وقالت الصحيفة "الحكومة البحرينية حققت بعض التّقدم ذي المغزى في إصلاح حقوق الإنسان والمصالحة".
بهذه الصّيغة المرنة، بررت الولايات المتحدة قرارها برفع الحظر عن تصدير الأسلحة إلى قوة دفاع البحرين والحرس الوطني، والذي كان قد فُرِض في محاولة للضّغط على النّظام البحريني لإصلاح تكتيكاته العنيفة تجاه المحتجين.
وكجزء من هذه العملية، كان من المُتَوقّع قبول البحرين بالإصلاحات التي اقترحتها اللّجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وهي هيئة تابعت ونشرت التّكتيكات العنيفة المُستَخدمة من قبل النّظام ضد محتجي الرّبيع العربي.
إعلان الولايات المتحدة في 29 يونيو/حزيران عن استئناف مبيعات الأسلحة إلى البحرين يوحي بأن تراجع الحكومة البحرينية عن الدّرك الأسفل من العنف في فبراير/شباط ومارس/آذار 2011 كان مُرضِيًا، إذا لم يكن، على حد تعبير وزارة الخارجية الأمريكية غير "كافٍ" تمامًا.
لكن حتى حين كان موظفو وزارة الخارجية الأمريكية يصيغون ويحررون بيان رفع الحظر، كانت الحكومة البحرينية تبرز لإدارة أوباما عدم وجود أدنى اهتمام لديها بحمايات حقوق الإنسان والمصالحة السّياسية.
قبل إصدار القرار بأسبوعين، حكمت محكمة على الشّيخ علي سلمان، زعيم الجمعية المعارضة الوفاق، بالسّجن أربع سنوات على خلفية "التّحريض على الكراهية" و"إهانة مؤسسات رسمية"، وهي تهم رفضتها منظمة العفو الدّولية على نحو صريح. وفي اليوم الذي سبق رفع الولايات المتحدة للحظر، حكمت الحكومة على زعيم معارض آخر، فاضل عباس، بالسّجن خمس سنوات على خلفية تغريدة يدين فيها الحرب في اليمن.
وقبل مرور ثلاثة أيام على إصدار القرار، اعتقلت السّلطات البحرينية مجيد ميلاد، وهو مشارك آخر في الحوار الوطني السّابق، على خلفية تهم بـ "التّحريض على كراهية النّظام". وخشية من أن يعتقد أي مراقب عادي أن هذه السّياسات حزبية، تم الإفراج عن المدافع البارز عن حقوق الإنسان، اللاعنفي وغير الحزبي، نبيل رجب، لـ "أسباب صحية" غير محددة بعد مكوثه في السّجن منذ 2 أبريل/نيسان. وقد استهدفته السّلطات أيضًا على خلفية انتقاده غير المُرَحّب به للصّراع في اليمن.
وقد حصل هذا مع إعلان وزارة الخارجية الأمريكية أن المسؤولين البحرينيين كانوا "مساهمين في إيجاد بيئة أكثر ملاءمة لتحقيق المصالحة والتّطور".
على الرّغم من ذلك، أتى الرّد الأقل لطافة، على بيان وزارة الخارجية الأمريكية، في 11 يونيو/حزيران، حين اعتقلت وزارة الدّاخلية البحرينية ابراهيم شريف. في ذلك اليوم، اعتقلت السّلطات الأمين العام السّابق لجمعية وعد علي خلفية "التّحريض على الإطاحة بالنّظام".
كدليل على ذلك، ذكرت السّلطات خطاب العشرين دقيقة الذي ألقاه شريف في 10 يوليو/تموز. ودراسة كلمات شريف لا توضح شيئًا عن طريقة التّحريض أو الإعداد للانقلاب والمؤامرة، بل تبرز بدلًا من ذلك دعوته إلى المعارضة غير العنيفة والتي التزم بها أعضاء الحركة البحرينية الديمقراطية على مدى سنوات. مناداته بالمساواة في الحقوق وبنظام ملكي دستوري، وملاحظته عن كون سلطات الدّولة، لا أعضاء المعارضة، هي التي تمارس العنف، أثبتت تجاوزه للحدود بشكل كبير وفقًا لرأي الأسرة الحاكمة.
يجب أن يكون اعتقال شريف، الذي يأتي بعد ثلاثة أسابيع من الإفراج عنه، محرجًا بشدة لمسؤولي الحكومة الأمريكية. بعد كل شيء، "الإفراج مؤخرًا عن عدد من السّجناء المتهمين بجرائم تتعلق بتجمعهم وتعبيرهم السّياسي"، كان خطوة يُفتَرَض أن البحرين اتخذتها لجعل المصالحة والتّقدم أكثر ملاءمة.
غير مهم أن "السّجناء"، وهو اسم جمع، تسمية خاطئة، وأنّ النّاشطين من أجل حقوق الإنسان، مثل عبد الهادي الخواجة وناجي فتيل، لا يزالون قيد الاعتقال. غير مهم أن المواطن الأمريكي تقي الميدان لا يزال خلف القضبان، يعاني من التّعذيب وسوء المعاملة، على خلفية اتهامات لا أساس لها.
على ما يبدو، كان من المُفتَرَض أن يمثل ابراهيم شريف آلاف السّجناء السّياسيين الذين حشدتهم قوات الأمن في سجون مكتظة، قليلة الموارد، سجناء ينتظرون تدخلًا دوليًا لن يأتي على ما يبدو أبدًا.
بإعادة اعتقال شريف، أحبطت الحكومة البحرينية محاولتها الوحيدة للمصالحة في الأشهر الأخيرة. تم تبرير رفع الحظر عن تصدير الأسلحة، وجلب التزام حكومة الولايات المتحدة بإصلاح حقوق الإنسان إلى دائرة الشّك الجدي.
للأسف، قد يدرك المسؤولون في إدارة أوباما خطأهم الآن مع إعادة اعتقال شريف. عليهم أن يعرفوا أنّهم خسروا نفوذهم الأضمن لدفع الحكومة البحرين باتجاه تبني التّغييرات التي ستنهي الأزمة السّياسية وتحقق الاستقرار في مملكة جزيرة سيهز اضطرابها المنطقة.
لاستعادة هذا النّفوذ، ستحسن وزارة الخارجية الأمريكية فعلًا بالنّظر إلى تجربة البرلمان الأوروبي. في 9 يوليو/تموز 2015، اعتمد البرلمان قرارًا شاملًا يدين وضع حقوق الإنسان في البحرين، ويطالب الحكومة بمتابعة التزاماتها الواسعة النّطاق بالإصلاح. إضافة إلى ذلك، طالب القرار الاتحاد الأوروبي بحظر تصدير الغاز المسيل للدموع ومعدات السّيطرة على الحشود، والتي تستخدمها قوات الأمن على خلفية تأثيرها القاتل.
ولا يتوقف الاتحاد الأوروبي هنا، مع ذلك، يستشهد القرار بسلسلة وعود الإصلاح التي نكثت والانتهاكات الطّويلة الأمد التي يواصل المسؤولون البحرينيون ارتكابها. وهو يشير بحق إلى فشل الحكومة في تطبيق توصيات اللّجنة المستقلة لتقصي الحقائق، في حين يسلط الضّوء على قضايا النّاشطين المسجونين لمدة طويلة، والذين حُكِم على الكثير منهم بموجب أحكام القانون الشّامل لمكافحة الإرهاب، الصّادر عن الحكومة.
ما يفتقر إليه الاتحاد الأوروبي، ولكن تمتلكه الحكومة الأمريكية، هو الأدوات الثنائية لجعل حكام البحرين يأخذون إدانة مماثلة على محمل الجد. وبدلًا من تسوية صفقة عابرة لتبادل السّجناء، على الولايات المتحدة إجبار البحرين على تطبيق وعودها الدّولية الواسعة.
وفي حين تأخذ هذه الجولة من تصدير الأسلحة طريقها بالفعل، يجب أن تسبق إعادة الالتزام بتنفيذ توصيات اللّجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق اي اتفاق أمني مستقبلي بين البلدين. خلاف ذلك، سيقوض الفشل في الضّغط فعليًا على المسؤولين البحرينيين بكل الوسائل الممكنة كلّا من الاستقرار السّياسي على المدى الطّويل في البحرين والالتزام العالمي لأمريكا بحماية حقوق الإنسان.
حسين عبد الله- آي بي تايمز