فالتقارير الاعلامية والمعلوماتية اضافة الى الشواهد العينية، تفيد بأن الشعب العربي المسلم في بلاد الحرمين الشريفين، يخوض حراكا لاهوادة فيه، ضد حكومة آل سعود وممارساتها المنافية لابسط المبادئ الانسانية والقيم الحضارية.
لقد اعتنق "التحالف السعودي ــ الوهابي" منذ ما يقارب المئة عام من التسلط الفظ والادلجة الدينية المضلة، عقيدة سياسية مفادها "انَّ كل شيء يمكن شراؤه بالمال".
وتندرج في هذه العقيدة المزعومة دول ووعاظ وزعماء قبائل وسياسيون وحتى افراد عاديون في المنطقة والعالم، بدليل (تدخلات آل سعود وزعماء الوهابية السافرة) في الاضطرابات التي تواجهها سوريا والعراق ولبنان واليمن ومصر وليبيا والسودان فضلا عن افغانستان وباكستان.
اذ من الواضح ان الاجندات السعودية تأخذ طرائقها في البلدان المذكورة وغيرها، وكأنّ نسبة المشاكل في بلاد الحرمين الشريفين تبلغ صفر بالمئة. ومن هنا يصح القول بان مرد هذه التدخلات، هو لاعتقاد القبيلة المالكة بأن لا وجود لاية ازمات في البلاد التي تتحكم بمقدراتها وثرواتها واهلها منذ مطلع القرن العشرين المنصرم وحتى يومنا هذا.
المثير للسخرية والألم في آن معا، هو ان السعوديين يبررون مواقفهم وسياساتهم في سوريا بدعوى دعم الثورة الشعبية والحريات والتعددية هناك، وفي العراق تحت ذريعة مناهضة "الحكومة الطائفية" هناك رغم انّ هذه الحكومة تأسست عبر الانتخابات ووفقا للاصول الديمقراطية والقواعد الحضارية، وهي المبادئ التي لايؤمن بها آل سعود والوهابيون اطلاقا، بل هم لا يؤمنون بما هو ادنى منها بكثير.
وعلى سبيل المثال يفتي احد زعماء الوهابية وهو "الشيخ عبدالرحمن بن ناصر البراك" بحرمة قيادة المرأة للسيارات مدعيا بأن السماح بهذا الاجراء "سيفتح ابواب الشرِّ على المملكة" موضحا في بيان له نشر قبل نحو اسبوع على مواقع الانترنت السعودية "ان البعض من المفتونين مازالوا يطمحون الى تحقيق ذلك الحلم".
لقد نسي هذا المتشيخ ــ او تناسى ــ كيف عبر امام الحرم المكي المدعو (عبد الرحمن السدیس ) عن فرحته لمقتل الشهيد العلامة الدكتور محمد سعيد البوطي كبير علماء بلاد الشام في عملية انتحارية اقدم عليها احد المتأثرين بالنهج التكفيري الوهابي السعودي وذلك عبر تفجير نفسه خلال درس هذا المفكر الاسلامي الوسطي في جامع الايمان بالعاصمة السورية دمشق، حيث راح ضحية هذه الجريمة البشعة العشرات من الشهداء والجرحى الابرياء في بيت من بيوت الله سبحانه وتعالى.
ويعكس هذا المثال ازدواجية المعايير السياسية والدينية والايديولوجية للحكام السعوديين ووعاظهم الذين باتوا يفصلون الاسلام والشريعة والفتاوى وفقا لاهواء اسيادهم (ولاة امورهم في البلاد، وعرابو كليهما من الغربيين والصهاينة ).
وازاء ذلك سوف يكون من الطبيعي ان ينقلب السحر على الساحر، وهو ما تؤكده التقارير والاخبار الموثقة، والتي تتحدث يوميا عن تزايد الاحتجاجات والمسيرات الغاضبة في مختلف ارجاء البلاد اعتراضا على القمع السعودي الظالم بحق السجناء والسجينات، ومنهم من يقبع في غياهب السجون منذ سنوات طويلة بلغت احيانا من (عشرة الى عشرين عاما) ودون محاكمة.
اما الحديث عن اضطهاد المسلمين الشيعة في المنطقة الشرقية، فإنه حديث ذو شجون وهويحتاج الى مجلدات، نظرا لاشكال العسف الذي يتعرضون له منذ عشرات السنين، دون ان تلقى اصوات آلامهم ومعاناتهم آذانا صاغية من قبل ادعياءالشرعية الدولية.
صفوة القول: ان النظام السعودی وضع نفسه عبر سلوكياته التحريضية والقمعية والطائفية، في عين البرکان، باعتبار ان الشعب المسلم في بلاد الحرمين الشريفين بدأ يتخطى جدار الخوف والصمت، معلنا رفضه القاطع لاستمرار هذا الحكم الجاهلی الباطل الذي اضحت التناحرات القبلية والعائلیة والسياسية وحتى الدينية (الخلافات الحادة بين آل سعود وغلاة الوهابية)، تنخر فیه وتأخذ منه مأخذا خطيرا، وهو ما بات يعزز القناعة لدى المراقبين والرأي العام العالمي، بدنوّ أجل سقوطه وانهياره شأن جميع الانظمة المتجبرة والمتخلفة والمتواطئة على مر التاريخ.
*حمید حلمي زادة