ما نقوله عن دفاع السعودية عن السفاح نتنياهو، ليس تجنيا على السعودية، او من باب الصاق التهم بها من باب الحقد والحسد، بل ان الذي انبرى للدفاع عن نتنياهو هو من أقرب المستشارين إلى الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وما قاله لم يكن تسريبا اعلاميا عن اجتماع سري، تقف وراءه جهات معادية للسعودية، فما جاء عن لسانه، كان لقاء مع قناة صهيونية معروفة.
الرجل هو انور عشقي، المقرب من الاسرة الحاكمة السعودية ومن اصحاب القرار فيها، والمستشار المفضل لملوك السعودية، والقناة هي القناة 24 الصهيونية، واللقاء كان على الهواء، وتمحور حول ايران “العدو المشترك” ل”اسرائيل” والسعودية.
من بين ما اقاله انور عشقي في هذا اللقاء، “نحن بحاجة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لأنّه رجل قويّ، وهو رجل منطقيّ كما هو واقعي أيضًا”، وكرر مقولته المعروفة ان “ايران هي العدو” …” إنّ طهران تُفكّر في إعادة بناء الإمبراطورية الفارسية من خلال التوسع في العراق وسوريّة وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط، وهي النقطة التي ستنطلق منها إلى أوروبا ومصر” .. “أنّ الأساليب التي يتبعها الإيرانيون لتحقيق هذه الأهداف تزعزع استقرار المنطقة”.
لسنا بحاجة للتذكير ان عشقي يعتبر احد عرابي التقارب، بل حتى التحالف، مع الكيان الصهيوني، لمواجهة “الخطر الايراني” الذي يهدد “الحليفين” “اسرائيل” والسعودية، كما انه من اكثر الشخصيات السعودية لقاء مع “زملائه الاسرائيليين”، وكلنا يذكر لقاءه بمدير عام وزارة الخارجية الصهيونية دوري غولد في حزيران/ يونيو الماضي، وهو لقاء تم بضوء اخضر كبير من قبل زعماء السعودية و”اسرائيل”، وتم التطرق فيه كالعادة الى “الخطر الايراني” الذي “يزعزع ” المنطقة، وضرورة التحالف من اجل مواجهته.
من المؤسف جدا ان يكون اشخاص من امثال عشقي هذا، مستشارين لملوك وامراء السعودية، ويبدو واضحا مدى التأثير السلبي، لمثل هؤلاء المستشارين، على السياسة السعودية في المنطقة، والتي تتحمل كامل المسؤولية عن الفوضى العارمة التي تضرب العديد من الدول فيها، بعد ان اصبحت، ووفقا للسياسة السعودية التي تعتمد على اراء امثال عشقي، “اسرائيل” المغتصبة لاقدس مقدسات المسلمين، “عامل استقرار”، ونتنياهو السفاح رجل “شجاع وواقعي”، وايران المسلمة المسالمة والجارة الى “عدو يزعزع استقرار المنطقة”، والقاعدة و “داعش” والتكفيريين، “ثوار ومعارضة وقبائل منتفضة”، والجيش اليمني والجيش السوري وحزب الله وحركة انصار الله، ميليشيا وشبيحة وانقلابيين.
السعودية، بهؤلاء المستشارين، وبهذه السياسة، وبهذه الرؤية “الاستراتيحية”، هي التي تقود العرب، وهي صاحبة قرار الحرب والسلم في الجامعة العربية، وهي المسؤولة عن كل ما يجري الان في الدول العربية، بقدرة ثروتها ونفوذها وارتباطها الوثيق بامريكا والغرب، ولا نعتقد ان مستقبل العرب في المدى المنظور سيكون افضل مما هو عليه الان، بل هو مرشح لما هو اسوء، بسبب السياسة السعودية السطحية وضيقة الافق، التي يرسمها امثال عشقي.
* نبيل لطيف - شفقنا