إنهم يحضرون لإقامة مركز قيادي بالقرب من الحدود السورية – الأردنية ويخططون لحشد سريع يشمل 20,000 من القوات الأمريكية أو أكثر, بانتظار الأوامر من البيت الأبيض لغزو سوريا.
وسوف تشمل هذه القوة وحدات من "القوات الخاصة" والوحدات النظامية التي تحضر لعمليات داخل سوريا, بالإضافة إلى وحدات الدفاع الجوي لصد أي هجمات جوية سورية انتقامية على الأردن.
وقد قال وزير الدفاع الأمريكي, تشك هاغل, للجنة الكونغرس إن هذه القوات جزء من "خطة عسكرية كبيرة للتعامل مع مدى واسع من الاحتمالات" تنفذها الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون والشرق أوسطيون.
وفي الوقت نفسه, تشن واشنطن هجوماً دبلوماسياً دولياً تحضيراً للحرب ضد النظام السوري والرئيس بشار الأسد. وسوف يكون موضوع العمليات العسكرية ضد سوريا على جدول أعمال مباحثات وزير الخارجية الأمريكية, جون كيري, في تركيا في نهاية هذا الأسبوع, ومداولات الجنرال مارتن ديمبسي مع المسؤولين الصينيين الأسبوع القادم, ومباحثات هاغل القادمة مع المسؤولين العسكريين في إسرائيل والأردن والسعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة.
وكما اعترف المسؤولون الأمريكيون, من المحتمل لغزو سوريا أن يجرَ الولايات المتحدة إلى حرب إقليمية في الشرق الأوسط. فقد قال هاغل إن تدخلاً أمريكياً في سوريا "يمكن أن يقود بغير قصد إلى توريط الولايات المتحدة في نزاع إقليمي أوسع أو في حرب بالوكالة." وأشار إلى أن من شأن ذلك "أن يرتبَ على الولايات المتحدة التزاماً عسكرياً كبيراً وطويلاً وغير مضمون."
وقد قدم تفاصيلَ حول الأموال التي تقوم الولايات المتحدة بضخها لدعم المعارضة المناوئة للأسد, بما في ذلك 117 مليون دولاراً لتأمين "الاتصالات والمعدات الطبية", بالإضافة إلى تمويل غير معلن يتم تقديمه من قبل وزارة الخارجية الأمريكية و "الوكالة الأمريكية للتنمية العالمية". وقد وضح هاغل قائلاً, "الهدف هو تعزيز المجموعات المعارضة التي تشارك رؤية المجتمع الدولي حول مستقبل سوريا وتقلص تأثير المتطرفين."
من الواضح أن هاغل كان يشير إلى مخاوف واشنطن من احتمال سيطرة المجموعات الإرهابية اليمينية المتطرفة, النشطة في المعارضة والمدعومة من حلفاء الولايات المتحدة الشرق-أوسطيين, على سوريا في حال سقوط نظام الأسد. فقد أعلنت "جبهة النصرة", التي تشكل رأس الحربة العسكرية للمعارضة المدعومة من الولايات المتحدة في سوريا, مؤخراً ولاءَها لزعيم القاعدة أيمن الظواهري.
على الرغم من أن الولايات المتحدة تشن حرباً بالوكالة على سوريا منذ 2011, كانت تعليقات هاغل بمثابة أول تأكيد علني بأن إدارة أوباما تحضر لغزو مباشر لسوريا. إن شنَ حرب نيوكولونيالية من هذا النوع سيكون بمثابة جريمة تاريخية ضد شعوب الشرق الأوسط تماثل غزوَ العراق غير المبرَر من قبل إدارة بوش.
إن حقيقة التحضير لمثل هذه الحرب بعد 10 سنوات من الحرب الأمريكية المشؤومة على العراق المجاور – والتي ذهب ضحيتها أكثر من مليون عراقي, وعشرات الآلاف من الجرحى والقتلى الأمريكيين, وكلفت تريليونات من الدولارات – هي بمثابة فضح لانهيار الديمقراطية الأمريكية.
إن إدارة أوباما والحزب الديمقراطي, بعد المجيء إلى السلطة في سنة 2008 تحت الغطاء المزيف للمعارضة الشعبية للحرب على العراق, ينتهجان سياسات مماثلة مع احتقار كامل للمعارضة الشعبية للحرب في الولايات المتحدة والشرق الأوسط.
فمن خلال السعي لتغيير النظام في سوريا, تحاول الإمبريالية الأمريكية فرضَ هيمنتها على الشرق الأوسط بأكمله. وبالإضافة إلى سوريا, فهي تحاول أيضاً عزلَ حليف سوريا الإقليمي الرئيسي, إيران الغنية بالنفط, التي برزت كأعظم قوة إقليمية في الخليج الفارسي. كما تأمل أنها من خلال تصفية الأسد سوف توقف تدفق الأسلحة والمال إلى القوى والمجموعات المناوئة لإسرائيل في لبنان والأراضي المحتلة من قبل إسرائيل.
إن تبريرات إدارة أوباما الرسمية للحرب – أي أن الحرب ضرورية لتأمين الأسلحة الكيماوية السورية, أو لضبط القوات الإرهابية العاملة بين صفوف المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة والتي تعترض عليها واشنطن, إلى حد ما – هي مجرد أكاذيب عبثية. كما أنها تتناقض حتى مع شهادات المسؤولين الأمريكيين.
ففي حديثه في اجتماع منفصل ﻠ "لجنة العلاقات الدولية في الكونغرس", أوضح كيري أن واشنطن تعمل بشكل وثيق مع البلدان التي تدعم القوات المرتبطة بالقاعدة في سوريا. حيث قال," تتمثل سياسة الولايات المتحدة الحالية في عدم تقديم الأسلحة الفتاكة, لكننا ننسق بشكل كبير جداً مع الأطراف التي تقدم مثل هذا الدعم."
أما بالنسبة إلى الأسلحة الكيماوية السورية, فقد قال الجنرال ديمبسي للجنة الكونغرس إنه ليس واثقاً من أن الغزو الأمريكي لسوريا سيؤمن هذه الأسلحة, حيث أن نظام الأسد يقوم بنقلها باستمرار لمنع وقوعها في أيدي المقاتلين المرتبطين بالقاعدة. وأوضح ديمبسي, "إنهم ينقلون [مخزون الأسلحة], وعدد المواقع كبير جداً."
وأشار ديمبسي إلى أنه غير متأكد من قدرة الولايات المتحدة على "تحديد الأشخاص" الذين يجب دعمهم داخل المعارضة السورية التي يهيمن عليها الإسلامويون. وأضاف, "إن تقديم القوة العسكرية الآن سوف يعقد الوضع أكثر ويدفعه نحو الأسوأ."
وقد انتقد رئيس "لجنة القوات المسلحة في الكونغرس", السناتور الديمقراطي كارل ليڤين, الشهادات التي قدمها هاغل وديمبسي لعدم تهديد الأسد بشكل أكبر. فقد قال للصحفيين إنه سأل هاغل وديمبسي, بعد جلسات الاستماع, إن كانا يرغبان في توجيه "رسالة قوية" للأسد, مضيفاً, "أجابا بنعم. ولكن ليس هذا ما جاء في شهادتيهما. لم نسمع ذلك أبداً."
قام ليڤين مؤخراً بالمساهمة في كتابة رسالة مع السناتور الجمهوري جون مَكين إلى أوباما, يدعوانه فيها إلى إقامة "منطقة آمنة" لقوات المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة في سوريا. وقد جاء في الرسالة أن "الوقت قد حان لزيادة الضغط العسكري على الأسد."
يوم الأربعاء, ذكرى استقلال سوريا من الحكم الكولونيالي الفرنسي, توجه الأسد بخطاب متلفز شجب فيه الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على سوريا. ومع أن نظام الأسد ليس صديقاً للطبقة العاملة, حيث فرض سياسات السوق الحرة في البلاد, إلا أن الأسد أصابَ عندما قام بتوصيف القوى الإمبريالية المتحالفة ضده. إنها تشن حملة عسكرية لإعادة فرض القيود الكولونيالية على الشرق الأوسط.
فقد قال, " إن الأحداث التي تشهدها سورية حرب بمعنى الكلمة، وإن كانت هذه الأحداث قد ظهرت في بادئ الأمر كأحداث أمنية، وهو ما لا يزال البعض ينظر اليه على أنه كذلك. هناك قوى كبرى بقيادة الولايات المتحدة، التي تاريخياً لا تقبل بدول تتمتع باستقلالية القرار، بما في ذلك الدول الأوروبية."
وجواباً على سؤال حول دور بلدان شرق أوسطية أخرى في إذكاء نار الحرب على سوريا, قال: "يجب ألا نلومَ تلك البلدان, لأنها ليست مستقلة. فالقرار يُصنع في البلدان الأجنبية."
كما دحض الأسد مزاعم الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين الذين يشنون حرباً "إنسانية" في سوريا, قائلاً: "رأينا تدخلهم الإنساني في العراق, وليبيا, والآن نراه في سوريا."
آلكس لانتيير- ترجمة: د. مالك سلمان من وورلد سوشليست ويب", الجمل