وكانت ردود الفعل الامريكية والاوروبية على الخطاب الايراني مشجعا وايجابيا أفضت الى لقاءات مفيدة وايجابية بين الوفد الايراني والوفود الامريكية والاوروبية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة، ومن بعده في اجتماعات جنيف بين ممثلي ايران ومجموعة 5+1 والنتائج الايجابية التي تمخضت عنها هذه الاجتماعات.
كما ذكرنا، فإن ردود الفعل الامريكية والاوروبية على زيارة الرئيس روحاني وكلمته في الامم المتحدة كانت مشجعة وايجابية، اثارت حنق وغضب دول الخليج الفارسي العربية التي تدعي بأنها دول اسلامية ولا سيما السعودية التي تدعي حماية الحرمين الشريفين. وقد تمثل الغضب الخليجي من المحادثات الامريكية الايرانية، في خطوة السعودية برفضها تقبل العضوية غير الدائمة لمجلس الامن الدولي والتي تذرعت بازدواجية معايير مجلس الامن وعدم اتخاذها مواقف حازمة تجاه القضية الفلسطينية .
كان من الاجدر للنظام السعودي الذي يقيم الدنيا ولا يقعدها في الدفاع عن قيم الاسلام، بأن يتقبل الحوار الاوروبي الامريكي الايراني برحابة صدر، لا أن يحتج على الولايات المتحدة بسبب دخولها في حوار مع ايران، لان اي انفراج في العلاقات بين ايران والولايات المتحدة واوربا، سيكون في صالح منطقة الخليج الفارسي والشرق الاوسط وليس العكس .
فالغضب السعودي على الولايات المتحدة، كان سببه الرئيسي، هو بدء حوار جاد بينها وبين ايران، لان المعلقين السعوديين، اثاروا نقطة حساسة، لم يشر اليها مسؤولون سعوديون، وهي ان اي حوار بين ايران والولايات المتحدة واوروبا سيقلص من دور السعودية في منطقة الخليج الفارسي ويهمش هذا الدور وسيكون على حساب العرب وهذا ما لا ترضاها الطبقة الحاكمة في السعودية.
ولكن ايران، منذ أن تولى الرئيس حسن روحاني السلطة، اعلنت على الملا ان سياستها القائمة على الحوار تهدف الى اقرار الامن والسلام في المنطقة ولا تستهدف اي دولة، بل أن طهران اعلنت عن رغبتها في إقامة افضل العلاقات مع دول الخليج الفارسي، وهي الدول الجارة لها.
فالغضب السعودي من الحوار الامريكي الاوروبي الايراني ليس في محله، لان هذا الحوار لا يستهدف اي دولة من دول المنطقة ، بل انه حوار بين دولة فرضت عليها عقوبات اقتصادية ظالمة لعقود طويلة بسبب رغبتها في العيش حرة ودون التبعية للدول الاخرى، ودول كانت تدعي بانها تدافع عن السلام العالمي، والهدف من كل ذلك رفع العقوبات الاقتصادية والسماح لايران ان تعيش كما تريد، ان هذا الامر كان من المفروض ان يقابل بترحيب السعودية ودول الخليج الفارسي لا ان يغضبها .
فخوف دول الخليج الفارسي من دور ايران المتزايد في المنطقة، لا مبرر له، لان ايران وصلت الى هذا الدور بجدارة وفرضت نفسها على الجميع، وهذا ما جعل الولايات المتحدة والاوروبيين يعترفون بدورها الكبير في منطقة الشرق الاوسط ويدخلون معها في حوار ويطلبون منها المشاركة في حل قضايا شائكة في المنطقة ولا سيما الازمة السورية، بينما ترى الولايات المتحدة واوروبا بأن الدول العربية في الخليج الفارسي وعلى رأسها السعودية تستخدم اموال النفط للعب دور مخرب في دول المنطقة، حيث تدعم الارهابيين في سوريا بالمال والسلاح من أجل الاطاحة بالنظام السوري واقامة حكومة موالية لها، بينما الولايات المتحدة والبلدان الاوروبية تبحث عن مصالحها وتحاول ان تضمن هذه المصالح، وقد توصلت الولايات المتحدة خلافا لرغبة المسؤولين السعوديين الى هذا القرار بان حل الازمة السورية لن يأتي عن طريق شن حرب على النظام، وانما يأتي عن طريق الحوار، وهذا ما اغضب السعوديين وجعلهم يطلقون التهديدات بخفض مستوى التعاون مع الولايات المتحدة.
الولايات المتحدة ، تري اليوم ، بان مصالحها تقتضي الدخول في حوار مع ايران، وهي لا تكترث للتهديدات السعودية والخليجية، لانها ترى ان السعوديين والخليجيين يعتمدون على الدعم الامريكي في البقاء في الحكم، وان كل ما يصدر من تهديدات عنهم ما هي الا فورة غضب وينتهي بعد أيام ويعود كل شيء الى سابق عهده.
والجدير بالسعوديين وجيرانهم، أن يحتكموا الى العقل، وأن لا يتدخلوا في الشأن الايراني، ويدعو ايران وشأنها تعالج قضاياها بنفسها، وهي ليست بحاجة الى توصيات ونصائح من الاخرين، وعلى العرب من السعوديين والخليجيين ان لا يحشروا انوفهم في شؤون ايران، وان لا يصدروا احكاما بشأن علاقاتها مع الاخرين، وان يهتموا بشؤونهم الداخلية، لان ايران لديها إهتمامات عالمية كثيرة، ليس بينها الاهتمام بالدول العربية في الخليج الفارسي.
* شاكر كسرائي