سوریا ومقدمات الحسم الوطني

سوریا ومقدمات الحسم الوطني
الخميس ٢٥ أبريل ٢٠١٣ - ١٠:٤٩ بتوقيت غرينتش

تشير مفاعيل التطورات في سوريا الى تراجع كبير للمجموعات المسلحة المدعومة من الغرب المتصهين والرجعية العربية، في مضمار تكريس وجودها ونفوذها وهيمنتها على ارض الواقع.

ويحمل هذا الوضع في طياته مداليل واضحة على ان الجيش السوري الباسل بات بیده السيطرة على زمام المبادرة والحاق اقسى الضربات بالمسلحين التكفيريين وسواهم على الرغم من الدعم اللامحدود الذي يتلقونه من اميركا وبريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني، فضلا عن التمويل السخي الذي يقدمه لهم آل سعود وآل ثاني وآل خليفة والامارتيون، نكاية بالنظام السوري المقاوم والرئيس المناضل بشار الاسد، وذلك تحقيقا لاهدافهم الدنيئة الرامية الى اخراج دمشق من محور قوى الممانعة والمقاومة بوجه المشروع الغربي الصهيوني، وتغيير وجهة الموزائيك الجيوستراتيجي السوري لفائدة المخططات الانهزامیة في العالم الاسلامي.
وفي ضوء هذا التفوق المضطرد لدمشق حكومة وشعبا وجيشا، يبدو انتشار اكثر من (200) جندي من الفرقة المدرعة الاميركية قرب الحدود الاردنية – السورية کدفعة اولی من جیش قوامه 20 ألف جندی امیرکی علی اهبة الاستعداد لغزو سوریا ،فی محاولة سافرة لانقاذ "ادعياء الثورة" من السقوط المؤكد الذي اخذ یضیق الخناق علیهم ویقرب ساعة الحسم عاجلا ولیس آجلا.
وتتناقض هذه الاجراءات الاميركية كليا مع تصريحات صانعي القرار في واشنطن، والتي زعمت انها لن تجنح الى تقديم المساعدات العسكرية القاتلة للمسلحين المتطرفين ومنهم اعضاء "جبهة النصرة" التي اعلنت مبايعتها لزعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري.
هذا التوجه صار يعزز القناعة لدى الرأي العام العالمي والمراقبين، بان المخاوف الاميركية من احتمال سيطرة المجموعات الارهابية المتطرفة، لاتعدو كونها مسرحية يراد من ورائها التستر على الحرب الدولية (الرأسمالية – الطائفية) التي تقوده حكومة الولايات المتحدة للقضاء على الدور السوري المحوري في جبهة المقاومة البطلة.
في هذا السياق تؤكد التقديرات الايرانية ان الوضع الميداني في سوريا يشهد تقدما كبيرا تعبويا ومعنويا ونفسيا علی مستوی الشعب والقوات المسلحة،  رغم مؤامرات السعودية وقطر للفصل بین المواطنین والجیش المقاوم ؛ ووضعهما العراقیل للحیلولة دون قیام حوار وطنی بین المعارضة والموالاة ومنعهما التوصل الی تسوية الازمة هناك بالطرق السلمية.
بيد ان الشعب والجيش اللذين يقفان بالمرصاد للحرب الصهيونیة الغربية الرجعية التركية على سوريا الدولة والمواطن، يعکسان تماسكا يزداد قوة وصلابة وتلاحما يوما بعد آخر، نظرا لوعيهما بالتحديات الفظيعة التي تتوخاها هذه الحرب العدوانية على الوحدة الوطنية والسيادة الناجزة والاستقلال السياسي والاقتصادي الرائع التي انفردت بها سوريا خلال عشرات السنين، والتي وضعتها في مصاف البلدان الرائدة على مستوى استتباب الامن والامان والتعايش الحضاري والاندماج الروحي في بوتقة الولاء للوطن رغم تعدد الاديان والطوائف والمذاهب في هذا البلد الكريم.
اللافت في الانتصارات السورية المتلاحقة، هو التميز الذي حققته دمشق في الحروب السايبیرية، فقد كبد الجيش الالكتروني السوري الادارة الاميركية خسائر مالية جاوزت الـ (136) مليار دولار عبر اختراق المواقع والصفحات الانترنتية للدوائر الحساسة في الولايات المتحدة.
اذن فان الصورة صارت معالمها تتضح في سوريا تدريجيا، لفائدة صمود دمشق بوجه الحرب الغربية الاسرائيلية الرجعية المسعورة ، الامر الذي جعل الاميركيين يتخبطون في اتخاذ موقف منسجم وصائب حيال الازمة هناك، فتارة يتظاهرون بانهم يسعون مع القادة الروس الى ايجاد مقاربة سياسية لتجنيب هذا البلد من مغبة السقوط او الانهيار – على حد زعمهم – لكنهم في جانب آخر يعملون دون هوادة لإنهاء الازمة عسكريا من خلال دعم ما يسمى بـ "الجيش الحر" بالمال والاسلحة والخرائط الاستخبارية، وهو ما يؤدي – بالنتيجة – الى تقوية شوكة التكفيريين في "جبهة النصرة" و "تنظيم القاعدة" و "العصابات الوهابية" ایضا، وهي في جملتها مجموعات طائفية لاحظ لها لا في شؤون الدين ولا الشريعة ولاحتى فی القيم الاخلاقية.
ومع كل ذلك ينبغي القول: ان دمشق تقاوم بكل شموخ وعزة واباء بوجه التآمر الدولي الاقليمي، وهي تحقق مكاسب جبارة على مستوى احباط استهدافات الارهاب الغربي  الصهيوني الخلیجی ، وان الحکومة لا تدخر ای جهد للقیام بواجبها الوطني والحضاري والاخلاقي فی سبیل حماية البلاد والشعب من محرقة حاقدة ترمي الى تحويل سوريا المحبة والاخاء الى خرائب واطلال ومقاطعات تحكمها لغة الغاب.
* حمید حلمي زادة