وجهة نظر الصحفي السعودي تشير بوضوح إلى فشل الوزير سعود الفيصل في رسم السياسة الخارجية للسعودية لأنه أدخل بلاده في متاهات وخلافات هي في غنى عنها في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة، وإن دعوة الصحفي السعودي الصريحة لإعادة النظر في السياسة الخارجية السعودية وتغييرها جذريا هي في الواقع دعوة للوزير المريض سعود الفيصل الى الاستقالة والتنحي عن كرسي الوزارة التي يتربع عليها منذ 37 عاما ، حاله حال رئيس الوزراء البحريني الذي لا يتنازل عن منصبه بعد أربعين عاما من التمسك بالكرسي الحكومي.
وزير الخارجية السعودي بدلا من العمل لتعزيز العلاقات السعودية الايرانية، وهي إرادة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز تجاه ايران واستقباله المتكرر للرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد في بلاده، يسعى الى توتير هذه العلاقات وتأزيمها ودق أسفين في الروابط الاخوية بين البلدين، وها هو في لقائه مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري يحرضه ويشجعه على اتخاذ موقف سلبي وعدائي تجاه إيران بينما الوزير الاميركي يشير في تصريحاته الى حصول تطور إيجابي في موقف بلاده تجاه إيران.
فشل السياسة الخارجية السعودية في ظل وزارة سعود الفيصل أضر بسمعة السعودية كثيرا وصدق الدخيل بأن السعودية أصبحت في السنوات الأخيرة معزولة لا دور لها في المنطقة بينما كان من الممكن أن تقوم بدور إيجابي في المنطقة وتحافظ على قوتها خاصة وان لها الدخل الكبير من تصدير النفط ويمكنها أن تقوم برص صفوف الدول الاسلامية بدلا من القيام باستخدام سياسة معادية لإيران.
ايران والسعودية بلدان كبيران في منطقة الشرق الاوسط يمكنهما ان تتعاونا وتتحدا ضد المخططات الاسرائيلية التي تستهدف العرب والمسلمين جميعا، ومن الأولى أن يتحد البلدان ليشكلا قوة كبيرة تخاف منها القوى الطامعة في خيرات المنطقة.
كيف يمكن أن يقبل إنسان عربي أو مسلم تصريحات الوزير السعودي وتحريضه وزير الخارجية الامريكي لاتخاذ موقف معادي لإيران تحت ذريعة برنامج إيران النووي، بينما تعلن إيران على الملأ أنها لا تهدف من برنامجها النووي الا استخدامه لأغراض سلمية وها هي قد بدأت العمل في محطة بوشهر النووية وأوصلت الكهرباء المنتج منه، بشبكة الكهرباء الوطنية.
فالوزير السعودي يتهم في تصريحات أدلى بها خلال زيارة كيري للمنطقة إيران بإدخال المنطقة في أجواء من عدم الاستقرار بسبب تمسكها ببرنامجها النووي ، بينما يتهم زميل له وهو أنور ماجد عشقي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية في السعودية في مقابلة مع قناة الجزيرة القطرية الولايات المتحدة الأميركية بدعم إيران ويقول " بان الولايات المتحدة هي التي تمنع "إسرائيل" من ضرب إيران" ، أي ان رئيس مركز الشرق الاوسط للدراسات الاستراتيجية السعودية يود لو أن "اسرائيل" هاجمت ايران وضربت البرنامج النووي الايراني ودمرته، ولكنه يتأسف لأن الولايات المتحدة تمنع "إسرائيل" من ضرب إيران.
الوزير السعودي يكرر ادعاءاته الممجوجة بتدخل إيران في شؤون دول الخليج الفارسي ، كيف ؟ ، انه يدعي ان إيران تشن حملات إعلامية ضد هذه الدول ، فعندما تعكس وسائل الاعلام الايرانية قمع الانتفاضة في البحرين، يصبح بنظر الوزير السعودي تدخلا إيرانيا في شؤون دول الخليج الفارسي، بينما تدخل قوات سعودية في البحرين ومشاركتها في قتل الشعب البحريني المطالب بالعدالة والحرية ورفع التمييز الطائفي وانها الحكم الفردي الديكتاتوري لا يسمى تدخلا في شؤون البحرين .
الوزير السعودي مستاء من إيران ، لانها تنتقد مجلس التعاون بسبب سياساتها ، وهو الأدرى بأن هذا المجلس أسس بأمر من الولايات المتحدة لمواجهة الثورة الإسلامية في إيران. هذا ليس ما نقوله نحن بل كتبه الدكتور عبد الله النفيسي في كتابه عن مجلس التعاون ، والمجلس السيء الصيت هذا ، شارك صدام حسين في حربه ضد ايران وقدم أعضاء هذا المجلس مليارات الدولارات لصدام من أجل القضاء على الثورة الاسلامية ولكن صدام حسين رد الجميل لدول مجلس التعاون، واحتل الكويت ودمر البلاد والعباد وتسبب في هروب اميرها والعائلة الاميرية وكبار المسؤولين الى السعودية ، وتمكنت الولايات المتحدة من شن حرب على العراق من أجل تحرير الكويت من أيدي قوات صدام.
من العقل والحكمة ان يتجنب وزير الخارجية السعودي وزميله وزير الخارجية البحريني إطلاق تصريحات استفزازية ضد بلد كبير كإيران ، لان ايران ان كانت تريد التدخل في البحرين ودول الخليج الفارسي لكان وضع هذه الدول غير الذي نراه اليوم، وعلى المسؤولين في دول الخليج الفارسي أن يفكروا جيدا قبل ان يطلقوا تصريحات لا تزيد الاوضاع في المنطقة الا توترا.
*شاكر كسرائي