العالم- تقارير
وتأتي هذه الخطوة بعدما أعلنت جيبوتي والمعروف هي "جنة القواعد العسكرية وعش للجواسيس حيث توجد فيها خمس قواعد عسكرية أجنبية" تأميم حصة شركة "ميناء جيبوتي" في الميناء والبالغة مقدار الثلثين.
وأعلنت رئاسة جيبوتي أنه بالتأميم المباشر لهذه الحصة فإن الدولة ستضمن سيطرتها على المرفأ "بعيدا عن تدخل أي شركة أجنبية"، وأن الهدف من قرار التأميم هو حماية المصالح الأساسية للبلاد ومصالح شركائها.
نزاع قضائي بين الإمارات وجيبوتي
تمتلك شركة موانئ دبي حصة الثلث في مرفأ "دوراليه"، وهي تخوض منذ ست سنوات نزاعا قضائيا مع حكومة جيبوتي بشأن الجهة التي يحق لها إدارة المرفأ.
ويأتي قرار التأميم بعد خمسة أيام من إعلان موانئ دبي عن إصدار محكمة لندن للتحكيم الدولي أمرا قضائيا يمنع شركة "ميناء جيبوتي" -المسؤولة عن إدارة "ميناء دوراليه" للحاويات- من إلغاء الاتفاقية مع الشركة الإماراتية.
وضمن أبرز فصول النزاع بين الطرفين، أعلن المفتش العام في جيبوتي حسن عيسى في فبراير/شباط الماضي أن إنهاء امتياز شركة "موانئ دبي العالمية" في بلاده لا رجعة عنه. ويقضي عقد الامتياز بأن تشغل الشركة الإماراتية محطة "دوراليه" للحاويات في ميناء جيبوتي لمدة خمسين عاما.
وأوضح عيسى أن قرار الإنهاء اتخذ بعدما استنفدت كل الطرق القانونية، مشيرا إلى أنه جاء لاسترداد حقوق جيبوتي التي أخذت بالتحايل من خلال اتفاقيات غير قانونية، وأن المحطة "لن تخضع مرة أخرى لسيطرة موانئ دبي"، الذراع الاقتصادية والإستراتيجية لدولة الإمارات العربية.
ووفق الإحصائيات الرسمية الجيبوتية، فإن موانئ البلاد تشهد يوميا عبور تسعين سفينة، تمثل القادمة من آسيا 59% منها، في حين تمثل السفن القادمة من أوروبا 21%، ومن القارات الأخرى بما فيها أفريقيا 16%.
وتكتسي جيبوتي أهمية إستراتيجية نظراً لأنها مطلة على باب المندب الذي يمثل طريقا رئيسيا للتجارة البحرية من آسيا والخليج إلى أوروبا. وأقامت عدة دول -بينها الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا والسعودية واليابان والصين- قواعد عسكرية فيها.
الصراع الإماراتي - الصيني على النفوذ في جيبوتي
خلال الأشهر الماضية، ظهر على السطح صراع بين الصين والإمارات على النفوذ في جيبوتي.
وهذا الصراع يظهر أن جيبوتي تكتسي بعدا إستراتيجيا بالنسبة لبكين.
وهددت شركة موانئ دبي - الذراع الاقتصادية والإستراتيجية للإمارات - باتخاذ إجراءات قانونية ضد جيبوتي والصين على خلفية إنشاء الأخيرة منطقة تجارة حرة دولية في محطة حاويات دوراليه على سواحل جيبوتي، حيث تزعم الشركة الإماراتية امتلاكها امتيازات تطويرها بموجب اتفاقيات سابقة.
جاء التحذير بعد إطلاق بكين المرحلة الأولى من أعمال إنشاء المنطقة التي يُخطط لها أن تكون الأكبر من نوعها في أفريقيا، وبعد أسابيع من إلغاء جيبوتي امتيازات الشركة الإماراتية التي تعود إلى عام 2004 وتمتد 50 عاما، بزعم أنها تنطوي على انتهاك صارخ لسيادة الدولة والمصالح الوطنية.
وبدعم من الصين افتتحت جيبوتي مشروعا ضخما يتمثل في منطقة للتجارة الحرة هي الكبرى في أفريقيا، وبدا المشروع بمثابة رد على تحركات الإمارات في البحر الأحمر ومحاولاتها محاصرة موانئ جيبوتي وعزلها.
لماذا ألغت جيبوتي العقد مع الإمارات؟
بحسب مسؤولين جيبوتيين، من الشروط المجحفة في العقد، منع توسعة مباني الميناء أو إقامة أي مبان جديدة، كما أن حصص التملك المتفق عليها لم تكن هي نفسها في توزيع الأرباح، فضلاً عن جعل الإدارة المالية في يد شركة موانئ جبل علي بمجموعة موانئ دبي العالمية، وهو ما اتضح تأثيره جليًا في نسب العوائد، إذ استحوذت الشركة الإماراتية على ما يفوق حصتها بمراحل.
وأكثر من ذلك، اكتشفت جيبوتي لاحقًا أن نسبة 20% من الأرباح كانت تذهب إلى كل من مدير الموانئ الجيبوتية سابقًا (المسؤول الجيبوتي عن إدارة الصفقة والمقيم في حاليًّا دبي) عبد الرحمن بوري، ورئيس مجلس إدارة موانئ دبي العالمية سلطان أحمد بن سليم، مما اضطر الحكومة الجيبوتية إلى رفع قضية لرد حقها عام 2012، كما لجأت إلى أبو ظبي التي أخبرتها أن هذا الأمر يخص حكومة دبي، ولا شأن لها به.
هكذا أشعلت حرب الموانئ التوتر بين دبي والصين، فقد أكدت "موانئ دبي العالمية" في بيان لها أن "استيلاء حكومة جيبوتي غير المشروع على المحطة لا يمنح الحق لأي طرف ثالث بانتهاك شروط اتفاقية الامتياز"، في إشارة إلى الصين التي لا يبعد ميناؤها الجديد سوى 5 كيلومترات عن دوراليه، ما يعزي البعض إلى أن الصين كانت وراء هذه الخطوة الجيبوتية.
*محمد حسن القوجاني