شتاء اوروبا القارس وامريكا المنكسرة شوكتها على ابواب دمشق بعد سنتين عجاف على الجميع خرج منها الاسد وله اليد العليا بالاستراتيجيا كما في الميدان !
وصيف مثلث التحريض والكيدية والفتنة الاقليمي و محاولته فرض الشروط والرهان على سقوط الدولة السورية في براثن الاطلسي ودرعه الصاروخية والذي بات قلقا على ادواته ان تذهب " فرق عملة " بين الفيلة الكبار هما اللذان دفعا الاسد الايراني يحمل حقائبه متسلحا بخطي المداراة مع الاخصام والمروءة مع الاخ والصديق !
مداراة مع الشيطان الاكبر وابقاء باب الحوار مفتوحة مع حلفائه دون تردد متكئة على حزم لا نظير له مع ربيبة الشيطان عنوانه "امرعمليات " واجب الرد على اي تهديد بتهديد مماثل ايا تكن النتائج !
ومروءة مع الاخ والصديق السوري متكئة على رؤية استراتيجية واضحة ايضا عنوانها " امر عمليات " واجب الوقوف الى جانب دمشق بلغ ما بلغ وايا كان الثمن واعتبار هجوم بني الاصفر عليها هجوم على طهران !
في هذه الاثناء فانه وكلما كان الجندي العربي السوري يتقدم في الميدان ويقطع اوصال المتمردين على وحدة بلدهم وسيادتها و معهم الميليشيات المسلحة المدعومة من تحالف القوى الاقليمية والدولية الطامحة باسقاط رئيس اخر دولة عربية رافضة لتوقيع وثيقة الاستسلام وتفكيك اخر جيش عربي منظم يعمل لساعة المواجهة كلما كانت الرسائل والوفود والمبعوثين الخاصين في السر كما في العلن تزدحم على ابواب حليف دمشق الاستراتيجي طالبة منه القبول بلقاء "راس براس" ووجها لوجه مع اللاعب الاكثر تاثيرا لكنه الاكثر انهاكا ايضا واستنزافا في معركة اخراج الاسد من عرينه اي اللاعب الامريكي !
عرض استرالي يوشي برغبة امريكية لعقد صفقة متكاملة مع طهران تشمل النووي وسوريا وملفات اخرى ساخنة شرط التفاوض المباشر !
والحاح الماني وايطالي يريد انقاذ وحدة مجموعة الخمسة زائد واحد من خلال جمع مسؤول ايراني كبير بجو بايدن !
و انكباب خليجي لم ينقطع حتى اللحظة من ايصال الرسائل المشجعة الى طهران بان الامريكي ينتظركم في وسط الطريق !
حتى المنظمات السورية التي حملت السلاح ضد حليف طهران او تلك التي اقسمت على هزيمة ايران على ابواب دمشق لم تجد حرجا من زيارة العاصمة الايرانية او ارسال وسطاء املا بوساطة تخرجها من مستنقع الاستنزاف الذي ورطها فيه الكبار فيما يتركونهم اليوم لوحدهم يقلعون شوكهم باظافرهم ما جعلت حتى معاذ الخطيب ان يلوذ بصالحي في ميونيخ ليطلب منه التوسط لدى الاسد طلبا للخلاص!
في هذه اللحظة التراجيدية على من خسر الرهان على سقوط الاسد يخرج الاسرائيلي من مخبأه فيضرب ضربته العشواء محاولا خلط اوراق اللعبة على الجميع مكملا لعبة الكلمات المتقطعة التي اتقنتها ادارة اوباما ولكن في الوقت الضائع !
لماذا في الوقت الضائع ؟! ذلك لان توازن القوى الميداني على الارض السورية وكذلك توازن القوى الاقليمي و ايضا الدولي لم يعد يتيح لتل ابيب سوى ضرب معهد للابحاث العلمية حول الدفاع والمقاومة ولا يجرؤ على ضرب قاعدة صاروخية او مطار او مقر امني او عسكري من الوزن الثقيل ما يعني ان الدخول هدفه استعراضي ومحاولة تجميع بعض نقاط حول طاولة المفاوضات بين الكبار لا اكثر !
وهنا ثمة من يعتقد جازما بان الامريكي الذي اعطى الضوء الاخضر لتل ابيب لتقصف هذه المنشأة في الوقت الضائع ليشفي غليل نتنياهو المتعطش ليقوم باي دور يخرجه من عزلته الدولية انما فتح الباب على مصراعيه لطهران لتصبح قبلة الحراك الديبلوماسي العالمي والاقليمي الذي لابد سيفضي الى اذعان امريكي نهائي بان زمن تقديم التنازل الاكبر لطهران قد حان ومن لم يقبل حتى الامس القريب بمفاوضة اسد واحد على الجولان عليه ان يرضخ لمفاوضة اسدين على جولانين ، جولان على الارض وآخر يسبح في الفضاء !
ومن فشل حتى الان في قرصنة شبر واحد من اسد واحد مقاوم منذ ايام الراحل حافظ الاسد فانه لن يستطيع بعد الان في ظل تحالف اسدين مقاومين يعملان على انجاز ما هو ابعد من الجولان سوى ان يعود بخفي حنين !
*محمد صادق الحسيني