العالم - لبنان
دخل لبنان غلاف الخطر الحقيقي على مستوياته الاقتصادية والسياسية والمالية نتيجة الضبابية التي باتت تلف المشهد خاصة لجهة تمسك سعد الحريري بحكومة خارجة عن التوافق ونتائج انتخابات العام 2018 النيابية باصراره على حكومة تكنو قراط مستوحاة من ارشادات خارجية جل اهدافها غير المعلنة هو عزل افرقاء لبنانيين عن المشهد السياسي ومناولة الالتفاف عل خيارات الشعب التي حددها من خلال صناديق الاقتراع.
وتقول مصادر متابعة ان كلام رئيس الجمهورية اللبنانية بالامس عن صعوبة تشكيل حكومة تكنوقراط لما يحمل لبنان بتقسيماته السياسية.والديمغرافية لا يوفي بالغرض الوطني المطلوب انسحب اعتراضا موجها على الارض من خلال الاحتجاجات وقطع الطرقات وهي ليست بعيدة بحسب المراقبين عن ايحاءات داخلية مرتبطة باجواء الحريري وجنبلاط وانعكاسا للمد الخارجي الذي يسعى لاطالة امد الازمة اللبنانية.
ومن هنا ترى مصادر على اتصال بسعد الحريري ان الاخير قد يكون رهين قَدَر آل الحريري الذين دائماً كانوا يراهنون على الوقت. مِن رفيق الحريري إلى سعد الحريري، قصة انتظار لا تنتهي. أو بالأحرى، ينتهي العمر ولا تنتهي!
ويقول احد السياسيين يصعب أن تبرم اتفاقاً اليوم مع سعد الحريري لسبب بسيط، وهو: ليس هناك "سعد الحريري" واحدٌ حالياً. لذلك، عبثاً تحاول الاتفاق معه
هناك سعد الحريري الفرنسي، أخُ إيمانويل ماكرون خليفة جاك شيراك في حمل الأمانة الحريرية. هو الذي كان يودّ أن يواصل دعمه بباريس 3 و4 و5… من دون شروط إصلاحية قاسية كتلك المفروضة اليوم. وهو الذي أنقذه من أزمة تشرين الثاني 2017 وعاد به إلى السراي.
و هناك سعد الحريري الشريك في صفقة 2016، مع عون وبري و"حزب الله" وآخرين. وهذا هو الذي تعرّض للضغط الشعبي، وللتشجيع الأميركي والسعودي، لكي يستقيل ويقلب الطاولة ويُسقِط التركيبة.
و هناك سعد الحريري السعودي - الأميركي الذي تبلّغَ مراراً أنّ عليه القيام بمهمّة حسّاسة، وهي الحدّ من نفوذ "حزب الله" بالتعاون مع قوى 14 آذار، بقدر ما يستطيع القيام بذلك.
ويتابع السياسي اللبناني ايضا هناك سعد الحريري المفقود، أي وريث الرئيس رفيق الحريري، الذي لا يريد إلا بناء زعامة سنّية لبنانية على مستوى البلد ككل. وهذا هو حلم الحريري الإبن كما كان حلم الحريري الأب.
وبناءً على هذه الصورة، يتصارع الحريري مع نفسه قبل أن يتصارع مع الآخرين. ويريد تظهير نفسه في واحدة من الشخصيات الأربع لكي يرتاح ويدرك طريقه، لكن ذلك ليس في يده. فالأمر يحتاج إلى إنضاج قد يكون طويلاً ومريراً.
الفرنسيون الذين انطلقوا في مبادرة جديدة إزاء لبنان يشجعونه على أن يكون في صفِّهم. ولكن الأميركيين الذين ما وفّروا لحظة إلا أبلغوه بمواقفهم، هم الأقوى في النهاية ولا يمكنه إهمال مطالبهم، خصوصاً عندما يلتقون مع السعوديين.
وعلى الأرض، هو يتمرَّغ في التركيبة التي أعادته إلى السراي عام 2016. وهو يريد أن يترك شعرة معاوية بينه وبين الشركاء. فالتجارب السابقة علَّمته أنّ الرهانات الخارجية ليست مضمونة، وأنّ المعادلة الداخلية غالباً ما فرضت نفسها في نهاية المطاف.
لذلك، في تقدير العارفين، الحريري ضائع حالياً. وهو يراهن مجدداً على الوقت. فالمعشوق المفضّل لديه هو الوقت. وفي أي حال، اعتاد اللبنانيون إجمالاً أن يعيشوا لعبة الوقت. والرئيس رفيق الحريري نفسه راهن طويلاً على الوقت منذ مطلع التسعينات: التسوية في الشرق الأوسط آتية ولبنان يجب أن يستعدّ لها ويواكبها. وتتابع المصادر: اليوم، يراهن الحريري على الوقت مجدداً. لكنّ المشكلة التي يعيشها تكمن في أنّ الوقت المتاح له كان يقاس في السابق بالسنوات، وأما اليوم فيقاس بالأيام. فقد جرى استنفاد الوقت إلى حدّ بعيد. وصار الرجل مرغماً على الاختيار سريعاً. وهذا ما ليس قادراً على القيام به حسب المصادر .
فهل سيجد الحريري ضالته السياسية ويحدد بقعة تموضعه في الازمة اللبنانية القائمة.
حسين عزالدين