ويستند قرار وزراء الاتحاد الاوروبي - إلى مزاعم مشبوهة روّج لها قبيل أيام على انعقاد جلسة الإتحاد الأوروبي، عن ظهور أدلة جديدة على تورّط حزب الله في تفجير "بورغاس" في بلغاريا الذي أوقع سبعة قتلى بينهم خمسة "اسرائيليين" في 18 تموز 2012، رغم ان الجنرال كريتشو كيروف، رئيس جهاز الاستخبارات البلغارية، كان قد أبدى منذ أسابيع حرجه من التصريحات التي أدلى بها وزير خارجية بلاده كريستيان فيجينين، والتي تتهم حزب الله بالوقوف وراء تلك التفجيرات، داعياً إياه لتوخّي الحذر في ما يتعلق بربط "منظّمات" بتفجير الحافلة لأن حزب الله "قد لا يكون متورطًا في هذا العمل الإرهابي".
وفي الوقت نفسه، كان الجنرال كيروف أيضا قد انتقد الموقف الرسمي لـ"إسرائيل"، الذي اتهم بعيد الهجوم مباشرة حزب الله، وقال كيروف "إن السؤال المعقول الذي يطرح نفسه أنه "إذا كان لدى إسرائيل أدلة قاطعة في هذا الشأن، فلماذا لم تقدمها لجهاز المخابرات البلغاري"، مضيفاً أنه "من الواضح حتى هذه اللحظة أن أحداً ليس لديه براهين موضوعية ونهائية حول تورط بعض المنظمات في هذا الحادث".
وسبق أن أعلن وزير الخارجية البلغاري كريستيان فيجنين أن "البراهين حول علاقة حزب الله بعملية التفجير التي حدثت في مطار بورغاس في السنة الماضية ليست قاطعة، وان الاتحاد الاوروبي لا يمكنه البناء على هذه البراهين في مسألة ادراج حزب الله على لائحة المنظمات "الارهابية".
إلا أن البارز كان الموقف الطارئ لوزير الداخلية البلغاري تسفتلين يوفتشيف قبيل جلسة الإتحاد الأوروبي بساعات، والذي قال فيه إنه "تم التوصل إلى أدلة جديدة تثبت تورط الحزب اللبناني في الهجوم الذي وقع قبل عام"، حيث رفض إعطاء المزيد من التفاصيل، مؤكداً أن "صوفيا تلقت مزيداً من المعلومات من أجهزة استخبارات أجنبية تشير إلى ضلوع حزب الله بالعملية". وإذ جزم أن المحققين لا يزالون عاجزين عن تحديد هويات منفذي الهجوم، أكد أن بلاده ستحتاج إلى مزيد من الوقت لإنهاء تحقيقها وإحالة القضية للمحكمة.
إذن القرار الاوروبي المتسرع ضد حزب الله لا يستند حسب مسؤولين بلغار الى إدلة دامغة وجديدة . فما سبب تسرع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في وضع الجناح العسكري لحزب الله على قائمة المنظمات الارهابية؟.
ان الاتحاد الاوروبي أقدم على هذه الخطوة ضد حزب الله ارضاء لاسرائيل لانه قرر الاسبوع الماضي وقف التعامل مع المستوطنات الاسرائيلية، حيث ادى هذا القرار الى هزة كبيرة داخل اسرائيل وسخط اسرائيلي على الاوروبيين ، حيث حاول الاتحاد الاوروبي بهذه الخطوة ارضاء اسرائيل والولايات المتحدة كما ان الضغوط الاسرائيلية والامريكية على الاتحاد الاوروبي جعلت الاوروبيين يرضخون أخيرا ويقرروا وضع حزب الله على قائمة المنظمات الارهابية.
التصريحات الاسرائيلية اظهرت بوضوح ارتياح المسؤولين الاسرائيلين من خطوة وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي إذ رحب رئیس الوزراء الصهیونی بنیامین نتنیاهو بهذا القرار وصفه بأنه ˈإنجاز للدبلوماسیة الإسرائیلیةˈ، وکشف فی تصریح أدلی به ونشرته الإذاعة الصهیونیة علی موقعها علی الانترنت ˈإن إسرائیل بذلت خلال السنوات الأخیرة جهودا کبیرة من أجل إقناع الدول الأوروبیة باتخاذ هذا القرار.
إذن تصريحات نتنياهو تظهر ان الاسرائيليين تمكنوا بعد جهد كبير من اقناع الاوروبيين باتخاذ هذا القرار وليس قرار الاتحاد الاوروبي قائم على ادلة دامغة وحجج ثابتة بل بسبب ضغوط اسرائيلية مستمرة .
كما ذکرت الإذاعة الصهیونیة العامة أن رئیس الکیان الصهیونی شمعون بیرس وجه رَسائِلَ إلی قادةِ الاتحادِ الأوروبیّ أَعْرَبَ فیها عنْ شکره وتقْدیرِهِ للقَرار الذی اتَّخَذَهُ الاتحاد بإدراجِ الجناحِ العَسْکریّ لحزب الله علی ˈلائحة الإرهابˈ.
ورحبت وزیرة القضاء فی الکیان الصهیونی تسیبی لیفنی بقرار الاتحاد الأوروبی، وقالت فی تصریح لها: ˈإننی أرحب بإعلان الاتحاد الأوروبی بأن حزب الله الآن مدرج فی لائحة المنظمات الإرهابیةˈ.
وأشاد وزیر الموارد المائیة والکهربائیة الصهیونی سیلفان شالوم بقرار الاتحاد الأوروبی، ووصفه بـˈالخطوة المهمةˈ، معتبرا أن من شأنها ˈالحد من عملیات الحزبˈ، وقال: ˈأن تأتی الخطوة متأخرة خیر من أن لا تأتی أبداًˈ.
بدوره رحب وزیر الحرب الصهیونی موشیه یعلون بقرار الاتحاد الأوروبی، ورأی أن من شأنه أن ˈیَضیق الخناق علی حزب الله، وَیَدْعَمُ الحرب ضده وکذلک یعزز التعاونِ الاستخباراتی بینَ الدُّولِ المختلفة ضد حزب اللهˈ.
السؤال الذي يطرح نفسه بالحاح هو: كيف يرد الاوروبيون على تساؤل المسلمين والعرب والفلسطينيين على وجه الخصوص عن موقف الاتحاد الاوروبي وخاصة وزراء خارجية الاتحاد بشان الارهاب الاسرائيلي طوال اكثر من ستين عاما وما قام به الصهاينة منذ احتلال فلسطين عام 1948 والى الان من قتل ملايين الفلسطينيين وتشريدهم وقمعهم وزجهم في السجون وتعذيبهم وكذلك اغتيال مئات القادة الفلسطينيين داخل الاراضي الفلسطينية وخارجها وخاصة في لبنان وسوريا والاردن ومصر والامارات وتونس والعراق وبلدان اوروبية ، وكيف يبررون صمتهم المريب تجاه جرائم القادة الصهاينة ومنهم نتنياهو وبيرز وليفني وغيرهم وهم الذين يتذرعون بالدفاع عن حقوق الانسان وحماية الحريات والديمقراطية.
لماذا لم يدن وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي الجرائم الاسرائيلية المستمرة منذ احتلال فلسطين وحتى الان وهم الذين اظهروا قبل ايام انزعاجهم من استمرار بناء المستوطنات الاسرائيلية ولكنهم اقدموا على الخطوة الاخيرة ضد حزب الله ارضاء للمسؤولين الاسرائيليين والامريكيين.
ان موقف وزراء الخارجية الاوروبيين يظهربوضوح انهم يكيلون بمكيالين عندما يتعلق الأمر باسرائيل ويحاولون بشتى السبل ارضاء المسؤولين الاسرائيليين مهما ارتكبوا من جرائم ضد الفلسطينيين و العرب والمسلمين .
*شاكر كسرائي