العالم - سوريا
في 15 شباط 2018 كان موقع «مركز دمشق للأبحاث والدراسات – مداد» قد نشر نصاً مترجماً عن العبرية من ملف «تقدير الوضع الإستراتيجي الإسرائيلي الذي اعتاد معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي «آي إن إن إس» نشره كل ستة أشهر وجاءت فيه دراسة وتوصيات بقلم عوديد عيران أحد المسؤولين الإسرائيليين منذ السبعينيات في وزارة الخارجية الإسرائيلية والذي كان رئيس لجنة الشؤون الأمنية والخارجية في الكنيست البرلمان ثم أصبح سفير "إسرائيل" عام 1997 في الأردن ثم في حلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي وأصبح مديراً لمعهد أبحاث الأمن القومي حتى عام 2011.
في هذه الدراسة يوصي عيران «بتوطين اللاجئين السوريين في لبنان وعدم عودتهم إلى وطنهم وتوطين اللاجئين الآخرين السوريين في الأردن أيضاً»، ويقول بلغة واضحة عنصرية تجسد أخطر أنواع الفتنة المذهبية والطائفية والوطنية إن اللاجئين السوريين في لبنان «يمكن أن يغيروا ميزان الطوائف والمذاهب فيه لصالح فئة معينة ضد فئة أخرى، ويمكن للاجئين السوريين في الأردن تغيير الميزان الديموغرافي الذي يميل لصالح الفلسطينيين ليصبح في صالح أغلبية يزيد عددها على عدد الأردنيين من أصل فلسطيني».
ويبدو أن هذه التوصيات التي يريد عيران من الدول الغربية تبنيها بشكل واضح وصريح أصبحت تشكل أحد العراقيل التي تعترض عودة اللاجئين السوريين من الجوار اللبناني والأردني، فواشنطن ودول أوروبية أخرى تثير شكوكاً كثيرة في تعاملها مع اللاجئين السوريين في هاتين الدولتين لبنان والأردن وتحاول إجبار هاتين الدولتين على التمسك باستمرار وجود اللاجئين برغم أن سلطات الدولتين تفضل عودة اللاجئين السوريين إلى سورية بعد أن حرر الجيش السوري قراهم وبلداتهم من الإرهابيين.
ومع ذلك يبدو أن مؤتمر بروكسل الذي انعقد بمشاركة الدول المستضيفة للاجئين اتخذ نفس هذا المسار الغربي الإسرائيلي لمنع اللاجئين من العودة إلى سورية وظهر أنه يعرض 7 مليارات دولار كمساعدات للدول المضيفة وتبنت الأمم المتحدة هذا المشروع، وهي تعرف أبعاده الخطيرة على لبنان والأردن علماً أن اللاجئين السوريين لن يفضلوا البقاء في هذه الدول ولا الاعتماد على مساعدات الغذاء والمخيمات بعد أن عاد عشرات الآلاف منهم إلى حياتهم الطبيعية وممتلكاتهم في سورية.
من الواضح أن هذه الإغراءات المالية للدول التي تستضيف اللاجئين السوريين لن تخدم في النهاية إلا ذلك المشروع الإسرائيلي الذي يسعى إلى تقسيم اللاجئين السوريين في الخارج بعد أن أحبط الجيش السوري وحلفاؤه تقسيم سورية أو تقسيم الشعب السوري في الوطن!.
وهذا ما يدعو إليه عيران وتسعى واشنطن وبعض العواصم الأوروبية إلى فرضه، فمثل هذا المشروع الذي يعرضه عيران يشكل ضربة لكل من تحالف من بعض القوى اللبنانية مع واشنطن بل لن يكون بمقدور أي حكومة لبنانية أو أردنية التجاوب معه لأنه سيشكل نسخة تحمل الفتنة والخطر بطريقة يستحيل قبولها في هذه المنطقة، فالكل يعرف أن الكيان الإسرائيلي الذي أنشئ بموجب اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور لم يعد يرضي الحركة الصهيونية التي بدأت تطالب علناً بألا يبقى في كل الأراضي الفلسطينية سوى اليهود وحدهم بموجب القانون الأساسي الذي أقره الكنيست البرلمان الإسرائيلي «بيهودية الدولة».
فهذا المشروع التوسعي العنصري الإسرائيلي يريد أن يفرض سابقة في توطين اللاجئين السوريين في لبنان وكذلك في الأردن بل في تركيا لكي يبدأ بترحيل الفلسطينيين الذين أصبح عددهم في فلسطين المحتلة منذ عام 1948 وفي الضفة الغربية أكثر من خمسة ملايين، وهو يريد أن يفرض طريقة جديدة في تبادل السكان ومواقع التوطين لكي تتحول كل فلسطين إلى دولة لليهود وحدهم، ويعد ذلك جزءاً من الإستراتيجية التي يدعو لها عيران وتتبناها واشنطن ودول أوروبية لتوطين السوريين اللاجئين في لبنان والأردن وتركيا ومنعهم من العودة إلى بيوتهم وقراهم المحررة من المجموعات الإرهابية، لذلك أصبحت معركة سورية وكل حلفائها هي إحباط هذا المشروع الصهيوني الذي لا يمكن للبنان والأردن التعامل معه.
الوطن