هؤلاء الاعداء الحاقدون تراودهم تمنيات بعيدة المنال من اجل اعادة بلاد وادي الرافدين الى عهود الظلام والمجازر الجماعية وحكم الشعب العراقي بلغة الحديد والنار مرة اخرى.
ويعتبر المراقبون الاعمال الارهابية للتكفيريين والبعثيين في الموصل وصلاح الدين وكركوك (الحویجة)، ردود افعال في غاية التطرف والعدوانية، كونها جاءت في اعقاب نجاح الانتخابات المحلية بمختلف انحاء العراق، في اجواء سلمية خلافا لمآرب الاعداء الذين بذلوا اخطر الخطط الجهنمیة للحيلولة دون إجرائها عبر اسالیب التهدید والوعید والدعایات المضللة والحرب النفسیة.
المثير للاستغراب والحيرة في آن معا، هو تكثيف الاطراف الاقليمية ضغوطها ابتغاء تسعير الفتن والخلافات الطائفية والسياسية والعرقية في العراق، والحال ان المنطق يحكم بعدم وجود ضرورة للقيام بذلك، باعتبار ان استقرار الاوضاع في العراق، سوف يؤدي الى استقرارها في دول الجوار ومنطقة الشرق الاوسط برمتها.
ومن الثابت ان التكفيريين لم يكونوا يوما موضع اطمئنان وترحيب لا في العراق ولا في سوريا ولا في أي بلد آخر من العالم العربي والاسلامي؟! كما ان حزب المقبور صدام حسين، لم يسلم منه حتى البعث السوري، بل يمكن القول ان دمشق ذاقت منه اشكال المرارة والسلوكيات الوحشية والعملیات التخریبیة طيلة 35 عاما من تسلط الطاغية وزبانيته ومنهم المجرم الهارب "عزة الدوري"، على مقاليد الامور في بغداد، وقد لقيت دول الجوار العربية البترولية في منطقة الخليج الفارسي منهم، الويلات والابتزازات، وان احتلال الكويت واستباحتها من قبل مرتزقة النظام المباد، خير دليل على ان هذا الحزب العدواني لن يكون له مكان في العملية السياسية العراقية الواعدة باي شكل من الاشكال.
ان المرء ليحار وهو يرى ويسمع تصريحات ومواقف من شخصيات داخل السلطة تدعو الى التغاضي عن التاريخ الدموي للبعث الفاشي، وتدعو ايضا الى محاباة العصابات التكفيرية مثل ما يسمى بـ "دولة العراق الاسلامية" و"تنظيم القاعدة في بلاد وادي الرافدين".
فمن خلال هذه الدعوات نفهم ان مطلقيها إما أنهم ادوات طيعة للوهابية في السعودية وقطر، او انهم يتعاملون مع هذا الموضوع من منظار مذهبي بحت، حتى لكأن الازمة الراهنة مردها الاختلافات بين الشيعة السنة!!
واقع الامر ان اصحاب هذه الاطروحات ما فئتوا مسكونين بعقدة الماضي حينما كانت السياسة العراقية قبل السقوط تسير في فلك الطائفية والعنصرية والشوفينية.
ونقول لهؤلاء اذا کان النظام الدكتاتوري المدحور عادلا في شيء، فانه كان عادلا في توزيع الظلم والقمع والتصفيات الجسدية بالتساوی بين فئات الشعب العراقي سنة وشيعة ،عربا واکرادا وتركمانا، يساريين ويمنيين، عروبيين ووطنيين. وقد قدم ابناء محافظات الانبار والموصل وصلاح الدين وكركوك فضلا عن بغداد واقليم كردستان العراق والجنوب و ودیالی ومناطق الفرات الاوسط شهداء بعشرات الآلاف، ناهيك عن السجناء والمهجرين والمهاجرين والمطاردين الذين انتشروا في اقصى بقاع الارض طولا وعرضا هربا من بطش النظام الصدامي.
من خلال ذلك نستطيع اليوم التفريق بين العراقي الوطني وغير الوطني، لان العقل الانساني المجبول على حب الخير والانفتاح على الآخر، ينبذ تكرار تجربة الانظمة الاستبدادیة الرعناء، وهو يكاد يتقيأ عندما يشاهد تعاضد التكفيريين والبعثيين جنبا الى جنب لضرب العراق وسوريا معا.
والاغرب من ذلك كله هو الدعم الاميركي الاوروبي الاسرائيلي لهذا الثنائي البغيض في سبيل خلط الاوراق في المنطقة واغراقها بالحروب الطائفیة والمجازر والفوضى وسفك الدماء البريئة.
ومن واجبنا ان نتساءل أليس فكر "القاعدة" موجودا في فلسطين المحتلة؟! فاذا كان الرد بالايجاب فلماذا لايحرك التكفيريون ساكنا في الكيان الصهيوني الظالم لشعب الاسراء والمعراج؟ ولماذا لم نعد نرى القيام بعمليات استشهادية ضد الجنود والمستوطنين الاسرائيليين، على الرغم من تزايد انتهاكاتهم وتدنیسهم للمقدسات والحرمات في المسجد الاقصى المبارك والخليل وبيت لحم والممتلكات والمزارع الفلسطينية الاسلامية المسيحية؟!.
وإزاء ذلك من حقنا ان نوجه اصابع الاتهام الى السلوكيات "القاعدية" و"البعثية" في العراق، بل ونعلن وبأعلى الاصوات ان الاعمال الارهابية التي يرتكبها اعضاؤها في العراق وسوريا ولبنان هي جزء لايتجزأ من المؤامرة الغربية – الصهيونية لتقسيم العالم الاسلامي وحماية الامن الاسرائيلي، وقبل هذا وذاك للسيطرة على امدادات الطاقة في المنطقة.
* حمید حلمی زادة