فقد احتج على مقاطعة الاصوليين وأشار الى ذلك بصفته العائق الأساسي في وجه تشكيل الائتلاف. عندما يكون نتنياهو كفاحيا، فمعنى الامر انه على شفا الاستسلام. وبالفعل، بعد أقل من يوم استسلم نتنياهو للمقاطعة على الاحزاب الاصولية وأبلغ قادة شاس بأنه لن يكون بوسعه ضمهم الى الائتلاف.
أحد ما كان ملزما بالتراجع. إما نفتالي بينيت، أو شيلي يحيموفيتش، أو نتنياهو. كان واضحا منذ زمن بعيد بأن بينيت لن يتراجع. فحلف الزوجية بين يئير لبيد وبينيت أقوى من أي وقت مضى، ونتنياهو هو اشبينه. كلاهما تضررا منه وقررا تلقينه درسا.
كان واضحا ايضا منذ زمن بعيد بأن يحيموفيتش لن تتراجع. فهي لن تسمح لنفسها بتذبذب ثان في غضون وقت بهذا القصر.
وأكثر من ذلك، فانها لم ترغب في ان تدخل التاريخ كحبل النجاة لنتنياهو الغارق. ولهذا فقد تراجع نتنياهو. وهو يتراجع أولا. اتهاماته الفظة في لقائه مع “الرئيس” كانت في واقع الامر اعتذارا عن مقاطعة الاصوليين من جانبه هو، من اجل بقائه السياسي.
أخطاؤه، تذبذباته وتصرفاته بعد الانتخابات تفوق حتى ما كان قبلها. في زمن قصير نجح في ان يعانق لبيد وان يقاطع بينيت، يقاطع لبيد ويعرض على بينيت نصف مملكة، يراوح بسرعة بين اليمين المتطرف وتسيبي لفني، يعلن الجهاد الاصولي على لبيد وبينيت معا، وبعدها يستسلم لهما الاثنين.
لو كان لنتنياهو ذرة احساس بالواقع، لاستخدم على الفور نجاح لبيد، ركب ظهره نحو جدول اعمال مدني حقيقي، جسد بذلك أمنية جموع الناخبين، ولعله حقا نجح في إحداث تغييرات حيوية وتاريخية كانت ستسجل في صالحه.
وبدلا من ذلك يتخذ نتنياهو صورة رمز الأحابيل وردود الفعل وهو يُقاد حافيا مكشوف الرأس الى الائتلاف كسب عداءه بجدارة ولن تكون له سيطرة فيه.
ينبغي القول بوضوح: لقد اكتفى الجمهور من نتنياهو. خصومه في اليسار وفي الوسط انتهوا منه منذ زمن بعيد. ولكن سلوكه بعد الانتخابات يدفع حتى شركاءه المحتملين، لبيد وبينيت، وحتى الكثيرين من حزبه هو، الى النفور منه.
من ليس قادرا على ان يقرر ليس جديرا بأن يكون رئيس الوزراء. من هو منقطع عن الواقع ليس جديرا بأن يكون رئيس الوزراء. لقد تلقى نتنياهو ما يكفي من الفرص ودهور "اسرائيل" الى هوة داخلية وخارجية. لسنا ملزمين بأن نعطيه فرصة أخرى.
لقد كان واضحا بأن نتنياهو سيتراجع كي يبقى، ولكن هل تراجعه جعله أهلا للوظيفة رقم 1 في الدولة؟ هل منحه الثقة اللازمة من الجمهور ومن الشركاء الائتلافيين؟.
شمعون بيرس لن يذرف دمعة اذا فشل نتنياهو في تشكيل الحكومة في الاسبوع المتبقي له، و"الرئيس" سيضطر الى تكليف مرشح آخر بالمهمة.
لقد وصل نتنياهو الى نهاية طريقه. حتى لو أقام حكومة فانه لن يسيطر فيها. لبيد وبينيت سيقرران سياسته وسيُنحيانه في أول فرصة تناسبهما. فلماذا يحتاج الى طريق الآلام المهين هذا؟ متى سيفهم الرسالة وينزل عن المسرح بمبادرته؟ أن ينسحب في الذروة لم يعد أمرا بوسعه، وبالتالي فلينسحب وهو بالدرك على الأقل.
هآرتس 7/3/2012