هؤلاء البعثيون لا زالوا يتأمرون على الحكومة العراقية من أجل اسقاطها والاتيان بعزة الدوري ليحل محل سيده والذي فر خارج العراق ويدعي الان بأنه يعيش داخل العراق .
وكان عزة الدوري مثل سيده الذي إختبأ في حفرة في مسقط رأسه بدلا من الوقوف امام الامريكان الذين اسقطوا نظامه ودمروا العراق.
وها نقرأ كل يوم مقالات لكتاب يعيشون خارج العراق وكانوا يرتزقون من اموال الشعب العراقي ويكتبون المقالات وينظمون قصائد تشيد بالقائد الضرورة والمهيب الركن.
العراق الذي نشاهده اليوم يختلف كليا عن عراق ألامس، ولكن البعثيين لا يرون ذلك، بل يتحسرون على ايام حزب البعث الذي كان يحكم العراق بالحديد والنار.
قرأت أمس مقالا بقلم كاتب عراقي يصف رئيس الوزراء العراقي بالطاغية ، دهشت كثيرا لهذا الكاتب الذي يعيش خارج العراق ويكتب مقالات بعيدة كل البعد عن الانصاف والمروءة.
لقد زرتُ العراق في عهد صدام المقبور، كما زرت هذا البلد بعد سقوط نظام صدام ، ومن الضروري ان اقول كلمة حق إن العراق قد تغير تغييرا جذريا بعد سقوط نظام صدام وزوال نظام البعث الذي كان يعامل العراقيين من غير البعثيين معاملة وحشية وغير انسانية، لان كل عراقي غير بعثي كان يعتبر مشكوك في عراقيته وفي ولائه ، الا أن ينتمي الى حزب البعث ويصبح نصيرا وعضوا في هذا الحزب ليتمكن من العيش في العراق .
كان الصحفي الاجنبي الذي يدخل العراق مراقبا من قبل رجال وزارة الاعلام والامن العراقي ولا يتركونه الا في ساعات الليل حيث يخلد الصحفي الى الراحة.
كانت مراقبة الصحفيين في عهد صدام عادة يعرفها الجميع وكان على الصحفي الاجنبي ان يلتزم بما يصدره رجال البعث سواء كانوا من رجال الاعلام ام الامن من تعليمات والا كان يتعرض الى عقوبات .
لا اقول ان العراق تغير بعد سقوط نظام صدام من بلد مدمر الى بلد مزدهر وعصري،لان البعثيين وايتام صدام لم يسمحوا للعراقيين ولا للحكومات المتعاقبة بالتفكيرللحظة واحدة بالبناء والتشييد والاعمار، وليبنوا ما دمره صدام طول اكثر من ثلاثين عاما.
إنهم قاموا بالواجب الملقاة على عاتقهم ليدمروا ما تبقى في العراق، فهم منذ عشر سنوات يستخدمون كل ادواة الدمار من متفجرات وسيارات مفخخة واحزمة ناسفة وينسفون البنى التحتية ويغتالون الشخصيات المدنية والعسكرية والناس الابرياء في الشوارع والاسواق والمدارس والدوائر الحكومية والثكنات والجامعات وهم الان يركزون على محاربة الحكومة العراقية ويصفون رئيس وزرائها بالطاغية وليس هناك من يسأل ايتام صدام اذا كان رئيس الوزراء الحالي طاغية فماذا يمكن وصف صدام الذي قتل الملايين من أبناء شعبه بالاعدامات اليومية وحتى اقرب مقربيه ومنهم صهره والعديد من وزرائه وقادة حزبه فضلا عن تصفية معارضيه من اسلاميين وعلمانيين وقوميين و..
لقد دمر صدام كل شيء في العراق ، ومن يزر بغداد يرى اثار الخراب والدمار في شوارعه وساحاته وأسواقه وبيوته ، ويأسف كيف ان صدام أعاد العراق خمسين عاما الى الوراء وان أيتامه مصممون على تدمير ما تبقي من العراق.
لقد دمر صدام نفسية العراقيين ، فعندما تزور العراق لا ترى العراقيين الا القليل منهم لهم رغبة في البناء والاعمار والعيش حياة عصرية كما يعيش الاخرون في البلدان المجاورة للعراق .
العراقي محطم روحيا ونفسيا لان صدام لم يسمح له بالتفكير ولو للحظة واحدة في حياته الخاصة ولكنه الان أخذ يستعيد حياته العادية رغم هواجسه اليومية من التفجيرات والمفخخات التي لا تنقطع يوما واحدا.
وها هم البعثيون من يتامى صدام الذين يمولون من أفراد عائلة الطاغية وكل المستفيدين من نظام البعث المخلوع يسيرون على خطى سيدهم ولم يسكتوا طوال هذه الفترة ، بل عملوا بما لديهم من امكانيات مادية وتسليحية وصحافة وتلفزيون لتدمير نفسية العراقيين وللاطاحة بالنظام الجديد بذريعه انه نظام طائفي ولم يخف العديد من الحكام الطائفيين في المنطقة رغبتهم في عودة حزب البعث من جديد الى العراق، لان حكومة البعث هي الحكومة المفضلة لدي هؤلاء الطائفيين الذين يفضلون الحكومات الديكتاتورية على الحكومات الديمقراطية.
لقد جرب العراقيون مرتين حكم البعث في العراق ، ورأوا هذا الحزب كيف يتوسل بالانقلابات العسكرية للسيطرة على الحكم وكيف حكم بلادهم بالحديد والنار، وهم الان ، رغم ما يعانونه من مشاكل وازمات متعددة ، على وعي كامل بمؤامرات هذا الحزب وحماته وداعميه ولا يمكن أن يقبلوا بتجربة ثالثة لهذا الحزب الذي على استعداد لتدمير ما تبقى من العراق وشعبه من أجل السيطرة على مقدرات هذا البلد.
*شاكر كسرائي