هنالك دفع خارجي وتحريض معلوم , وهنالك استجابة داخلية من قبل قوى سياسية قادرة على تجميع بعض الانصار هنا وهناك, ثم ان هناك طيبة و تدين لدى المواطن العراقي نجح الماكرون من خلالها في تحويل تجمعات صلاة الجمعة الى اغراض اخرى لاعلاقة لها بالدين ولا برسالة الاسلام ,وربما يستطيعون فعل ذلك لمدة اخرى, وهنالك حكومة ودولة لا تريد ان تنساق وراء الحل الامني والمعالجة الميدانية دون استنفاذ الوسائل الاخرى, لذا من حق المحبين ان يقلقوا في ان الازمة الحالية ليست سهلة لدرجة عدم القلق.
هل نحن سائرون الى كارثة؟ وهل هنالك خطر اكيد محيط بهذه المرحلة من تاريخ العراق ؟ لا اعتقد ذلك ولست متفائلا بلا حيثيات ومقدمات, لاني اعرف ان العراقيين المتزاوجين طائفيا تقترب نسبتهم من 27% من سكان العراق بمعنى ان اكثر من ربع العراقيين يشتركون بالعمام والخوال بالمذهبين السني والشيعي, ولان اكثر عشائر العراق مثل خزاعة وجبور ودليم وشمر وكنانة وغيرهم هم خليط بنسب مختلفة من السنة والشيعة, ولان ورقة الفتنة الطائفية لعبها اعداء العراق في السنوات السابقة وفشلت في ظروف اسوأ واشد , فالقوات الاميركية كانت تسمح للكثير من العمليات الارهابية ان تحدث لاسباب مختلفة احدها رغبتها باختراق الارهابيين , وكان الملف الامني بايديهم (بما يعني عدم اهتمامهم لا بالسنة ولا بالشيعة حتى لو افنوا بعضهم البعض ), ثم ان الحاضنة الارهابية الداعمة للارهابيين اقليميا تقلصت كثيرا بعد انشغال النظام السوري بنفسه واقتراب النظام الاردني من سياسة عقلانية ازاء العراق وفشل المشروع القطري السعودي التركي في تحقيق اهدافه في سوريا, اضافة الى زيادة وعي المواطن العراقي ومعرفته بالمصيبة الكبيرة المرتبطة بالتوتر الطائفي التصعيدي الذي يراه بام عينه,ثم ان القوة التي تتبنى خطاب التصعيد الطائفي باتت محصورة بمجموعة النجيفي والعيساوي وبقايا طارق الهاشمي, وهذه كلها اقل بكثير مما كانت تستقوي به القوى الارهابية, فضلا عن تطور كبير في الدولة العراقية واجهزتها الامنية , اضافة الى ان اصدقاء العراق في المنطقة لهم كلمتهم الحاسمة في هذا الامر, لذلك كله لابد من القول للمحبين : خشيتكم على العراق في محلها, ولكننا نعلم جيدا ان العراق بالف خير فادعوا له ليعبر هذه المشكلة باقل الخسائر.
*كامل الكناني