واضاف العلامة الغريفي "سواء بقى الحوار أو سقط الحوار، وسواء بقيت المواقع أو تغيَّرت المواقع، من حقِّ أيّ إنسان أنْ يتفاءل لأيّ خطوة في اتجاه التغيير، إلَّا أنَّ المشاعر لا تحلّ الأزمات، نعم ربَّما عقَّد اليأس والتشاؤم مسار بعض الحلول، غير أنَّ التفاؤل الذي لا يملك مصداقية يزيد الأوضاع سوءًا، ويعطِّل التوجهات الجادَّة في العلاج.
واوضح : أنَّ أول خطوةٍ في الطريق الصحيح أنْ يتصالح النظام مع الشعب، ربَّما يُقال: فلماذا تطالبون النظام أنْ يبدأ خطوة المصالحة، لماذا لا يبدأ الشعب هذه الخطوة في اتجاه المصالحة مع النظام؟
هنا نتساءل: مَنْ الذي أوجد هذه الخصومة، النظام أو الشعب؟
وقال : الشعب هو الضحية، هو المعتدَى على حقوقه، هو المصادرة إرادته... فليس من الإنصاف أنْ نحمِّل هذا الشعب مسؤولية هذه المؤازمة... وحينما نتحدَّث عن مؤازمة نتحدَّث عن إسقاط إرادة، مصادرة حقوق، إفراط في البطش والقمع، فساد مستحكم في مؤسَّسات النظام...
وتابع : "ولكي نكون موضوعيين لا نستطيع أنْ نزعم أنَّ الشعب بكلِّ مكوِّناته وطوائفه هو في وضعٍ مأزومٍ مع الحكم، فمساحةٌ من هذا الشعب تعيش مصالحة مطلقة مع الحكم، إلَّا أنَّنا نستطيع أنْ ندَّعي أنَّ مساحةً ليست صغيرة من أبناء هذا الشعب تعيش وضعًا مأزومًا مع النظام، بسبب سياسات النظام نفسه...
واكد العلامة الغريفي: "ليس صحيحًا أن يُتَّهم حرَاك الشارع، وردود فعل الشارع، وغضب الشارع، بأنَّه سبب التأزيم، كما يحاول إعلام السلطة أنْ يسوِّق ذلك..."
وشدد على أنَّنا لا نؤمن بأيّ حَراكٍ خارج السِّلمية، إلَّا أنَّ ما يحدث في الشارع هو إفرازٌ طبيعي لفساد الوضع السِّياسي، وصرخاتٌ موجوعة من ظلمٍ فاحش، فليس منطقيًا، وليس إنصافًا أنْ نحاسب النتائج ونترك الأسباب، ولا يمكن أنْ يُهدِّأ غضب الشارع وعودٌ ما عادتْ قادرةً أنْ تُقنَع الناس... وإذا كانت المصالحة الحقيقية مع الشعب هي الخطوة الأولى في مشوار الحل... فلماذا لا يخطو النظام هذه الخطوة، قبل أنْ تصل الأمور إلى منعطفاتٍ تقتل أيَّ خيارٍ في اتجاه المصالحة، وعندها تكون المآلات مدمِّرة ومرعبة...
وقال : لا يوجد مخلصٌ لهذا الوطن يتمنَّى أن تصل الأمور إلى طرقٍ مسدودة، ولا يوجد محبٌّ لهذه الأرض يرغب أن تتجه الأوضاع إلى المزيد من التأزيم.
واكد على انه لا زالت فرصة الخلاص قائمة وما يطالب به الشعب ليس عسيرًا، إنَّه حقٌّ مشروع، إنَّها مطالب عادلة، إنَّها الرغبة في الحياة الحرَّة الكريمة...
واوضح : "انطلق حوار وقلنا لعلَّه بداية في اتجاه المعالجة، إلَّا أنَّ هذا الحوار بدأ مأزومًا، واستمر مأزومًا، لعدم وجود نيَّة جادَّة وصادقة في البحث عن مخرج، بقدر ما هو هروب من حصار بات يلاحق النظام حقوقيًا وعالميًا، وبقدر ما هو محاولة للاستهلاك الإعلامي، سايرت القوى المعارضة وبنيَّة مخلصة هذا الحوار أملًا أنْ تضعه في المسار الصائب، إلَّا أنَّها لم تتمكن من تصحيح هذا المسار نتيجة إصرار من قبل مهندسي الحوار أنْ يبقى الحوار شكلًا بلا مضمون، ولا أظن أنَّ قوى المعارضة قادرة أن تساير حوارًا مصمَّمًا بهذه الطريقة المربوكة، والتي لن تؤدِّي إلى مخرجاتٍ صحيحة، ما لم يتعدَّل وضع الحوار وترسم له خارطة أخرى، ولا توجد مؤشِّرات على هذا الاتجاه...فرغم إصرار المعارضين على وجود ممثِّل لملك البحرين، ومقترحات أخرى لإيجاد صيغةٍ ناجحة لهذا الحوار، إلَّا أنّ التشدّد الرسمي في رفض هذه المطالبات عطَّل مسار هذه الصيغة...
واضاف ان الشعب البحريني يبحث عن تغييرات عملية على الأرض، ومستجدات قادرة أن تصحِّح الأوضاع، ولن يتردَّد شعبنا في أنْ يتجاوب مع أيِّ خطواتٍ صادقة وجادَّة لإنقاذ هذا البلد من مأزقه السِّياسي والأمني والاقتصادي، إنَّ هذا الشعب وفيٌّ لوطنه كلّ الوفاء، وما إصراره على هذا الحراك السِّلمي المطالب بالحقوق، إلَّا من أجل خلاص هذا الوطن، ومن أجل أمن هذا البلد، وليس رغبةًَ في التأزيم والدفع في اتجاه تعقيد الأوضاع، مهما حاول الإعلام الرسمي أنْ يسوِّق التهم ضدَّ هذا الحَراك، ومهما حاول المتسلِّقون على أكتاف الأزمة أنْ يحرِّضوا ضدَّ الشرفاء من أبناء هذا الشعب، ولو باعتماد الكذب الصراح الفاضح، ودون الشواهد المكشوفة فيما يُكتب وفيما يُنشر وفيما يُقال، بلا وازعٍ من دين ولا ضمير ولا قانون... وهذا النهج من تسويق التهم وممارسة التحريض الممقوت هو من أهم أسباب استمرار الوضع المأزوم في هذا البلد، فما لم يتوقف هذا العبث فالأمور تسير نحو الأسوء...
وختم قائلاً : وقى الله هذا الوطن من كيد هؤلاء العابثين الذين يتاجرون بكرامة هذا الشعب...