هذه المشكلة لم تكن من اختصاص الغربيين فقط، بل وقع فيها حتى بعض اصدقاء الثورة.. لان حبهم سد اعينهم عن مشاهدة السلبيات الموجودة في ايران كأي مجتمع في العالم.. فالايرانيون بشر ولم يقولوا يوماً انهم ملائكة..
وهذه الصورة العقدية المتشددة عن ايران اضرت بها، لانها ستخلق ردة فعل عنيفة لدى من تأثر بها واستجاب لمنطلقاتها... ليجد في ايران فتيات يمارسن النينجا "والعياذ بالله!" ويتسلقن الجبال ويركبن الدراجات الهوائية... وشبان يتابعون اخر صرعات الموسيقى الغربية ومطاعم لا مكان فيها لذوي الدخل المحدود او "المستضعفين" وقد يصادفه سائق او بائع يغشه... فتزداد الطامة ويتحول الايرانيون بين عشية وضحها من "ملائكة منزهين" الى "شياطين مرجومين"!!
ابداً... هناك خلل في القراءتين ... الايرانيون شعب اختاروا مصيرهم سياسيا بارادتهم، في ثورة قل نظيرها في التاريخ، ثورة تكاملت فيها شروط الثورة الدينية، من قيادة واعية وايديولوجية واضحة ومتكاملة وشعب مؤمن بأفكار ثورته وسلامة قيادته، فغيرت وجه تاريخ المنطقة واثرت في المنظومة الدولية.
وفي ايران هناك موالاة ومعارضة، معارضة خارج النظام ومعارضة ضمن سقف النظام، وهذه حيثيات الديمقراطية او كما يطلق عليها في ايران "السيادة الشعبية الدينية"، فالدولة التي لايقوم فيها صوت آخر ... هي دولة اموات ومقابر.
نعم.. وفي ايران مشاكل اقتصادية وتضخم.. لكن الاقتصاد الايراني ذاتي في معظمه لايعتمد على الاستيراد في كل شيء. والاكثر من ذلك كله الشعب الايراني لم يفقد الامل بالتغلب على الصعوبات مهما كانت، لذلك حول الحصار والعقوبات الى دافع للانتاج والتصدير والمثابرة ولم يقف فقط متفرجاً يندب حظه في الحصار كما فعلت شعوب اخرى.
في هذه السلسلة من المقالات سوف احاول تسليط الضوء على جانب من الحياة الاجتماعية والثقافية والعلمية في ايران ان شاء الله.
مروة ابو محمد