نقول هذا في ضوء النتائج الاولية للمفاوضات بين ايران ومجموعة (5+1) في آلماتي (كازاخستان)، والتي اظهرت من جديد ابتعادا غربيا عن (اصل الموضوع). كما عرضت مقایضة غير متجانسة مع محور المحادثات الذي يفترض ان يكون منصبا على البرنامج النووي الايراني وحسب.
فقد رشح من آلماتي ان الاطراف الغربية في المجموعة السداسية (اميركا وبريطانيا وفرنسا والمانيا) حددت اقتراحها "برفع الحظر جزئيا عن قطاعات الذهب والبتروكيمياويات الايرانية اضافة الى بعض النقاط البسيطة حول التعاملات المصرفية".
المثير للاستغراب هو التصريح الذي اطلقه (مايكل مان) المتحدث باسم رئيسة السداسية (كاثرين اشتون) قبل انعقاد المفاوضات، عندما قال ان "المجموعة" قدمت "عرضا جيدا" لايران.!!
وقد اعتبر مصدر غربي في كلام نقلته صحيفة "مانيتور"، ان هذه المقترحات جزئية، وهي لن تكون مؤثرة نظرا لعدم وجود ای تناسب کمی او نوعی بين العرض الغربي والمطالب الايرانية.
بدوره لم يخف رئيس مجلس الشورى الاسلامي علي لاريجاني شعوره بالخیبة من الاطروحات الغربية بشأن البرنامج الايراني ، وذلك عندما اشار خلال لقاء عمل مع اعضاء غرفة التجارة الهندية فی نیو دلهی یوم الثلاثاء 26-2-2013، الى عدم مصداقية الغرب في تعامله مع (نووي طهران السلمي)، موضحا بالقول: لقد شاركت على مدى سنوات في مثل هذه المفاوضات، وایقنت من خلال العديد من المحادثات معهم (بان مشكلتهم ليست القضية النووية الايرانية).
واضح ان (انعدام الثقة) هو بيت القصید في التجاذب القائم بين الجمهورية الاسلامية والدول الغربية في مجموعة (5+1)، باستثناء روسيا والصين نظرا لانهما تعتقدان بان ايران صادقة في مواقفها و تطبیقاتها ومحقة في مطالبها المشروعة بامتلاك الطاقة النووية السلمية.
وهذا الواقع هو ما اكده ایضا وزير الخارجية البريطاني الاسبق (جاك سترو) في مقال له نشرته صحيفة ديلي تلغراف اللندنية بتاریخ 25 شباط 2013 معلنا (ان من حق الايرانيين ان ينظروا الينا نظرة شک وريبة وتشاؤم)، داعيا في الوقت ذاته ( اضرابه الغربيين الى تطبيع علاقاتهم مع ايران والاعتراف بحقها في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.(
وما دمنا ندرس هذه المشكلة، فان علينا ان نأخذ بعين الاعتبار صعوبة ــ اذا لم نقل استحالة ــ ظهور مرونة او تغيير جذري في المواقف الاميركية ــ الاوروبية من البرنامج النووی الايراني، لسبب حقيقي هو ان الجمهورية الاسلامية التي تحولت الى قوة اقليمية ودولية عملاقة في التوازنات العالمية، وتشكل اليوم عقبة كاداء امام تنفيذ المشاريع الهیمنیة الغربية ــ الصهيونية في منطقة الخليج الفارسي والشرق الاوسط والعالم الاسلامي، لايمكن الا ان توضع تحت طائلة الضغوط والعقوبات والتقییدات الاوروبية والاميركية ،على امل ان تؤتی هذه الوسائل نتائجها المأمولة علی مستوی اخضاع ایران "يوما" وتقطیع اجنحتها التي تحلق بها في علياء التطور والابداع والتقدم في جميع الابعاد والاتجاهات.
اذن فالملاحظات والمؤاخذات الغربية على البرنامج النووي الايراني، لاتبررها أي من القوانين والمعاهدات العالمية لاسيما ميثاق الوكالة الدولية للطاقة الذرية او معاهدة حظر الانتشار النووية (NPT) ، لان من السهولة بمكان لصناع القرارالغربيين الذین مردوا علی النفاق العثور على الذرائع والدوافع المفبرکة التي تسوغ لهم وقتما شاؤوا الاستمرار في لغة التسويف والمماطلة والخداع والمعايير المزدوجة مع الجمهورية الاسلامية ،مادامت هذه الدولة المستقلة (قولا وعملا) تقف كالطود الشامخ بوجه الاعاصير الاستكبارية العاتیة دون ان تهتز قيد شعرة.
* حمید حلمی زادة