الثابت في هذا الاتجاه هو ان الجيش خصوصا والقوات المسلحة عموما، يضطلعان الآن بمسؤوليات عظيمة وخطيرة في آن واحد، وان ما يؤكد هذا القول هو تزاید وتیرة اجراء المناورات وإنتاج الاختراعات الحربية ذات المواصفات العالیة بالعشرات، وذلك جنبا الى جنب مع المكاسب التي انجزتها ايران في میدان التكنولوجيا النووية السلمية وعالم الفضاء والصناعات الثقيلة والخفيفة، والنتاجات العلمية الواعدة التي تفردت بها الجمهورية الاسلامية دون سواها حتى يمكن القول: ان طهران فاقت بعض الدول العظمى في عدد من الاختصاصات العسكرية والتنموية.
فلقد استنفرت تأثیرات الضغوط والتهديدات والعقوبات الغربية – الصهيونية، الطاقات الكامنة في الجمهورية الاسلامية، حتى لا يكاد يمر اسبوع الا وتعلن ايران فیه عن انتاج صواريخ بالستية دقيقة وطائرات شبح (بدون طيار) لاتکشفها الرادارات اضافة صنع البوارج والغواصات و المعدات الدفاعية الاخرى العملاقة منها والصغیرة.
ومن الواضح فی علم الاستراتيجيا العسكرية، أن الضغوط والتحديات السياسية والحرب الاعلامية والنفسية المعادية،تشکل عامل تحفيز غاية في التأثير على تطوير قدرات القوات المسلحة الوطنية، كما ان الرأي القيادي السدید له وقع كبير على ضبط العلاقة المصيرية بين الشعب والقوات المسلحة.
ومن هنا تظهر اهمية الجيش في الجمهورية الاسلامية على مستوى تكامل دوره مع حرس الثورة الاسلامية والمیلیشیات الجماهیریة (البسیج)، وبقية وحدات القوات المسلحة الايرانية، وإزاء ذلک عبر قائد الثورة عن سعادته ومعه الشعب الايراني والامة الاسلامية كافة، حيال نشاطاته الانتاجية والتصنيعية واللوجستية والابداعية موضحا وبكل معنى الكلمة (انه جيش يبعث على الفخر والاعتزاز، وقد اثبت اصالة معدنه في العديد من الاختبارات).
ومن هذه النقطة الاخيرة يتداعى الى الاذهان مبدأ ان القوات المسلحة جيشا وحراسا وتعبويين وقوى الامن الداخلي، ليست مجرد مضمار للحرب والقتال، وانما هي مدرسة لعموم الشعب من اجل الاسهام في جميع الاعمال التنموية والاعمارية ذات المنفعة الوطنية العامة.
واقع الحال ان القوات المسلحة الاسلامية الايرانية تؤدي هذه المهام على اكمل وجه. فمع العمل المنظم كخلية النحل، لتقوية الجهوزية والاستعداد والتأهب، فان هذه القوات هي العين الساهرة على حمایة امن الوطن والمواطن بخاصة والسلم الاقليمي والاسلامي بعامة.
وعلى خلاف ذلك اثبتت الايام والشهور والسنوات الماضية ان جيوش اميركا وحلف الناتو كشفت عن هويتها الهمجية والوحشية في البلدان التي قامت بغزوها ومنها المحميات البترولية العربية في منطقة الخليج الفارسي.
وتاكيدا لهذه الحقيقة قال الامام الخامنئي مخاطبا قادة الجيش (ان القوات الاستكبارية ولاسيما الاميركية منها، نشرت الفساد الاخلاقي ومارست القتل والارهاب وارتكبت المجازر بحق سكان البلدان التی تعرضت للغزو).
لقد تحدث السيد القائد بهذا الكلام في اعقاب التفجيرات التي طاولت المواطنين الاميركيين المدنيين (في ماراثون بوسطن) ومدینة تکساس، والتي راح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى ، مؤكدا إدانة الجمهورية الاسلامية لهذه الممارسات الارهابية إدانة تامة.
بيد ان سماحته حمل الادارة الاميركية مسؤولية دعم الارهاب والجريمة المنظمة وقتل الابرياء في العراق وسوريا ومناطق اخرى من العالم. وقد اوضح السيد الخامنئي في هذا المضمار قائلا: (خلافا لمزاعم الاميركيين التي تتظاهر بمعارضة اسلحة الدمار الشامل، فانهم يمارسون القتل ضد الاطفال والنساء والشيوخ والمواطنين الابرياء عموما في افغانستان وباكستان عبر استخدام طائرات الشبح - بدون طيار- فيما يرتكب الارهابيون الذين يحصلون على الدعم الاميركي السري والعلني، القتل والدمارضد الشعبين العراقي والسوري) مضيفا (ان اميركا وجوقة المتشدقين بشعارات حماية حقوق الانسان، يلتزمون الصمت المطبق ازاء الاعتداء على ارواح المواطنين العزل وممتلکاتهم في باكستان وافغانستان وسوريا والعراق، بيد انهم "الاميركان" أقاموا الدنيا ولم يقعدوها جراء التفجيرات التي وقعت في الولایات المتحدة).
وهكذا وفي ضوء ما مضى ترى شعوب العالم رأي العين، الازدواجية المقيتة التي تعتنقها العقيدة العسكرية الاميركية ــ الاطلسية، وهو ما یرفضه المذهب العسکری الدفاعي للقوات المسلحة الايرانية جملة وتفصيلا، وهو یقف له بالمرصاد، و لن یدخر وسعا وجهدا وفكرا للرد على التحديات المماثلة التي تطلقها قوى الشر العالمي الاميركية والاوروبية والاسرائيلية ضد الجمهورية الاسلامية فی سبیل لجم غطرستها الاستکباریة وحروبها النفسية ومواقفها الاستفزازیة ، بالاساليب الرادعة انطلاقا من التمسک بثوابت الوطنية والعقيدة والجهوزية التامة، والتي اضحت تقوى وتتعزز يوما بعد آخر بفضل توكل المجاهدین الایرانیین على الله والاعتماد على قدراتهم الذاتية الخلاقة.
*حمید حلمي زادة