نبل والزهراء، بلدتين في ريف حلب تقطنها أغلبية شيعية برزتا من تحت الحصار الذي تعانيانه منذ 10 أشهر، لأن أهالي البلدتين "كفار" لم يدعموا "الثورة والجهاد"، وخُطف الأطفال والمسنين لأن ذلك جائز بعرف "المجاهدين"، وجاع السكان وقُصِفوا "شرعا" لتجريب الذخيرة التي تنالها المجموعات المسلحة عن طريق الحدود التركية، لأنهم ضد "دولة الخلافة".
يصمد الأهالي وسط ظروف قاسية للغاية، مع نقص في الموارد الغذائية والأدوية وطبعا الخدمات والمحروقات، وتروي مصادر أهلية من بلدة الزهراء ما يدور لـشبكة عاجل الإخبارية، وحسب المصادر فحصار المجموعات المسلحة بدأ على البلدتين في 23/7/2012 على خلفية الموقف السياسي لأهالي البلدتين.
لقد قطعت الطرقات الواصلة بمدينة حلب ذهابا وإيابا، وفيما بعد تزايد خطف الأهالي المنتمين إلى البلدتين والتنكيل بهم وتعذيبهم وصولا إلى قتلهم، أو إطلاق سراحهم مقابل فديات مالية.
الخطف للابتزاز السياسي وطلب الفديات
عمليات الخطف شملت الأطفال وكبار السن من الأهالي، وكانت هذه العمليات وفق المصادر، لغايات الحصول على فديات مالية والابتزاز السياسي، كما في حالة أبو حسن فواز البالغ من العمر 68 عاما، حيث أن أبناءه الثلاثة يخدمون في صفوف الجيش العربي السوري، وتم خطفه لإجبارهم على الانشقاق، وهو ما لم يحدث.
يتابع المصدر حديثه عن الخطف، كان وجيه تقي المسن المصاب بسرطان العظم، وتم خطفه من قبل ميليشيا "الحر" خلال سفره إلى حلب لتلقي جرعة علاج ليطلق سراحه فيما بعد مقابل فدية مالية.
وكذلك كان نصيب الطفل صابر حمادي "13 عاما" الذي كان يرافق والدته لإجراء غسيل كلاوي في حلب، فخطف على الطريق، فيما خطف الكثير من الأطفال في كروم القريتين كما في حالة حسن علبي الذي فقد ثلاثة من أطفاله في الكرم.
وهؤلاء المخطوفين اللذين بلغ عددهم 89 مدنيا، البعض منهم عاد بعد أن ذاق فنون التعذيب والتنكيل، وآخرون قتلوا ذبحا، وقلة استطاعت الهروب من أيدي المجموعات المسلحة.
عقابا لعدم تأييد "الثورة".. "الجيش الحر" يسرق الأغنام
وتقول المصادر أن عددا من الرعيان تم خطفهم على أيدي مجموعات مسلحة تابعة لـ "الجيش الحر"، منهم حسن السيد علي الذي خطف مع القطيع الذي يرعاه ويبلغ 125 غنمة، بحجة الوقوف ضد "الثورة والحرية"، وكذلك الراعي عادل كنعان الذي خطف وتم اطلاق سراحه بفدية.
حصار وجوع و"مخلل شوك"
بلغ الحصار ذروته حاليا بنقص الأدوية والأغذية الشديد، وكان يتم كسره خلال الأشهر الـ 10 الماضية عن طريق "تهريب" بعض المواد بأسعار مرتفعة بوسيلة الطرقات الجبلية واستخدام الحيوانات لنقل البضائع التي كانت أغلبها لنقل الطحين، مقابل مبالغ مالية مرتفعة، حيث يقول التجار أنهم يخاطرون بأرواحهم لإيصال المواد إلى الأهالي.
أما مروحيات التابعة للجيش، فكانت وحدها مصدر إيصال المساعدات بلا مقابل بين الحين والآخر، ومن بين هذه المساعدات أدوية وعقاقير طبية، توضح المصادر الأهلية.
وحينما تكتشف المجموعات المسلحة أسماء من يقوم بتسريب الغذاء إلى القريتين، فإن العقاب سيكون الموت، كما في حالة أبو خليل الكردي، ومرافقه لبو الذي قتل تحت تعذيب ما يسمى "لواء أحفاد عمر" بعد سرقة بضاعته.
تؤكد المصادر أن سعر كيس الطحين من زنة 50 كيلو غرام وصل إلى 10.500 ليرة، هذا في حال توافره، لذلك فقد عمد الأهالي إلى طحن الشعير وخلطه، تزامنا مع بدء الاعتماد على العشبيات و"تخليل" الشوك ليصبح مستساغا للأكل.
أما المحروقات فهي معدومة منذ بداية الحصار، فاعتمد الأهالي لأغراض التدفئة على قطع الأشجار أو لم الأعواد.
البضائع التركية المسمومة
وبعد الحصار، عمدت المجموعات المسلحة إلى جلب بضائع تركية منها البسكويت والبطاطا المعلبة وتمكين إدخالها للبلدتين، ليتضح فيما بعد أنها كانت مسمومة، وهو ما اكتشفه أحد أطباء قرية الزهراء في علكة تركية كانت محشوة بحبوب رجحت أنها للهلوسة.
أما الطفلة زينب حسن أحمد سلطان، فقد استشهدت متأثرة بالتسمم بعد تناول أطعمة تركية وردت في هذه البضائع.
حقل تجارب وقنص
الواقع الميداني وفقا لوصف المصادر الأهلية، بأن البلدتين أصبحتا حقل لتجارب المجموعات المسلحة بعد حصول الأخيرة على دفعات السلاح عبر الحدود التركية، فكلما صار لدى المجموعات المسلحة دفعات من القذائف والصواريخ المحلية الصنع يتم تجريبها عبر إطلاقها على منازل المدنيين في نبل والزهراء.
أما عمليات القنص فهي لا تتوقف على أطراف البلدتين، ويتخلل ذلك كله عمليات هجوم مكثف باستخدام الرشاشات المتوسطة من قبل جبهة النصرة على البساتين والكروم، والكلام دائما للمصادر.
أعمال خيرية للتعليم وشعبية للنظافة
يسيّر أهالي البلدتين المحاصرتين حياتهم اليومية عبر أعمال شعبية للنظافة في الشوارع، والأعمال الخيرية لتدريس الطلبة، فيما انعدم بشكل كامل تواصل الطلبة الجامعيين مع كلياتهم المتواجدة في محافظات أخرى.
وتؤكد المصادر أن الرواتب ما زالت تصل إلى الموظفين، فيتم تشاركها من قبل الأهالي فيما بينهم.
جبهة النصرة للمدنيين: "الجميع كفار"
تقول المصادر أن التهمة التي بسببها واجه أهالي البلدتين الحصار، هي "الوقوف في وجه دولة الخلافة الإسلامية"، واعتبار الأهالي "كفار" ويدعمون "دولة الكفر"، وتعني جبهة النصرة من هذا التوصيف الدولة السورية، ويوازي هذا الموقف موقف مشابه من ميليشيا "الجيش الحر".
يبلغ عدد أهالي البلدتين إجمالا بين 55 – 60 ألف، وجميعهم متهمون بـ "الكفر"، وتحاول المجموعات المسلحة اقتحام البلدتين لرفع علم تنظيم القاعدة.
*عاجل الاخبارية