رأى مسئول قسم الحريات الدينية في مرصد البحرين لحقوق الإنسان الشيخ ميثم السلمان أن الطائفيةَ في العالم العربي والإسلامي سياسةٌ موظفةٌ في بعض الدول والأقاليم من قِبَلِ ساسةٍ ليس لديهم التزام ديني أو مذهبي يستثمرون الطائفية ويوظفونها بصورةٍ انتهازية؛ وذلك للحصول على منافعَ اقتصادية ولصناعة اصطفافات اجتماعية تمكنهم من الحفاظ على النفوذ أو الوصول للسلطة السياسية.
وقال السلمان خلال مشاركته في ندوة في لندن حول “سياسة التطهير الطائفي في البحرين”: إن الحركة المطلبية في البحرين تسمو فوق الطائفية؛ فالبحرينيون تفاعلوا مع الربيع العربي وقد شكّل المشهد التونسي والمصري أكبر محفزٍ لهم للمطالبة بالحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان ؛ فالبحرين تعاني منذ أكثر من 43 سنةً من انعدام الديمقراطية وحرمان الشعب من تشكيلِ الحكومةِ التي يرتضيها، ومن انتهاكات ممنهجة للحريات العامة وحقوق الإنسان المكفولة في القانون الدولي.
وأوضح السلمان في الندوة التخصصية التي أقامها مركز الدراسات الأكاديمية حول الشيعة في مركز الإمام الخوئي في لندن عاصمة المملكة المتحدة بتاريخ 6 مارس 2014: لقد أدّى هذا الواقع السياسي المتخلف في البحرين إلى تفاقم التمييز الطائفي وتهميش المواطنين على أساس تطلعاتهم السياسية وخلفياتهم الاجتماعية وانتمائهم المذهبي.
وقال السلمان: وقد تجلى هذا التمييز بصورةٍ فاضحة وواضحة في تبني السلطة لاستراتيجية منع المواطنين الشيعة من الالتحاق بوزارتي الدفاع والداخلية. وأضاف: لقد وضعت السلطةُ خيار الطائفية لخلق اصطفافات طائفية محلية ودولية تمنح الشرعية لقرار السلطة بقمع الحراك الذي يطالب بانتقال البحرين من الديكتاتورية للديمقراطية الحديثة ؛ وذلك باعتبار أن الغالبية المعارضة هم من الطائفة الشيعية.
وأضاف: إن الطائفية تضعف المواطنة الجامعة والمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون، وتشرعن التمييز وتشجع الكراهية وتفسد البيئة المدنية الصالحة لرعاية حقوق الإنسان وصون الحريات العامة، وقد ساهمت السلطة في كل ذلك، إلا أنها فشلت بشكلٍ ذريع في إدارة التنوّع الثقافي والمذهبي والعرقي والذي ينبغي أن يكون مصدرَ إثراءٍ وتقدّمٍ ورفاهية للمجتمعات والدول لا مصدرًا للفتنة والتمييز والاضطهاد.
وأشار إلى أن الطائفية وتطبيقها في الدوائر الرسمية كقوة دفاع البحرين ووزارة الداخلية ووزارة العدل والشؤون الإسلامية والعديد من الدوائر الرسمية شكّلت مشهدًا واضحًا للمجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمراقبين الدوليين يبيّن مدى تجذر رواسي الطائفية المممنهجة في السلطة؛ مؤكدا أن البحرين تعاني من ثلاثة مستويات من الطائفية، وهي:
1. المستوى الأول: التمييز الطائفي، وهو معاملة الناس بشكل غير متساوٍ أو متكافئ بناءً على انتمائهم الطائفي. ومن الأشكال المصاحبة للتمييز الطائفي وضعُ الإنسان في مرتبةٍ مختلفة ومتدنية قياسًا بغيره من أبناء الطوائف الأخرى.
2. المستوى الثاني: الإقصاء الطائفي، وهو السعي لإقصاء المواطنين وتهميشهم وإبعادهم عن كل مواقع السلطة بناءً على خلفيتهم المذهبية، ويمثل هذا المستوى من الطائفية طريقاً للمستوى الثالث.
3. المستوى الثالث: التطهير الطائفي، وهو السعي لتطهير الدوائر الرسمية والعامة والخاصة من وجود طائفة محددة من المجتمع.
قال السلمان: إن التقارير المحلية والدولية تؤكد تبني السلطة للمستوى الثالث من الطائفية وهو التطهير الطائفي؛ فقد كشف تقرير دقيق حول التمييز الطائفي قُدِّمَ في أكتوبر 2013 عن إحصائياتٍ مهولة وأرقامٍ مقلقة حول التطهير الطائفي؛ فقد أظهر التقرير أن نسبة الشيعة العاملين في الديوان الملكي والحرس الوطني، وقوة دفاع البحرين، والمجلس الأعلى للدفاع، والمجلس الأعلى للمرأة، والمؤسسة الخيرية الملكية لا يتجاوز 1%.
وأردف: كما أظهر التقرير أن 15% فقط من المناصب الحساسة والمهمة في الشركات الكبرى المملوكة من قبل الدولة مثل طيران الخليج، والبنك المركزي، وتطوير، وبابكو، وبتلكو، وألبا، والفورملا 1، وديوان الخدمة المدنية يشغلها أفراد من الطائفة الشيعية. إن هذه الأرقام الخطيرة لا تشير إلى تفشي التمييز فحسب ؛ بل تؤكد وجود سياسة تطهير طائفي في بعض الدوائر الرسمية. وقال متسائلا: أيعقل وجود ٧ قضاةٍ من أبناء المذهب الجعفري فقط مقابل أكثر من 100 قاضٍ من المذاهب الأخرى المحترمة؟ ألا يشكل ذلك دليلاً على تفشي الطائفية في السلطة القضائية؟.
وختاما، دعا السلمان إلى ضرورة مراسلة المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة؛ لمطالبتها بإجراء تحقيق مستقل حول التمييز والتطهير الطائفي في البحرين.