الملفت ان التحالف الامريكي الستيني جاء بعد قرارات مجلس الامن الدولي، التي اكدت وفي اكثر من مرة على تجفيف منابع تمويل الارهاب، واغلاق الحدود مع سوريا من قبل الدول المحيطة بهذا البلد لمنع تدفق الارهابيين، من والى سوريا، ومنع شراء وتهريب النفط والاثار السورية، ولكن وتبين بعد مرور كل هذا الوقت الطويل على القرارات الاممية، ان هذه القرارات بقيت حبرا على ورق، ولم تلتزم بها حتى الدول الموقعة عليه، او الدول المشاركة في التحالف الامريكي الستيني ضد “داعش”.
عدم جدية امريكا وحلفائها في مكافحة “داعش” ساهم في ان تجد “داعش” اراض واسعة تحت سيطرتها، وتشعر بذلك بالامان، وهو ما جعلها تخطط لتنفيذ هجمات خارج جغرافيتها، كما حصل في لبنان وفرنسا، وعدم الجدية هذه القى ظلالا من الشك على الحملة التي تشنها امريكا وحلفاؤها على “داعش” خلال كل الفترة الماضية، حيث بات واضحا ان هناك ارادة واضحة لدى اصحاب القرار في العواصم الغربية وفي مقدمتها واشنطن وباريس ولندن، بعدم الاسراع في استئصال “داعش”، التي كانت تنمو وتتمدد امام ناظرهم.
ثلاثة اخبار في غاية الاهمية تناقلتها وسائل الاعلام العربية والعالمية، بعد تفجيرات باريس، تؤكد ان ما كان يجري لحد الان، تحت يافطة التحالف الدولي لمحاربة “داعش” ليس الا مسرحية وضحك على الذقون، الخبر الاول كان مصدره واشنطن حيث اعلنت الادارة الامريكية انها وبعد احداث باريس شنت ضربات جوية ضد 175 هدفا على الأقل في المنطقة الرئيسية المنتجة للنفط التي تسيطر عليها “داعش” بهدف وقف مصدر تمويل رئيسي يقدر أنه يدر على “داعش” أكثر من مليون دولار في اليوم.
وجاء في تفاصيل الخبر ان وزارة الدفاع الامريكية اكدت إن الضربات الاخيرة التي نفذتها في سوريا ألحقت أضرارا كبيرة بقدرة “داعش” على تمويل نفسها، وتركزت على المنشآت النفطية قرب دير الزور والبوكمال والتي توفر نحو ثلثي عائدات”داعش”.
اما الخبر الثاني، فكان تصريح وزير الخارجية الأميركي جون كيري في مقابلة مع شبكة “سي إن إن”، حيث اعلن خلاله إن بلاده ستبدأ عملية مع تركيا للانتهاء من تأمين حدود شمال سورية، وان البلدين اغلقا 75 في المئة من الحدود التركية مع سورية وتبقى 98 كيلومتراً فقط.
اما الخبر الثالث فكان الاعتراف الواضح للامير الاردني الحسن بن طلال في مقابلة مع المحلل الامريكي روبرت فيسك، عندما سئل عن مصادر تمويل “داعش”، فقال بالنص:” ان لم تكن دول الخليج (الفارسي) فمن يفعل؟”، تاركا السؤال برسم الاجابة.
هنا نتساءل: لماذا لم تقصف امريكا والحلفاء قبل الان النفط “الداعشي”، الذي يعتبر المصدر الرئيسي لتمويله في سوريا والعراق؟، والى من كانت “داعش” تبيع النفط؟، الا يعني هذا ان التحالف الامريكي كان يراقب النفط السوري المهرب الى تركيا دون ان يفعل شيئا؟، الا يؤكد هذا ان التحالف الامريكي كان يكذب عندما يقول انه جفف مصادر تمويل “داعش” خلال كل الفترة الماضية؟، لماذا انتظر التحالف الامريكي كل هذه الفترة ليقصف الان “نفط داعش”؟
اما الصحوة الامريكية التركية المتأخرة لاغلاق الحدود التركية مع سوريا، ترى لماذا جاءت الان؟، ولماذا ترك هذا الثنائي الحدود مفتوحة على مصرعيها امام مئات الالاف من التكفيريين والمتطرفيين، وصهاريج النفط، والاثار، والبضائع والاسلحة، خلال كل الفترة الماضية؟، ولماذا لم يفكرا باغلاقه قبل الان؟ وماذا كان ينتظران؟
اما اعتراف الامير حسن، وان كان لا يغير من الحقيقة شيئا، فما قاله لا يضيف ملعلومة لما يعرفه الجميع، من ان اكثر اعضاء التحالف الستيني “نشاطا ضد داعش” من العرب وخاصة السعودية والامارات والبحرين وقطر، هم من اكبر ممولي “داعش” ماليا وتسليحيا واعلاميا، هنا نسأل: هل كانت امريكا تجهل هذه الحقيقة التي يعرفها الجميع، واكدها الامير حسن، الذي تعتبر تصريحاته في هذا الباب “وثيقة” لمكانة ودور الرجل؟، واذا كانت لا تجهل، ترى لماذا لم تضغط على “حلفائها في مكافحة داعش” ؟!!، اذا كانت امريكا تترصد على مدار الساعة كل الحساب في كل زاوية من زوايا المعمورة بحثا عن حساب يمكن ان مرتبطا بايران او حزب الله، لما اصبحت عوراء عمياء عن كل هذه الاموال الخليجية الضخمة المرسلة الى “داعش”؟
اخيرا من حق شعوب العالم، ان تشكك بالرواية الامريكية الغربية العربية بشان تحالفها ضد “داعش”، بل من حق هذه الشعوب ان تشك بوجود ارادة امريكية صهيونية تدير التوحش “الداعشي” من اجل تمزيق دول هذه الشعوب وتحقيق اهداف في غاية الخبث، لا تصب الا في صالح الكيان الصهيوني الذي يرقص طربا على اصوات الانفجارات “الداعشية” التي لا تحصد الا ارواح الابرياء وخاصة المسلمين.
* منيب السائح - شفقنا