وأوضح علي سلمان في حديث لموقع قناة المنار الللبنانية، ليست الديمقراطية وحدها حكم الشعب، بل الثورة كذلك هي حكم الشعب، وحكم الشعب البحريني الذي مازال يؤكده في كل مرة هو: "من قدم ما قدم لا يعرف التراجع".
وعن الحوار بين المعارضة والسلطة، قال الأمين العام للوفاق"نلتمس نوعاً من المناورة والمراوغة السياسية"، مؤكداً أن الجناح المتشدد يعمل على تكريس الديكتاتورية ويقصي كل من يطالب بالديمقراطية.
واليكم نص المقابلة:
نتلمس نوعا من المناورة والمراوغة
في وقت كانت الاهتمامات منصبة على أجواء الحوار ومدى جديته.. افتتح البحرينيون عام ثورتهم الثالث بثلاث شهداء، فأين أصبح الحوار بعد هذه الأحداث؟
الشيخ علي سلمان صحيح أن الأمل محدود في أن يصل هذا الحوار القائم حاليا إلى نتيجة، والسبب لأن النظام غير جاد حتى هذه اللحظة في هذا الحوار، وما نتلمسه هو نوع من المناورة والمراوغة السياسية. أما طريقة تعاطينا معاه هي بمزيد من الوعي واليقظة والإدارة السياسية تراعي الوضع الداخلي والخارجي بحيث لا تبدو المعارضة من خلال بعض مكائد السلطة وكأنها ترفض الحلول الناتجة من الحوارات الجادة.
نحن جادون كقوى سياسية معارضة في تحويل أي فرصة للتفاوض والحوار إلى مخرج حقيقي للأزمة في البحرين. ولكن سقوط الشهداء ومزيد من الضحايا للعنف الرسمي يؤكد عدم جدية النظام في الحوار، فالمؤشرات تتجه إلى منطقة تعاكس أي فرصة لنجاح الحوار وفرص الخروج بحلول مقنعة للشعب وتستجيب لتطلعاته.
والقوى الوطنية الديمقراطية المعارضة تضع عينها على حل سياسي دائم وشامل يحقق المساواة بين المواطنين، والعدالة والديمقراطية، وليس اتفاقات شكلية هشة.
جادون في تحويل أي فرصة للتفاوض والحوار إلى مخرج حقيقي للازمة
طرحت المعارضة البحرينية نقاطاً تسع كشرط للمشاركة في الحوار، ومن ضمن هذه النقاط أن تكون السلطة البحرينية طرفاً أساسياً في الحوار لا مجرد راعٍ له.. كيف تعاطت السلطة مع هذه النقاط؟ وما الغاية من طرحها؟
النقاط التسع عبارة عن مقومات للحوار وهي تتعلق باليات علمية طبيعية ليست جديدة وليست لصالح فريق المعارضة بقدر ما هي مقومات اساسية يعتمد عليها اي حوار جدي حقيقي, وجاء طرح هذه النقاط ايمانا وحرصا من المعارضة على أن يكون هناك حوار جدي حقيقي قادر على ان يسير في اتجاه الوصول الى نتائج حقيقية تساهم في نقل البحرين مرحلة بناء الدولة والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
ولازالت الجلسات الأولية في هذه اللقاءات تناقش هذه النقاط بدون التواصل لتوافق عليها بسبب تعنت الجانب الرسمي.
قمتم بزيارات عديدة خارج البحرين مصر وروسيا مؤخراً، ما هو تقييمكم لهذه الزيارات وفائدتها على صعيد حل القضية البحرينية، وهل تلمستم تعاطفاً وتفهماً لمطالب الشارع البحريني؟
من الطبيعي أن تقوم المعارضة تنفيذا لاستراتيجيتها بالاتصال بمختلف بلدان العالم لشرح وجهة نظرها وتقديم رؤيتها في حلحلة ملف البحرين في سياق تحقيق تطلعات الشعب ولا يعد ذلك بالطبع تدخلا في شؤوننا الداخلية والنظام يدفع أموال طائلة ليحصل على الدعم. ويوظف العديد من شركات العلاقات العامة التي صرف عليها أكثر من 26 مليون دينار بحريني في سنة 2012 وحدها.
والمعارضة الوطنية الديمقراطية تعمل على التواصل مع مختلف الأطراف الدولية الفاعلة في الشأن البحريني.
الجناح المتشدد يعمل على تكريس الديكتاتورية ويقصي كل من يطالب بالديمقراطية
هناك من يقول إن أي حل للأزمة في البحرين مرتبط بما ستؤول إليه الأوضاع في سورية، ما دقة هذا الكلام؟ وهل تعتقدون بأن أي حل في البلاد بحاجة إلى رعاية دولية ؟
ليست القضيتان مرتبطين، ولا نعلم إن كان أحد على المستوى الدولي قد ربط بين القضيتين، وليس من الصحيح أن ترتهن ثورتنا وانتصارها على عامل اقليمي بالكامل وعلى الخصوص ما يجري في سورية، ونقول للنظام مبكرا لا تنتظر أن يتراجع شعب البحرين عن مطالبه لعامل اقليمي هنا أو عامل دولي هناك، نعم قضايا الامة العربية مرتبطة فيما بينها ولكن ليس بهذه الصورة التي تطرح في سؤالكم، وسبق أن ربط البعض بين سقوط او انتصار القذافي بقضية البحرين ولكن ما شهدناه عدم التأثر مطلقا، نعم حرية شعب تعطي دفعا معنويا للشعب الذي يعاني وتفتح له آفاق الأمل.
دائماً ما تميّز المعارضة البحرينية في خطابها بين جناج متشدد في الأسرة الحاكمة وآخر معتدل. إلى اليوم لم يُعامل مع الشارع إلا بسياسات متشددة.. فأين هو الجناح المعتدل؟ لماذا أُبعد هذا الجناح عن المشهد السياسي؟ وهل ممكن أن يتصدر المشهد قريباً على حساب الجناح الآخر.
الجناح المتشدد هو الذي يعمل اليوم على إراقة الدماء بوتيرة متصاعدة ويؤزم الأوضاع أكثر فأكثر، فيقتل ويريق الدماء ويطلق ميليشياته المدنية للعبث وارتكاب الجرائم ويحرق ويعتدي على مصارف ومحلات تجارية ويقوم بإختراع تفجيرات وخلايا ويحاول أن يوحي من أن كل أعمال العنف والتخريب التي يقوم بها أن جهات شعبية هي من تفعل كل ذلك، من أجل إنهاء فرصة الحوار الموجودة بالرغم من عدم جديتها،وإفشال فرصة اللقاء، بل ويرفض مجرد الإقتراب من الحوار أو النقاش في الحلول.
الجناح المتشدد الذي يعمل على تكريس الديكتاتورية لا يقبل بوجود أي طالب للإصلاح، ويقصي كل من يطالب بالديمقراطية. هناك من يريد إنهاء الأزمة بشكل أو بآخر من داخل النظام وهناك من يرفض مجرد اللقاء مع المعارضة.
لكن الأطراف المعتدلة في النظام تتحمل مسؤولية عدم الفعل والرضوخ للمتشديين، إلى الدرجة التي ينظر الكثير من البحرينيين لهم بأنهم شركاء في القمع وأن كلامهم عن الإصلاح مجرد للإستهلاك تقدم للمجتمع الدولي فقط.
مع تصاعد الأزمة في البحرين، برز إنقسام في الشارع البحريني بين الجمعيات التي نادت بإصلاح النظام، وبين تيارات ذهبت إلى حد المطالبة باسقاط النظام، هل تجدون أن الانقسام يُضر بالشارع المعارض؟
الشيخ علي سلمان الدولة التي نسعى لها والتي تحرك شعب البحرين في 14 فبراير 2011 على أساسها هي دولة تحترم الناس، وثورة البحرين جاءت بمطالب انسانية مشروعة سبقتنا لها الأمم المتحضرة بأكثر من قرنينن ونصف من الزمان، ثم جاءت أمم سبقتنا منذ عقود.
مطلب قوى المعارضة هو إصلاح النظام وليس إسقاط النظام، وهي المعارضة المتمثلة في الجمعيات وفي شخصيات ورموز وطنية خرجت في عناوين مختلفة منذ 14 فبراير... إصلاح النظام وتطوير هذا النظام والعمل على تحويل هذا النظام إلى نظام ديمقراطي يحقق المبدأ الدستوري الثابت "الشعب مصدر السلطات جميعا".
النظام حاول أن يكيف مطالبة بعض رموز المعارضة بإسقاط النظام قانونياً من خلال الادعاء بانهم شكلوا مجموعة دعت إلى إسقاط النظام، بينما الجميع يعرف أنهم كانون من الداعين للسلمية، ومطالباتهم لا تعطي المبرر القانوني للاعتقال، لذلك اعتبرهم تقرير السيد بسيوني وبقية المؤسسات الدولية، بأنهم سجناء رأي، ولا يجوز اعتقال أي مواطن يعبّر عن رأيه فضلاً عن تعذيبه، فقد أكدوا في إفاداتهم تعرضهم للتعذيب، وأكد تقرير بسيوني بعد عرضهم على طبيب شرعي تعرضهم للتعذيب.
المحاكمات التي جرت لهم هي بسبب تعبيرهم عن رأيهم المخالف للسلطة، وحرية التعبير تنص عليها المواثيق والاتفاقات الدولية ولا يقيد هذه الحرية بشيء ما لم تستخدم العنف أو تحرّض على الكراهية..أما وجهة النظر تجاه النظام سواء في بقاءًه أو غير بقاءه، أو تطويره ومخالفة سياساته فهي تدخل في حرية التعبير. ونحن ندافع عن حرية التعبير حتى لو اختلفنا مع أي طرف في رأيه السياسي.
الشعب من يقرر ويعطي الشرعية لأي حل سياسي من خلال الاستفتاء
هناك امتعاض في الشارع من آداء الجمعيات السياسية في البحرين، برأيكم ما هو سببه.. هل هو في تعاطي السلطات أم بابتعادكم كجمعيات معارضة عن الشارع؟
الجمعيات السياسية المعارضة في البحرين طرحت مشروعها ورؤيتها السياسية من خلال "وثيقة المنامة" ومن خلال "إعلان مبادئ اللاعنف" ومن خلال أدبياتها وخطاباتها وحراكها الميداني في الشارع وحراكها السياسي الدولي والداخلي، وأكدت أنها لا تمثل كل الشعب وإنما تطرح رؤية، والشعب من يقرر كل القرارات المفصلية في النهاية ويعطي الشرعية لأي حل سياسي أو مخرج للأزمة من خلال الإستفتاء الذي تصر عليه المعارضة وتطالب به على الدوام.
وتحظى حركة قوى المعارضة بالحضور الجماهيري الذي وجد رؤاها وحراكها واضحا ويسير في إتجاه واحد، فلازالت حركة الشارع التي تقود بعض أطرافها قوى المعارضة من خلال التظاهرات والإعتصامات السلمية وغيرها، وهي واحدة من أبرز تحركات الشارع في البحرين للتأكيد على المطالب إلى جانب التظاهرات السلمية والحراك في المناطق وفي كل ساحات البحرين، وآخرها ومن أبرزها تظاهرة 15 فبراير 2013 التي شكلت رقماً صعباً في الحراك الجماهيري المستمر، وحضر فيها ثلث شعب البحرين.
خرجت قبل أيام أقلام دعت المعارضة إلى اعادة صياغة خطاب جديد يمهد لتسوية، واستبعدت هذه الأقلام أي تسوية تاريخية للأزمة متحدثة عن تسوية على مراحل قد تكون المحاصصة، ما هو تعليقكم على هذا الرأي، وهل هناك إعادة تقييم لخطاب المعارضة؟
أي حل سياسي دائماً ما تؤكد قوى المعارضة وتصر على أن يكون قرار الشعب هو الحسم والفيصل في أي حل أو تسوية أو تفاوض أو نتيجة حوار، لأن قرار الشعب هو من يعطي الشرعية لأي مخرج أو حل سياسي، ودون ذلك لا يمكن أن يكتسب شرعية بأي طريقة من الطرق، لأن الشعب مصدر السلطات وهو مصدر الشرعية.
تصر المعارضة على ذلك، وتؤكد عليه، وتلتزم به، وتطالب به، لأنها تراه الحصانة على أي إلتفاف على المطالب الوطنية التي يرفعها، فتاريخ النظام في البحرين مليئ بالمناورات والإلتفاف على المطالب، والمطلوب اليوم أن لا يتكرر هذا السيناريو من خلال ضمانة شعبية يكون شعب البحرين هو الذي يقرر في أي حل أو مخرج للأزمة.
على أن ينطلق هذا الحل من المواطنة المتساوية بين البحرينيين ويحقق التحول الديمقراطي المنشود من معظم أهل البحرين، وأن يكون اتفاقاً صلباً وشاملاً لا يسمح بالعودة للمربع الأمني بعد سنة أو عشر، لحاجة البحرين إلى استقرار طويل وشامل يمكنها من خوض تحدي التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة.
الشعب لا يعرف التراجع وليس في قاموسه اليوم الاستسلام
سبق وأن أشرتم في إحدى المقابلات أن المطالب الشعبية ستحقق عاجلاً أم آجلاً.. من أين منبع هذه الثقة؟
"الشعوب أقوى من الطغاة"، فلا يمكن لنظام أن يهزم شعباً أبداً. فالسلطة لا تملك خياراً إلا الاستجابة لمطالب الشعب والخيار الأمني ومحاولات الاسكات لن توقف المطالبات الشعبية. وإرادة الشعوب دائماً هي المنتصرة، ولم نسمع عن شعب هزم او طالب بحق ولم يحصل عليه، لذا فالمطالب الوطنية المرفوعة في البحرين هي استحقاقات لابد أن ينالها الشعب، وهي مطالب لا تختلف عن النسق الطبيعي الذي تعيشه بقية شعوب العالم.
وهذا ما أكدته مظاهر إحياء الذكرى الثانية للإنتفاضة، حيث زاد عدد المشاركين في المسيرات والاعتصامات والبرامج السلمية عن الأعداد التي شاركت في ذكرى سنة 2011، وهذا يدل على أن هذا الشعب لا يعرف التراجع، وليس في قاموسه اليوم الإستسلام، ومستعد للبذل والعطاء من أجل الحرية والمساواة والديمقراطية الحقيقية.