فأن یستشهد رئیس هیئة الاعمار فی لبنان المهندس حسام علی ایدی افراد الجماعات المسلحة التی تناهض النظام السياسي المقاوم في سوريا، فانه شيء يتناقض مع الطبائع الانسانیة ، باعتبار ان خوشنويس رجل تكنوقراطي كفؤ، وقد انيطت به مسؤولية مدنية وحضارية في آن واحد، ردا على جرائم و مخلفات آلة الحرب الاسرائيلية التي اعتادت والى فترة قريبة ان تصب جام نيرانها على لبنان وبناه التحتية، دون ان تواجه بالرد المطلوب.
وما ان اوجد السيد حسن نصر الله امين عام حزب الله موازنة الرعب حتی تغیرت اصول المناجزة ، فقد قطعت المقاومة الاسلامیة اللبنانیة الطريق كليا على العدو الاسرائیلی، بعد تبلور (معادلة الردع) التي لجمت تل ابيب وزعماء "الدولة العبرية" تماما، حينما رأوا باعينهم (حمم العذاب) تنزل كالصاعقة فوق رؤوس المحتلين والمستوطنين الصهاينة في كل بقعة من ارض فلسطين من البحر الى النهر.
وامام هذه المعادلة الجديدة، وعقب ما باتت "اسرائيل" اعجز من ان تهاجم اصغر نقطة في (لبنان الاعظم) راهنا،، فإنها وجدت لتمریراحقادها سبيلا آخر يمكن ان تعوض به هزائمها وفضائحها ــ دون اثارة المقاومة الاسلامية وسيدها حسن نصر الله - فكانت عملية قتل الشهيد حسام خوشنويس خلال عبوره الطريق الدولية من دمشق وبيروت غاية الانتقام، وعلى ايدي مرتزقة الصهاينة والسعوديين والقطريين والناتو، الذين اثبتوا بالدليل القاطع انهم ليسوا سوى قتلة وقطاع طرق، وليست لهم اية صلة بنهج الثورات الشعبية المتطلعة للحرية والعدالة والمبادئ الانسانية !؟
فی هذا المضمار واضح ان اسرائيل لم تجرؤ على المساس قيد شعرة بالدولة اللبنانية ومنشآتها المفتاحية، خوفا من العقاب الاسلامي المقاوم الذي هدد بانه لن يرحم الصهاينة المجرمين قيد لحظة، بيد انها ارادت ان تنفس ولو قلیلا عن غيظها بقتل رئیس الهیئة الایرانیة لاعادة البناء فی لبنان المجاهد حسام خوشنويس.
ومادامت الديار السورية محشوة بالمسلحين التكفيريين فان ارتكاب هذه العملية القذرة بايديهم سيجعل تل ابيب تبدو "بريئة" امام الرأي العام العالمي من جريمة اراقة الدم الطاهر لهذا المهندس النشیط (براءة الذئب من دم ابن يعقوب).
لقد استشهد حسام خوشنويس بجريرة تفانيه من اجل اعمار ما دمرته الاحقاد الاسرائيلية ، وفی سبیل اعادة البسمة الى الوجوه الحزينة التي اكتوت بنيران العدوان الصهيوني الغاشم في تموز 2006، وقد كان في قرارة نفسه المطمئنة ،التي هي اليوم في رحاب ربها راضية مرضية، ان يطبق التعاليم الالهية الداعية الى اعمار الارض عملا بقوله تعالى {هو انشأكم من الارض واستعمركم فيها} هود 61 .
ومن المعلوم ان عمارة الارض تتطلب دراية وافیة بعلوم الحياة والابداع والجمال، وقد كان المهندس الشهيد على درجة راقية جدا من الخبرات المعرفية التي اهلته للاضطلاع بمسؤولية الاعمار في لبنان. فقد تعلم خوشنويس من القرآن الكريم، ومن قبل ان يكون مهندسا ، كيف يستفيد من الطاقات التي وضعها الله تبارك وتعالى تحت تصرف الانسان في سبيل خدمة البشرية ولاسيما على مستوى احياء الارض الموات وتحسین مناظرها في اعين الناس. قال تعالی {وسخرلكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الانهار وسخرلكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار}ابراهيم /33 .
ويقول سبحانه ايضا {وآتاكم من كل ما سألتموه وان تعدوا نعمة الله لاتحصوها ان الانسان لظلوم كفار} ابراهيم /34. فالثابت - اذا - ان الشهيد خوشنويس وضع نصب عينيه الاهداف الالهية في اعمار لبنان، لانه كان يدرك ان الحياة والانسانية في الارض الخراب هما ضیاع فی ضیاع، لان المرء في المناطق المدمرة بغیا وعدوانا، لا يدري اهو حي ام میت ؟! ولقد حظي خوشنويس بمرتبة احياء خرائب الارهاب الصهيوني ، بید انه ختم حياته الشریفة بالشهادة على هذا الدرب، مع ان قاتليه لم يكونوا سوى حفنة من الجهلة الاغبياء الحمقی ممن ينطبق عليهم قوله جل جلاله {انهم اتخذوا الشياطين اولياء من دون الله ويحسبون انهم مهتدون }الاعراف 30.
ان هؤلاء المخبولين الذين لطخوا ايديهم بدم عالم خبیر واکادیمی متبحرفي الهندسة المعمارية وبناء المدن ، معروف بالزهد والتقوى والتواضع، وهو (الشهيد حسام خوشنويس)، هم « اناس لايقيمون وزنا للحياة وعمارة الارض وتزيينها بكل ما هو جميل» ، وذلك لانهم غارقون في ظلمات عقولهم الجامدة ، قبل انغماسهم فی مستنقعات الکراهیة والاجرام وصناعة الموت ،وتخفیهم في الكهوف والانفاق المقفرة التي باتت مدارسهم فی تلقین مفاسد الاخلاق والانحراف والضلالة والتفجیرات الغادرة وازهاق الارواح البريئة في سوريا والعراق ولبنان وغيرها {اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون}.
*حمید حلمی زادة