة التي اتخذها ترامب خلال الفترة الاخيرة والغاؤه عشرات القرارات التي اتخذها ترامب والعودة الى كل الهيئات الدولية وعودة امريكا الى المجتمع الدولي بالشكل الذي يراه الديمقراطيون وليس بالشكل الذي كان يراه ترامب واسلوبه وطريقته.
ويوضح الخبراء أن بايدن واجه العديد من الازمات وأولها موضوع كورونا، وادارته الجيدة في التعاطي مع كورونا عملت له نوعا من الشعبية التي تجاوزت نحو 53% في اول 100 يوم، وان المسألة الاخرى لدى بايدن هي الموضوع الاقتصادي الاميركي، هذه الاولوية الاميركية الاساسية نتيجة الركود الاقتصادي بسبب كورونا، حيث سعى الرئيس الاميركي الى مواجهة هذا الركود.
ويرى هؤلاء أن الاولوية الثانية لبايدن هي اظهار وجه جديد لاميركا او العودة الى الوجه السابق، كذلك موضوع المواجهة مع الصين ومحاولة تأجيل او منعها من ان تكون هي القطب الثاني على مستوى العالم، بالاضافة الى موضوع الصراع مع الروس، بنفس الوقت موضوع الملف النووي الايراني والسعي الجدي الاميركي للعودة الى الملف مع محاولة الحصول على شيء ما، الذي تتم مواجهته بالصمود الايراني.
وفي موضوع سياسة الولايات المتحدة في منطقة الشرق الاوسط، يرى الخبراء ان الاولويات عند القيادة الديمقراطية الجديدة هي موضوع البرنامج النووي الايراني بشكل اساسي، اما فيما يخص الموضوع الاسرائيلي فلا يوجد هناك فرق كبير بين الجمهوري والديمقراطي في هذا الموضوع، والخلاف الوحيد حول هذا الموضوع هو حول الآليات والطرق، ولكن لا احد منهم مستعد للخروج من التحالف مع الكيان الاسرائيلي او المحافظة على التفوق الاسرائيلي.
ويؤكد هؤلاء الاسرائيلي يتوجس اليوم من التغيرات في احداث المنطقة، فالاسرائيلي يتخوف من انه اذا عادت الولايات المتحدة الامريكية الى الاتفاق النووي فماذا سيكون مصيره، مشيرين الى أن ما سيحدث في الفترة القادمة لن تفرضه لا اخلاقية الادارة الاميركية ولا اي اخلاقية ثانية، ومن سيفرضه هو الواقع الجديد وموازين القوى الجديدة التي فرضت في المنطقة.
محللون رأوا أن هناك بعض التغييرات الايجابية والسلبية في سلوك الادارة الاميركية، فأثناء الانتخابات الاميركية وكان هناك احتمال كبير لوصول ترامب من جديد الى البيت الابيض كان في روسيا عدة تساؤلات حول امكانية تمديد اتفاقية ستارت1، وبعد فوز جو بايدن توصلوا الى هذا التفاهم بشكل سريع جدا وتم تمديد الاتفاق.
كما ان هناك تغيرات ايجابية فيما يخص الاتفاق النووي الايراني، وتجري مفاوضات في فيينا، ووفقا لبعض التصريحات فإن هذه المفاوضات تتقدم، لذلك هناك نقاط ايجابية.
لكن في نفس الوقت، يوضح المحللون، هناك عدة قرارات اتخذها ترامب في السابق ولا يوجد تراجع عنها من قبل بايدن من بينها القدس والقضية الفلسطينية الاسرائيلية بشكل عام، والصحراء الغربية بالاضافة الى بعض الملفات الاخرى، ولذلك فإن بصمة ترامب لا تزال موجودة بشكل او بآخر.
وبخصوص الاتفاق النووي الايراني، فإن ما نشهده في فيينا من مفاوضات هي ليست بسبب ان الولايات المتحدة الاميركية تسعى الى الرجوع بشكل حقيقي لهذا الاتفاق، بل أن السبب الرئيس لهذه المفاوضات هي ان ادارة بايدن تسعى لإعادة بناء علاقات جيدة وبناءة مع حلفائها في اوروبا التي هي مهتمة بإعادة التعاون الاقتصادي مع ايران قبل كل شيء، حسب ما يؤكد محللون.
وبخصوص افغانستان شكك محللون سياسيون بنية امريكا في الانسحاب الفعلي من هذا البلد، مشيرين الى انه يجب الانتظار الى العاشر من سبتمبر القادم لتبيين حقيقة الامر، لان ما يحدث الان مقتصر على تصريحات.
وبشأن سوريا يرى هؤلاء أن التوجه الاميركي هناك حتى الآن مجمد بشكل او بآخر، ولكن هذا لا يعني بأن هذه الاوضاع ستكون كما هي الآن طوال اربع سنوات، معربين عن اعتقادهم بأن سوريا هي منطقة حيوية بالنسبة لروسيا وان هناك احتمال للتصعيد في تلك المنطقة.
لكن المحللين رأوا أن ادارة بايدن فور وصولها اجرت تغييرات جذرية في سياستها بالشرق الاوسط، كالتسوية بين السعودية وقطر والتقارب التركي المصري وايضا هناك بعض المعلومات عن المفاوضات والمشاورات بين السعودية وايران في العراق، كل هذه الانباء ان صحت او لا هي مرتبطة 100% مع وصول ادارة بايدن للبيت الابيض.
فيما رأى مراقبون أن بصمات ترامب بالداخل والخارج الاميركي لا زالت قائمة، لكنها بدأت تدخل مرحلة نهايتها، وان سبب وجودها حتى اليوم هو قصر الفترة الزمنية لحكم بايدن والمتمثلة بـ100 يوم، بالاضافة الى تشعباتها التي تسبب بها ترامب مع العالم من خلال تخليه عن اقرب حلفائه وانطلق بمنطلق معين وهو "البزنس". الامر الذي نجم عنه اكثر من مرحلة فتور بالعلاقة الاوروبية الاميركية وعلاقة امريكا مع العالم.
ويعتبر المراقبون ان بايدن نجح لغاية الآن في الشأن المحلي اقتصاديا وبشأن الكورونا وبالعدالة العرقية وموضوع جورج فلويد، وموضوع الهجرة والمهاجرين عبر طرح مشروع قانون لمنحهم جنسية، مشيرين الى ان النجاح الداخلي مهم جدا ليكون له ظهير اساسي بالسياسة الخارجية.
وفي الشأن الفلسطيني يرى هؤلاء ان جزء اساسي من استراتيجية ادارة بايدن هو ان تلغي ما تصرف به ترامب، لان ما تصرف به ترامب بحسب رأي الديقراطيين لا ينسجم مع المصلحة الاميركية العليا وخصوصا بعلاقتها مع حلفائها بالمنطقة.
ويؤكد المراقبون أن امريكا تدافع وتقاتل اليوم من اجل ان تبقى هي القطب الاوحد في العالم وتقوده وتتحكم به، وبذلك خلقت الى امريكا والمصالح الامريكية اولوية جديدة تتقدم على اولوية الشرق الاوسط لكن لا تلغيها، الاولوية الجديدة هي المصلحة الاميركية في المحيط الهادي وفي بحر الصين وفي المحيط الاطلسي وبمناطق معينة وبمواجهة روسيا.
فما رأيكم؟
- ماذا حقق بايدن من حصاد المئة يوم على ولايته في السياسة الخارجية؟
- هل تخلص من تركة ترامب أم ابقى عليها مع تغيير في اللهجة والشكل ربما؟
- ما الذي تغير في مقاربة ادارته لملفات المنطقة لا سيما الايراني؟
- كيف كان تعاطيه مع تحدي الصين وروسيا كمنافسين استراتيجيين؟