العالم - سوريا
وکتبت صحيفة الاخبار اللبنانية انه خلال السنوات الماضية، استثمر تنظيم «داعش» الإرهابي سيطرته على غالبية مناطق انتشار النفط والغاز في سوريا، لتحقيق عائدات مثّلت دخلاً مالياً كبيراً له. وكانت الصحيفة قد نشرت، في تقرير سابق في العام 2015، أن سيطرة التنظيم الإرهابي على آبار النفط في دير الزور وريف الحسكة الجنوبي وَفّرت له إنتاجاً بما يراوح بين 240 ألفاً و300 ألف برميل شهرياً، وبواقع إنتاج يومي يزيد على 70 ألف برميل، من تلك الحقول فقط.
وبعد سيطرة «قسد»، بدعم من «التحالف الدولي»، على تلك المناطق، غابت أيّ أرقام أو إحصاءات دقيقة عن إنتاج النفط هناك، في وقت يشاهِد فيه السكّان يومياً قوافل من الصهاريج تَعبُر في اتّجاهات عديدة، انطلاقاً من مناطق سيطرة «قسد»، في ما يبدو أنه عمليات بيع وتهريب للنفط الخام. وفي ظلّ غياب أرقام دقيقة لحجم الإنتاج، كشفت مواقع إعلامية كردية أن «إنتاج الإدارة الذاتية من النفط وصل إلى 100 ألف برميل يومياً، تصل إيراداتها إلى مئات الملايين من الدولارات». إلا أن مصدراً فنّياً مطّلعاً على إنتاج آبار النفط في مناطق سيطرة «قسد» يوضح، في حديث إلى «الأخبار»، أن «هذا الرقم يزيد أحياناً أو ينقص، بحسب الحالة الفنّية للآبار، وغزارة إنتاجها، وقلّة الأعطال».
ويضيف المصدر أن «الكمية المنتَجة يومياً تصل إلى 80 ألف برميل بشكل شبه ثابت، من مختلف الحقول والآبار في الشرق السوري، مع زيادة يومية تتوقّف كمّيتها على الحالة الفنّية للآبار». ويكشف أن «كمّيات من هذا الإنتاج تُوزَّع في مناطق سيطرة قسد، بعد تكريرها في مصافٍ بدائية، والكمّيات الأخرى ترسَل إلى مناطق سيطرة الحكومة، أو تُصدَّر باتجاه العراق». ويُرجع ضعف الإنتاج في الآبار إلى «التدمير والأعطال التي طالت المحطّات والحقول والآبار، نتيجة قصف التحالف للمنطقة خلال سيطرة تنظيم داعش عليها»، مؤكداً أن «الجانب الأميركي يرفض دخول الورشات الحكومية إلى آبار النفط في دير الزور لمعاينتها والاطّلاع على الأضرار التي لحقت بها، وإمكانية صيانتها».
كما يلفت إلى أن «شركة النفط الأميركية، ديلتا كريسانت إينيرجي، لم تدخل بعد إلى مناطق سيطرة مايسمى الإدارة الذاتية، على رغم مرور نحو ثمانية أشهر على الإعلان عن توقيع اتفاق بهذا الخصوص». ويرى أن «سبب التأخير هو الحالة الأمنية غير المستقرّة لأرياف دير الزور والحسكة، ما يجعل مهمّة عمل أيّ شركة أمراً مستحيلاً، خاصة بعد الإعلان الأميركي عن التخلّي عن حماية المنشآت النفطية». وكانت وزارة الخارجية السورية أصدرت بياناً، في الصيف الماضي، تعليقاً على الإعلان عن توقيع اتفاق بين «قسد» وشركة نفط أميركية، أكدت فيه أن «هذا الاتفاق يُعدُّ سرقة موصوفة متكاملة الأركان، ولا يمكن أن يوصَف إلا بصفقة بين لصوص تسرق، ولصوص تشتري». واعتبرت الوزارة أن «هذا يشكّل اعتداءً على السيادة السورية، واستمراراً للنهج العدائي الأميركي تجاه سوريا، في سرقة ثروات الشعب السوري وإعاقة جهود الدولة السورية لإعادة إعمار ما دَمّره الإرهاب، المدعوم بمعظمه من قِبَل الإدارة الأميركية نفسها».
وفي هذا السياق، يكشف محافظ الحسكة، اللواء غسان حليم خليل، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «ميليشيا قسد تسرق يومياً من الحقول النفطية نحو 140 ألف برميل، ما يُعدّ اعتداءً على ثروات الشعب السوري»، مُبيّناً أن «السرقة تتمّ بطرق وأساليب مختلفة، وبمشاركة وتسهيل من الاحتلال الأميركي الداعم لهذه الميليشيا». ويلفت إلى «معلومات مؤكدة عن وجود خزّانات في منطقة طراميش القريبة من نهر دجلة في مدينة المالكية، يتمّ عبرها تهريب النفط باتجاه الأراضي العراقية».
ويضيف أن «أعداداً كبيرة من الصهاريج تَعبُر يومياً عبر معبر المحمودية غير الشرعي، باتجاه العراق أيضاً». ويتابع أن «كمّيات أخرى تَدخل إلى مناطق سيطرة الإرهابيين، فيما يَعبُر يومياً نحو 140 صهريجاً إلى مناطق سيطرة الحكومة، عبر تجّار محلّيين»، مؤكداً أن «الأميركيين يُعطون تعليمات لقسد بعدم توريد أيّ كمّيات نفط إلى مناطق سيطرة الحكومة، تطبيقاً لقانون قيصر». ويصف المحافظ هذه الأعمال بأنها «سرقة موصوفة لثروات الشعب السوري الذي يعاني من البرد والجوع، في وقت تُنهب وتُسرق فيه خيرات البلاد، وتُهرَّب خارج الحدود».