العالم - قطر
وانخفضت أسعار الغاز العالمية بعد شتاء دافئ وامتلاء المخزونات وتراجع الطلب بسبب جائحة "كورونا"، وفي ظل ذلك فإن مصدري الغاز يواجهون وضعا صعبا، خاصة الذين يعتمدون على صادرات الغاز.
وانهارت أسعار الغاز الطبيعي المسال لأقل مستوى على الإطلاق في آسيا بداية هذا العام، مع انخفاض استهلاك الطاقة في الصين بسبب انتشار فيروس "كورونا"، وقوض انخفاض الطلب من الصين الآمال بأن أكبر مستهلك للوقود في العالم سيستوعب فائض الإمدادات للحد من الاعتماد على الفحم.
وانخفضت أسعار الغاز في الولايات المتحدة كثيرا ولفترة طويلة حتى إن العديد من الشركات المنتجة للغاز الصخري تعاني لجمع الأموال، في حين تكافح شركات رائدة مثل "شيزابيك إنرجي" لتفادي الإفلاس.
كما وصلت أسعار الغاز في أوروبا والولايات المتحدة إلى أدنى مستوياتها منذ عام 1999.
وعن تأثيرات انخفاض الأسعار على دولة مثل قطر التي تعتمد على صادرات الغاز بشكل كبير، قال الخبير "رون أوزر" من شركة "ستاتار كابيتال"، ومقرها نيويورك، إنه "لا يمكن لسوق استيعاب الإمدادات الزائدة في ظل الطقس الدافئ ووباء كورونا، وهذا ما وضع قطر في وضع صعب للغاية".
وأضاف، أن الدوحة ستواجه قريبا خيارا صعبا إما تخفيض الإنتاج أو إطلاق حرب أسعار، مشيرا إلى أنها قد تفقد حصتها في السوق وتفسح المجال لأستراليا (لتكون أكبر دول مصدرة للغاز الطبيعي المسال).
كذلك تحذر وكالة "بلومبرج" من اندلاع حرب أسعار في سوق الغاز، وتقول إن "أكبر مصدر في العالم للغاز الطبيعي المسال (قطر) قد يدخل في معركة من أجل السوق بسبب ضعف الطلب وارتفاع تكاليف التخزين".
وأشارت الوكالة إلى أن قطر في فبراير/شباط الماضي بعد انتشار فيروس "كورونا" في آسيا قامت بإعادة توجيه شحنات الغاز من آسيا إلى أوروبا، لكن القارة العجوز تعاني الآن ضعفا في الطلب على الغاز بسبب الفيروس، إذ هوت مشتريات الطاقة في أوروبا بشكل حاد.
وفي السياق، قالت "ريستاد إنريجي" لاستشارات الطاقة إنه من المتوقع أن يهبط الطلب العالمي على الغاز الطبيعي حوالي 2% هذا العام مع تراجع أنشطة التجارة والصناعة وسط إجراءات العزل العام بسبب "كورونا".
وتوقعت "ريستاد إنريجي" أن يبلغ الطلب العالمي على الغاز 3878 مليار متر مكعب في 2020 انخفاضا من 3951 مليار متر مكعب العام الماضي.
وقبل تفشي فيروس "كورونا" كان من المتوقع أن ينمو الطلب إلى 4038 مليار متر مكعب.
وقال "كارلوس توريس دياز" رئيس أسواق الغاز في "ريستاد إنريجي": "2020 سيكون أول عام منذ 2009 لا يحدث فيه نمو في الاستهلاك.. هذه ستكون ضربة قوية لصناعة اعتادت على معدلات نمو سنوية تزيد على 3%".
وأضاف أن الغاز يبقى منافسا لمصادر أخرى للطاقة، خصوصا قطاع الكهرباء حيث استخدام الغاز ما زال مستقرا نسبيا في بعض الدول.
وتشير تقديرات إلى أن انتاج الغاز الطبيعي هذا العام سيبلغ حوالي 4000 مليار متر مكعب على أساس تراجع في نشاط الاستثمار في عمليات الاستكشاف والإنتاج.
وفي ظل هذا الوضع تملك الدوحة خيار تخفيض الإنتاج، لكن هذا من الممكن أن يقوض خططها المستقبلية، ففي يناير/كانون الثاني من العام الماضي كشفت قطر عن خطة لزيادة إمدادات الغاز من 77 مليون طن سنويا إلى 110 ملايين طن سنويا بحلول 2024، إلى 126 مليون طن سنويا بحلول 2027.
وفي حال نفذت الدوحة هذا الخيار فسيؤثر ذلك على الميزانية القطرية، وتقول "بلومبرج" بهذا الصدد، إن "انخفاض صادرات الغاز سيؤدي إلى تراجع إيرادات الميزانية في قطر".
ولا يستبعد خبراء أن تضطر قطر في نهاية المطاف إلى خفض إنتاجها، إذ إن تقليص الإنتاج سيساهم في دفع أسعار الغاز إلى الأعلى، وفق فضائية "روسيا اليوم".
وفي حال أشعلت قطر حرب أسعار في سوق الغاز، فمن الممكن أن تهوي الأسعار إلى مستوى دون الصفر كما حدث في سوق النفط العالمية في أبريل/نيسان الماضي.
وعن المتضررين من حرب الأسعار، يستبعد خبراء من تداعيات كبيرة لذلك على روسيا، إذ إن الغاز الطبيعي المسال يشكل حصة ضئيلة من صادراتها، أما الغاز الطبيعي الذي تصدره عبر الأنابيب فإن ذلك يتم عبر عقود طويلة الأمد وفي حال رفض المشتري الشراء فسيتعرض لغرامات كبيرة.
لذلك يرى الخبراء أن الولايات المتحدة، التي تسعى لتصدير الغاز المسال إلى أوروبا، ستكون أكبر المتضررين من حرب الأسعار.
المصدر: روسيا اليوم + نوفيستي