العالم - تونس
وكان الرئيس التونسي التقى كلاً من راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، ونبيل القروي رئيس حزب قلب تونس، ومحمد عبّو الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي، وسيف الدين مخلوف الناطق باسم ائتلاف الكرامة، وزهير المغزاوي الأمين العام لحركة الشعب، فضلاً عن رئيس الحكومة ورئيس حزب «تحيا تونس» يوسف الشاهد، حيث تم الحديث عن «المشاورات الجارية حول تشكيل الحكومة وسبل الخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق أهداف الثورة»، وفق بلاغ أصدرته الرئاسة التونسية.
وبحسب القدس العربي، أثارت هذه اللقاءات ردود فعل متفاوتة داخل الطبقة السياسية، حيث دوّن عدنان منصر، الأمين العام السابق لحزب الحراك، تحت عنوان «هل من فرصة لتوافق جديد، حقيقي هذه المرة؟»: «هناك اليوم فرصة لبناء توافق حقيقي، اجتماعي وسياسي، بين كل الأطراف أو معظمها، بالتركيز على ما هو أهم من السجالات والصراعات. البلد لم يعد قادراً على تضييع مزيد من الفرص، ولا على تحمل خمس سنوات عجاف أخرى. هناك فرصة حقيقية لجعل أولويات الناس، هي نفس أولويات الأحزاب ومؤسسات الدولة».
وأضاف على صفحته في موقع «فيسبوك»: «وجود رئيس منتخب بما يشبه الإجماع، وعدم قدرة أي حزب على الإدعاء بأنه صاحب الفضل عليه، يحرر أهم مؤسسة سياسية في البلاد، ويجعلها قادرة على التعامل بموضوعية مع الفرقاء، لا بل أيضاً ممارسة تأثير معنوي عليهم جميعاً. هذه فرصة لبناء توافق سياسي حقيقي، يجعل الأولويات محددة على أسس موضوعية، ويحد من التنافر القاتل بين مؤسسات الدولة وأجهزتها. هذه فرصة حقيقية لمصالحة حقيقية بين الناس والدولة، وبين الناس والأحزاب، لا يجب أن تضيع هذه فرصة للتقدم وتحقيق القفزة النوعية على كل الصراعات الثانوية والمبالغات والتهويل الذي ساد الساحة طيلة ثماني سنوات، هذه فرصة للنضج».
وكتب الباحث والناشط السياسي الأمين البوعزيزي: «إن لم تتشكل حكومة حرب على أباطرة الفساد من داخل منطق الديموقراطية ونتائجها واستُعيض عنها بحكومة أمر واقع تهندسها غرف وشخوص العصابات الجريحة، سنحمّل كل الديكة الحزبية المتصارعة مسؤولية ذلك. وسنحرض عليهم جميعاً وتطييح قدرهم المهزوز أصلاً».
وأضاف الوزير السابق، سليم بن حميدان: «يحتاج تكوين الحكومات الائتلافية إلى قيادات وطنية أكبر من الحسابات الحزبية والأيديولوجية والصبيانية»، مشيراً إلى أن الرئيس السابق منصف المرزوقي «استدعى في قصر قرطاج كلاً من رئيس لجنة المصادرة والمكلفة العامة بنزاعات الدولة؛ لحثهما على مكافحة الفساد دون هوادة ودون ظلم، وتحققت عقب ذلك اللقاء نقلة نوعية في وتيرة العمل تجسدت في مضاعفة عدد قرارات المصادرة وإطلاق يد جهاز المكلف العام بما لم يعرفه من استقلالية طيلة تاريخه منذ النشأة وإلى حد اليوم. لا أنتظر من الرئيس قيس سعيد إلا أن يحذو حذو المرزوقي؛ لأن الأقل لا يليق به والأكثر مستحيل عليه».
فيما اعتبر حاتم العشي، القيادي في حزب تحيا تونس، أن أحزاب قلب تونس والتيار الديمقراطي وتحيا تونس «لن يكونوا جزءاً من حكومة النهضة، ولكنهم سيصوتون لها، ومجموعها هي 51+38+22+14=125 نضيف لهم حوالي 15 نائباً من المستقلين، وهو في النهاية 140 صوتاً. واقتراح أن نسمح لحركة النهضة بالعمل لمدة سنة وبعدها، وفي آخر ديسمبر/كانون الأول 2020 نحاسبها، وإذا فشلت سيقع سحب الثقة منها. هذا رأيي وهذا ما تتعامل به الدول المتقدمة. فالتصويت غير مرتبط بالمشاركة في الحكومة، والذي له أمل في انتخابات تشريعية سابقة لأوانها بعد ستة أشهر ينسى هذا الحلم الكاذب، وستتكون الحكومة برئاسة مسؤول من حركة النهضة ووزراء من هذه الحركة ومن المستقلين والكفاءات، وبعد سنة تقع محاسبة الحكومة، تلك هي الديمقراطية التي تأقلمت معها جميع الأحزاب».
من جانب آخر، أكد رضا المكي، عضو «الحملة التفسيرية لبرنامج الرئيس التونسي»، أن كل السيناريوهات متداولة حالياً لتشكيل الحكومة سابقة لأوانها، مشيراً إلى أنه لا بد من الاحتكام للدستور التونسي، فـ»النصوص القانونية في الدستور واضحة وتفسّر مراحل تشكيل الحكومة وفرضياتها. وحفاظاً على هذا المكسب لا بد من المرور بما يقتضيه النص (…)، ومن السابق لأوانه الحديث حاليا عن حكومة الرئيس، وخاصة أن الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية من مسؤوليته تقديم رئيس حكومة (من داخل الحزب أو خارجه) وتشكيلها، وإن عجز عن ذلك نمر إلى نص آخر».
وتواجه حركة النهضة عقبات عدة تحول دون تشكيل الحكومة الجديدة، في ظل محاولة بعض الأطراف «ابتزازها» عبر التمسك بشروط «تعجيزية» مقابل المشاركة في الحكومة أو التصويت لصالحها في البرلمان.
وكانت الحركة أكدت أخيراً أنها «ستتشاور مع مختلف الأطراف المعنية، وفي مقدمتهم السيد رئيس الجمهورية؛ لتوفير أفضل المناخات المساعدة على تشكيل الحكومة في أقرب الآجال ومباشرة التحديات التي تنتظرها في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية».