في هذا المضمار يمكن القول ان نسبة المشاركة الشعبية في هذه الانتخابات ستكون كبيرة جدا مقارنة بالدورات البرلمانية العشرة الماضية باعتبار ان مجلس الشورى الاسلامي يقف على راس السلطات في البلاد، وهو مطالب باتخاذ قرارات جوهرية ترتبط بمصير الجمهورية الاسلامية وتطلعاتها الاستراتيجية للمرحلة القادمة التي تحتاج فيها ايران الى برلمان متماسك وقوي ومنسجم ليكون بمستوى التحديات.
في هذا الخضم ثمة اربعة مشاهد هزّت ايران والمنطقة والعالم، الاول هو اغتيال القائد العام لقوات محور جبهة المقاومة الشهيد الفريق قاسم سليماني ومعه القائد العام لقوات الحشد الشعبي في العراق الشهيد الحاج ابو مهدي المهندس وصحبهما الكرام، والثاني هو مراسم التشييع المهيبة لجثامينهم الطاهرة في العراق وايران، والمشهد الثالث كان الرد الصاروخي القاصم الذي دكت به قوات الحرس الثوري قاعدتي عين الاسد والحرير، واضطرار اميركا الى ابتلاع هذه الصفعة المدوية بمرارة.
اما المشهد الرابع فقد كان نزول الشعب الايراني المجاهد الى الساحة يوم ١١ شباط ٢٠٢٠ تكريماً للذكرى السنوية الحادية والأربعين لانتصار الثورة الاسلامية وتزامنا مع هذه الاحداث المثيرة، مؤكدا وقوفه بصلابة خلف قيادة الامام الخامنئي وقواته المسلحة سيما الحرس الثوري، مسطراً بذلك تضامنا منقطع النظير مع الاهداف والسياسات الاستراتيجية الايرانية لمرحلة ما بعد اغتيال القائد الشهيد قاسم سليماني.
وازاء ذلك يدرك المواطنون الايرانيون اهمية دورهم في صناعة القرارات الكبرى عبر ايصال المرشح الرسالي الى مجلس الشورى الاسلامي ، المرشح الذي يتمسك حقاً بمبدأ (ولاية الفقيه) . كما انهم (المواطنين) سيكونون سداً منيعاً امام من يحاول التسلل الى البرلمان وهو ليس اهلا لذلك.
وفي الواقع ستكون عمليات التصويت ملحمة جماهيرية اخرى مطلوبة من اجل لجم المخططات والمؤامرات المعادية للثورة والجمهورية معزّزة بتجارب 36 عملية انتخابية شهدتها ايران طيلة 41 عاما.
من المتيقن ان ابناء شعبنا على علم بما ينبغي ان يؤدوه استعدادا للتطورات المستقبلية، وعيا منهم بانّ التحديات والمخاطر ستتزايد وتتوالى طالما ان ايران تخطو خطوات جبارة وتحقق منجزات تاريخية لا تتماشى مع اهواء زعماء (الاستكبار الاميركي ـ الغربي ـ الصهيوني) الذين بدأوا يفقدون صوابهم حيال ما توصلت اليه الجمهورية الاسلامية من انتصارات ومكاسب بالرغم من الضغوط والعقوبات والتهديدات المتتالية عليها.
ان هذا الواقع يعزز القناعة لدينا بان الانتخابات التشريعية الحادية عشر ستختلف عما سبق نظرا لان الشعب الايراني الذي سيحدد نتائجها بذكاء وبما يخدم رسم السياسات العريضة للبلاد، هو شعب يعيش المقاومة والتحدي والعنفوان اليوم اكثر مما مضى وهو شاهد على المكانة المتعاظمة التي تتبوأها الجمهورية الاسلامية محليا واقليميا ودوليا، وبالتالي فانه لن يقبل بأي برلمان تسيطر عليه نزعات الاختلاف والضعف والتجاذبات الفئوية.
سيكون العالم غداً الجمعة 21 / شباط 2020 على موعد مع نهضة دستورية ايرانية شعبية تتناسب مع هيبة الجمهورية الاسلامية ، بلداً صنع استقلاله الحقيقي بسواعد ابنائه وحافظ على مبادئه بدماء شهدائه وهو يمضي قدما لاعلاء راية الحق دون ادنى خوف او وجل، لانه يتوكل على الله سبحانه وتعالى ولا يخشى احداً سواه.
حميد حلمي البغدادي