اعلان الإمام الخميني ( قدس الله سره) يوم القدس العالمي في 7 أب / أغسطس عام 1979 ، كان حركة استباقية للتصدي لكل ما نشاهده اليوم من محاولات لطمس فلسطيني وطمس القدس ، في وحول الفتن الطائفية والفتاوى التكفيرية والحروب العبثية والجهاد المزيف والثوار المرتزقة والتعصب الاعمى والجهل المركب.
يوم القدس العالمي ، كشف حقيقة ان لا هدف للمسلمين حاليا الا القدس ، وما عدا هذا الهدف ، هو انحراف ودجل وكذب ورياء وخداع ، فلا تقوم للمسلمين قائمة ، وقدسهم ترزح تحت الاحتلال ، والصهيونية تستنزف قواهم وثرواتهم وخيراتهم ، فيوم القدس يوم لرفض اهداف الحكومات والاحزاب والتنظيمات والجماعات المسلحة والشخصيات والافراد ، التي لا مكان فيها للقدس ، فمثل هذه الاهداف لا ناقة للمسلمين فيها ولا جملا ، فهي تصب من الالف الى الياء في صالح الصهيونية.
يوم القدس العالمي ، يوم تأكد فيه الدور الريادي للكثير من علماء الامة الاعلام ، اصحاب الفكر النير الرشيد ، الذين كانوا بمثابة منارات تنير الدرب للمسلمين وهم يواجهون الظلام الطائفي المقيت ، عبر التحذير من الوقوع في فخ الفتن الطائفية ، والتاكيد على جعل القدس نقطة البداية والنهاية في التفكير والممارسة اليومية للجميع ، فوقفوا بذلك في وجه التيار التكفيري الجارف ، وحالوا دون طمس القدس ، وانقذوا الكثير الكثير من شباب الامة من السقوط في مهاوي الطائفية والصراعات العبثية ، بينما تأكد في هذا اليوم ايضا ، الدور الخبيث لعلماء السوء ومشايخ الفتن اصحاب الفتاوى التكفيرية ، الذين نالوا وللاسف الشديد من الروح الايمانية الصادقة للشباب المسلم ، ومسخت الالاف منهم وحولتهم الى حطب لنيران الفتن التي تستعر اليوم في ارض العرب والمسلمين ، بينما الصهيونية منشغلة ليل نهار في تهويد القدس ومحو اخر ما تبقى من اثار المسلمين فيها.
يوم القدس العالمي ، هو يوم الفصل بين رجال الله من المقاومين المجاهدين الصادقين ، الذين لم تنحرف بوصلتهم قيد انملة عن العدو الحقيقي للامة ، رغم كل رياح الفتن الطائفية العاتية ، فلايرون من عدو امامهم الا العدو الصهيوني المغتصب للقدس والمقدسات ، وبين رجال الشيطان من التكفيريين والطائفيين ، الذين لاعدو لهم الا المسلمين والمسيحيين الامنين ، ولاهدف لهم الا زرع الفتن والفوضى والاضطرابات والدمار والخراب ، اما العدو الصهيوني فلا اثر له في تفكيرهم وممارساتهم.
يوم القدس العالمي يحل علينا هذا العام والامة الاسلامية تعيش حدثين في غاية الاهمية ، الاول العدوان الصهيوني الاجرامي الوحشي على غزة ، حيث سقط خلال 15 يوما فقط اكثر 700 شهيد جلهم من الاطفال والنساء ، على يد العصابات الصهيونية ، لا لجريمة ارتكبوها الا لكونهم فلسطينيين، اما الحدث الثاني ، فهو العدوان التكفيري الذي يتعرض له العراق وسوريا ، حيث قتلت "داعش" في يوم او يومين نحو الفي شاب عراقي في الموصل وتكريت ، لا لجريمة ارتكبوها الا لكونهم مسلمين شيعة ، ان هذين الحدثين وتزامنهما مع يوم القدس العالمي ، يدفعا كل انسان حر الى المقارنة بين ما يجري في العراق وسوريا على يد المجاهدين المزيفين ، من اجرام وهمجية وعبثية ودمار ، حيث العدو هناك مسلمون ومسيحيون تحولوا بفتاوى التكفير الى "كفار" و"مرتدين" و"مشركين" ، وبين ما يجري في غزة حيث يسطر المجاهدون الحقيقيون ملاحم كبرى من الفداء للدفاع عن الارض والعرض ، وهم يتصدون لاشرس عدو عرفته الامة الاسلامية منذ قرون.
ويبقى يوم القدس العالمي يوما تبلى فيه سرائر الجميع ، من يؤمن بالقدس ايمانا صادقا ويناصر المقاومين ، ومن لا يؤمن بالقدس ويناصر التكفيريين ، فلا يمكن ان تكون ضد الصهيونية وتناصر التكفيريين ، كما لا يمكن ان تكون مع القدس وتناصب المقاومين العداء.
* ماجد حاتمي - شفقنا