العالم - العالم الإسلامي
فاذا كان الهدف من هذا الهجوم المفاجئ الذي استهدف العاصمة هو الثأر من هزيمة حلب، وتعديل ميزان القوى العسكرية في ميادين القتال لمصلحة المعارضة المسلحة وفصائلها، وبإيعاز من الدول الداعمة مثل المملكة العربية السعودية وقطر، حسب ما تفيد بيانات الحكومة السورية واعلامها، وبما يعزز موقفها التفاوضي في جنيف، فان النتائج جاءت عكسية تماما، لانها صبت في مصلحة الوفد الحكومي، واعطت مصداقية لمطالبه في اعطاء الاولوية لبحث بند الارهاب وتقديمه على جميع البنود الثلاثة الاخرى مثل الحكومة الانتقالية، والدستور، والانتخابات.
الحكومة السورية خرجت قوية من هذا الهجوم المفاجئ، ليس لانها نجحت في احباطه، والقضاء عليه في ايام معدودة، وانما لانها ظهرت بمظهر الحريص على التمسك ايضا باتفاق وقف اطلاق النار، وترسيخه اكثر والبناء عليه، من خلال مشاركتها في مفاوضات الآستانة الذي قاطعتها الفصائل المسلحة المعارضة، وارسال وفدها الى جنيف للتأكيد على نواياها، التي يشكك في جديتها الكثير من المعارضين، بإعطاء الاولوية للحل السياسي.
في ظل احباط الهجوم على العاصمة وبسرعة فاجأت القوى التي ارادت ان تخلط الاوراق من خلاله، بات من الصعب توقع حدوث اي اختراق جدي في مفاوضات جنيف الحالية، خاصة ان القوى العظمى باتت منشغلة حاليا بجبهات اخرى، جبهتي الموصل والرقة...
استقالة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا كانت متوقعة، ليس لانه فشل في مهمته، وانما بسبب "الفيتو" الرسمي السوري الذي جاء على ارضية اتهامات له بتحريض المعارضة المسلحة على الاقدام على هجمات عسكرية مباغته تعدّل موازين القوى لصالحها في مفاوضات جنيف.
مفاوضات جنيف فقدت زخمها، والعملية التي انجبتها عادت، او اعيدت، الى بيات صيفي قد يطول، فاختيار مبعوث دولي جديد سيحتاج الى وقت طويل، وحتى يستوعب هذا المبعوث قواعد الازمة وابجدياتها وآلياتها، سيضطر للبدء من المربع الاول، والقيام بجولات استطلاعية مكوكية عديدة.
طبيعة المهمة التي وصلت من اجل انجازها الوفود المشاركة في مفاوضات جنيف ستتغير جذريا في الايام المقبلة، وستتحول من سياسية الى سياحية، وسيتقدم الحل العسكري على الحل السياسي...
* عبد الباري عطوان/ رأي اليوم
108-4