وکما هو الحال في کل کارثة تؤدي بحياة المئات أو الآلاف من حجاج بيت الله الحرام سارعت السعودية منذ اللحظات الأولى وقبل رفع جثثهم ونقل الجرحى منهم وقبل أي تحقيق إلى تحميلهم المسؤولية واتهامهم بعدم المسؤولية بالتعليمات.. ثم تقول إنها فتحت تحقيقاً لما حصل.. وهكذا تمسي الضحية مذنبة والمتسبب غيرمسؤول عن إزهاق حياة مئات وآلاف البشر.
ويقول ولي العهد السعودي محمد بن نايف إنه أمر بتشكيل لجنة تحقيق عليا لمعرفة الحقيقة وإحالة النتائج إلى الملك سلمان بن عبدالعزيز ليعلن الأخير أنه ينتظر تسلم نتائج التحقيق وأنه أمر بمراجعة خطط تنظيم الحج حتى يتمكن الحجاج من أداء مناسك الحج بأمان.. وفي هذا اعتراف ضمني بفشل الخطط الحالية.
أما المتحدث الأمني لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي يقول إن الحاث وقع نتيجة تعارض الحركة بين الحجاج في تقاطع شارعين وارتفاع الكثافة مما أدى إلى التدافع، ثم يفسر أن ارتفاع درجة الحرارة والإعياء الذي كان عليه الحجاج نتيجة الجهد الذي بذلوه في المرحلة السابقة أسهم في سقوط عدد منهم.
لكن وزير الصحة السعودي خالد الفالح ينسب الحادث إلى عدم التزام بعض الحجاج بالتعليمات دون أن يحدد ما هي؟.. وفيما يغني كل مسؤول على ليلاه بين تناقض الروايات والتفسيرات السعودية تدحض الشهود العيان مزاعم آل سعود.
وكشف حاج جزائري في حوار لقناة الشروق: أن المشكلة هي "أنهم قفلوا علينا الممرات التي ترجعنا إلى خيمنا.. والمشكلة هي مشكلة تنظيم مروري بالدرجة الأولى.. وقع الاصطدام هذا بين من رجموا وعادوا وبين الذاهبين.. نحن أخذنا نمشي وبدأت الممرات تضيق وتضيق علينا.. وصار الذي صار.. رأينا الموتى والناس تدهسها.. وفي بعض الأحيان كان هناك 4 أو 5 موتى مكدسين فوق الآخر!".
فيما أشار حاج آخر إلى أن الجهات المنظمة لم تأخذ بعين الاعتبار توافد الناس بالاتجاهات المتعاكسة، منقداً أنه لم يكن هناك أي تنظيم.
أما المشاهد المصورة تظهر عن كثب صحة ما قيل عن حشر القوات السعودية للحجاج في شارع لا يتعدى عرضه عشرين متراً باعتراف إحدى وسائل إعلامها.. حيث احتجزت السلطات آلاف الحجاج خلف حاجز حديدي ريثما يمر موكب الأمير خالد الفيصل من على الجسر المقابل للحاجز.
وتظهر هذه اللقطات اللحظات الأولى للكارثة حيث تكدس الحجاج خلف الحاجز ومن ثم قيام السلطات عن عمد بتخصيص بوابة صغيرة وضيقة لتدفقهم.
كما ويلاحظ في اللقطات أن السلطات لم تسارع إلى تدارك الموقف في اللحظات الأولى، حيث سقط العشرات عند فتح الأبواب واستمر الحال إلى أن تفاقم الوضع ووقعت الكارثة.
09.25 FA