ونقلت وكالة "الأناضول" عن محللين قولهم في أحاديث منفصلة إنّ حركة "حماس" التي لا تزال تسيطر على مقاليد الحُكم في قطاع غزة، ستبقى هي الجهة المسيطرة، على الأوضاع الأمنية والداخلية على "المدى البعيد".
وهددت "داعش"، في مقطع مصور بثته مواقع تابعة لهذه الجماعة الارهابية، بإسقاط حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة، بسبب عدم تطبيقها "الشريعة"، وممارستها التضييق الأمني على أنصار "داعش"، كما توعدت بجعل قطاع غزة واحدا من مناطق نفوذهم.
وتوعد عضو ملثم في "داعش" حركة حماس قائلا: "إلى طواغيت حماس (..) بإذن الله سنقتلع دولة اليهود من جذورها وأنتم و(فتح) وكل العلمانيين.. أنتم زبد زائل يذهب مع زحفنا وستحكم الشريعة في غزة رغما عنكم".
وتابع: "نقسم برب الكعبة أننا قادمون وسيكون مصير القطاع كمخيم اليرموك".
وسبق أن هاجمت "داعش" في نيسان/ إبريل الماضي، مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سوريا، واحتلت مساحات واسعة منه، لكن عادت وسحبت قواتها منه.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة في غزة عدنان أبو عامر، أن قطاع غزة سيبقى تحت سيطرة حركة "حماس"، ولن تتمكن أي جهات أخرى من التحكم فيه "بالقوة" وعبر إحداث "الفوضى" و"التوتر الأمني".
ويضيف أبو عامر أنه ما من احتمالية أن يحدث تغيير في الوضع السياسي والأمني في قطاع غزة في الوقت الراهن.
وتابع: "سيطرة جهات أخرى غير حماس في قطاع غزة، في ضوء قبضتها الأمنية المحكمة، غير وارد، كما أن حركة حماس تحظى بتوافق شعبي وجماهيري في مسألة الضبط الأمني، وعدم السماح لأي جهة كانت في بث الفوضى والعنف".
ويقول أبو عامر إنه وعلى بالرغم من أن قطاع غزة منطقة جغرافية صغيرة، وتعيش وسط تهديدات من أكثر من جهة، إلا أن ذلك لن يمنع حركة حماس من إحكام وتشديد قبضتها الأمنية، ومنع أي "أحداث" من شأنها أن تغير خارطة الوضع الأمني في غزة.
ولا تتوافر معلومات دقيقة حول حجم التأييد لـ"داعش" في قطاع غزة، ودأبت وزارة الداخلية هناك على نفي أي وجود للهذه الجماعة، لكنها تقول إنه "من الوارد والطبيعي كما في كل المجتمعات، أن يعتنق بعض الشباب الأفكار المتطرفة".
وفي التاسع عشر من كانون الثاني/ يناير الماضي، قام مناصرون لـ"داعش" بالخروج في مسيرة علنية جابت شوارع مدينة غزة الرئيسية، للتنديد بالرسوم المسيئة للنبي محمد (ص) في صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية.
وفي ظهورهم العلني الأول، وجه المناصرون التحية إلى زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي، وحملوا الرايات السوداء التابعة للجماعة الارهابية.
وبين الفينة والأخرى، تعلن مصادر أمنية فلسطينية، ومواقع محلية عن مقتل أحد الشبان الفلسطينيين من قطاع غزة، أثناء قتاله في صفوف جماعة "داعش" في سوريا والعراق.
ولا تتوافر معلومات دقيقة حول أعداد الفلسطينيين، الذي يقاتلون في صفوف التنظيمات الارهابية في سوريا والعراق.
غير أن صحيفة فلسطينية قالت في وقت سابق، إن نحو 100 شاب فلسطيني من قطاع غزة، يقاتلون في صفوف جماعة "داعش".
ويقول مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة إنه وعلى الرغم من حالة التوتر بين مناصرين لداعش، وحركة حماس، إلا أن الأخيرة ستبقى هي الجهة المسيطرة على مقاليد الحكم.
ويرى أبو سعدة، أنه ما من خطر حقيقي على حركة حماس أو قطاع غزة، من قبل الجماعات التكفيرية، أو مناصرين لجماعة "داعش".
وتابع: "موازين القوى تميل لحركة حماس، في كل شيء، سياسيا وأمنيا، لنفترض أننا نتحدث عن مئات المناصرين لداعش في قطاع غزة، في المقابل هناك آلاف العناصر من القسام والأجهزة الأمنية التابعة لها، ما يعني أن حركة حماس أقوى".
غير أن أبو سعدة لم يستبعد أن تقوم بعض الجهات المناصرة لـ"داعش" باللجوء إلى أعمال عنف أو أحداث إرهابية في غزة، وهو ما يستدعي "يقظة الأجهزة الأمنية بشكل كبير".
ويشهد قطاع غزة، مؤخرا توترا كبيرا بين حركة حماس، وجماعات تكفيرية تناصر "داعش"، وتشن الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية، حملات اعتقال في صفوفها.
وتقول حركة حماس، إن تلك الجماعات "خارجة عن القانون"، وتعمل على "زعزعة الأمن" في القطاع، وتتبنى أفكارا تكفيرية.
ويرى أبو سعدة، أن حركة حماس مطالبة بتفعيل الحوار الفكري مع مناصرين لـ"داعش"، ومنع أي تمدد لهم.
وفي وقت سابق نفى خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، أي وجود واقعي لجماعة "داعش" في قطاع غزة.
وأضاف الحية، في تصريحات صحفية له إن الحديث عن وجود جماعة "داعش" في غزة "مُضخم إعلاميا"، مشيرا إلى أن كافة المؤشرات والمعلومات الأمنية تدحض أي وجود لـ"داعش" على الأرض.
وتابع "رصيد داعش لا يتعدى التأييد من بعض الشباب الذي يتنقلون كل عام من راية لراية".
وتقول وزارة الداخلية إنها لن تتهاون مع أي جهة أو أفراد تسعى لنشر الفوضى والمس بأمن قطاع غزة، ولن تسمح لأي جهة كانت بأن تتجاوز حدودها.
ومن جانبه، يرى مصطفى الصواف الكاتب السياسي في صحيفة "الرسالة" المقربة من حركة "حماس"، أن "داعش" لن تستطيع أن تجد لها "موطئ قدم" في قطاع غزة.
ويضيف: "لا وجود عملي، ولا هيكلي لهذا التنظيم، قد يوجد من يناصره، ويؤيده، من بعض الشبان، لكن على أرض الواقع، حركة حماس تسيطر أمنيا ولا تسمح لأي جهة كانت بأن تقوم بالإخلال في الأمن".
وأكد الصواف، أن الفلسطينيين في قطاع غزة، يعطون ثقتهم الكاملة لحركة حماس، في ضبطها للأمن، وهو ما يعطيها حافزا للقضاء على أي مظاهر من شأنها أن تنشر الفوضى والفلتان.