والمناورات لبلد محوري كايران هي ضرورة استراتيجية قصوى لتحصين الوطن والشعب والمنجزات الخلاقة التي حققتها الثورة الاسلامية على مر العقود الماضية، الامر الذي غير الموازنات الاقليمية والدولية لفائدة قوى النهضة الاسلامية العالمية على الاطلاق.
على صعيد متصل جاءت تصريحات الجنرال محمد علي جعفري القائد العام لقوات حرس الثورة مع انطلاق (مناورات الرسول الاعظم 8) في محافظة كرمان (جنوب شرق البلاد)، للتأكيد على وجوب تخلي الاعداء عن اساليب التهديد والوعيد في تعاملها مع ايران (مشددا) على تنامي قدرات الردع الاستراتيجية للجمهورية الاسلامية بشكل مضطرد.
وطبقا للنظريات العسكرية فان الدولة التي تواصل مسيرة تطوير قابلياتها الدفاعية والحربية واللوجستية، تقع في مقدمه لائحة البلدان الحيوية والناشطة، التي يحسب لها الف حساب، باعتبارها تضع في الحسبان جميع المتغيرات والتحركات الصغيرة والكبيرة حواليها، وبما يؤدي الى تقوية جهوزيتها تحسبا لمختلف الاحتمالات الجيوسياسية والجيوستراتيجية.
فمن الواضح ان ايران تسيطر على معابر امدادات الطاقة، وهي تملك طوع يمينها زمام السيطرة على الاحتياطات الاستراتيجية العالمية من النفط والغاز، على خلفية نفوذها الحقيقي في منطقة الخليج الفارسي ومضيق هرمز، وازاء ذلك يصح القول ان الجمهورية الاسلامية بهذه المؤهلات والقدرات المتعاظمة، تعتبر حجر الزاوية في ارساء الامن والاستقرار والهدوء على المستويين الاقليمي والدولي في آن معا.
وهناك علاقة قوية بين المناورات البحرية والبرية والجوية التي تقوم بها ايران بين فترة واخرى، ومنظومة الدفاع عن البلاد ومقوماتها السيادية من جانب، وحماية السلام في المنطقة والعالم من جانب اخرى.
وتتحقق هذه الرؤية من خلال بقاء الخليج الفارسي ومضيق هرمز حتى الان بعيدا عن التوترات والازمات والصراعات الدائرة في الشرق الاوسط. فالقدر المتقين منه ان ايران لا تبحث عن (كبش فداء) من وراء مناوراتها، بل تريد التأكيد على رسالتها الودية التي تنطوي عليها والتي يمكن اختصارها بعبارة (ان الامن الوطني الايراني هو مفتاح استمرارية السلم والاستقرار والثبات في المنطقة والعالم).
وقد ازدادت صوابية هذه الرؤية عبر ارتداع القوى الغربية والصهيونية عن محاولة العبث بأمن الخليج الفارسي، على ا لرغم من انتشار اساطيلها وقواعدها العسكرية والاستخبارية في البلدان العربية المجاورة للجمهورية الاسلامية بهذه المنطقة.
وعلى هذا الاساس يخطئ من يضع المناورات العسكرية الايرانية في خانة اثارة الضغوط والحساسيات والمخاوف للآخرين، لان الجمهورية الاسلامية التي حققت مستويات قياسية متقدمة جدا في التطور الاستراتيجي والتعبوي والمعنوي، برهنت بالادلة القاطعة على انها دولة مسالمة ترى ان من حقها امتلاك نواصي القوة والمنعة والتأهب.
على حين ان القواعد الغربية المنتشرة في دول الجوار، قد تحولت الى غرف عمليات كبرى لتصدير الفتن والارهاب وحتى المجموعات الاجرامية والتكفرية الى دول العالم الاسلامي، ومنها ايران حسبما اكد العميد محمد باكبور قائد القوة البرية لقوات الحرس الثوري في مؤتمره الصحفي قبل انطلاق (مناورات الرسول الاعظم 8).
في ضوء ذلك ذلك ليس مستغربا ان تعزز ايران قدرات قواتها البحرية عبر تزويدها بطيارات شبح (بدون طيار)، توخيا لمقاربة النشاطات المعادية والاستفزازية التي تتعرض لها الجمهورية الاسلامية منذ اكثر من 34 عاما.
اللافت ان المناورات الاخيرة، وان كانت تقوم بتدريباتها في ضوء احداثيات مفترضة او وهمية، الا انها تفوقت ميدانيا في مضمار اجهاض عمليات الرصد والجاسوسية الغربية المتزامنة ، حيث نجحت قواتنا في انزال طائرة اميركية (بدون طيار) ليل السبت 23/2/2013 قريبا من منطقة العمليات.
واقع الامر ان وقوع هذا الحدث تقارنا مع مناورات روتينية، يدعم الحجج التي تقدمها ايران لطمأنة الجيران بانها لا تضمر شرا لاحد، سيما للبلدان التي تتقاسم معها الجغرافيا والتاريخ والتعايش الحضاري والمصير المشترك، لكنه في الوقت ذاته يعطي صورة واضحة وملموسة عن التحركات الاجنبية المشبوهة، التي لا ينبغي التغاضي عنها بأي حال من الاحوال.
*حميد حلمي زادة