وتنصب معظم اشكال التعاون الثنائي حول كيفية جعل العلاقة المتبادلة ذات فوائد ذاتية خاصة من جهة، ومنعكسات نهضوية عامة من جهة اخرى.
وفي اللحظة التي يحقق فيها البلدان الشقيقان مستوى بعيدا في التماهي والانسجام والتلاحم، يتبدى للعالم اجمع نتائج هائلة ومدوية لهذه المحصلة التكاملية.
وبما ان دافعية العلاقات الايرانية ــ السورية هي مساندة قضايا الحقانية والعدالة والتحرر ومكافحة الاحتلال الغاشم، فقد تميزت هذه العلاقات بعد انتصار الثورة الاسلامية المظفرة بالكثير من المميزات التي وضعتها في مصاف الروابط النموذجية والاستثنائية البينية في العالم.
وقد تعززت عرى المحبة والتكاتف والتآزر بين طهران ودمشق منذ ايام زعيم الامة الراحل الامام الخمينی وفقيد سورية الكبير الرئيس حافظ الاسد ، على قاعدة ان ايران وسوريا وفي ضوء المبادئ الثورية والتحررية لكلا البلدين يمكن ان تشكلا مستقبلا قطب الرحى في أي عملية مقاومة للمشروع الاميركي ــ الاوروبی - الصهيوني في الشرق الاوسط.
ولقد تبين لاحقا وفي السنوات الاولى لانتصار الثورة الاسلامية ان هذه الرؤية المشتركة مقاربة للصواب والدقة، وذلك بعدما اظهرت الخطوات الاولية للتعاون الثنائي وتحديدا منذ العام 1982، معطيات جبارة تفوق التصور اذا ما قورنت علاقة الجمهورية الاسلامية باية دولة اخرى في المجتمع الدولي، وهكذا الحال بالنسبة لسوريا.
واذا كان اختيار بلد لطريقة علاقاته مع الاخرين لابد ان يحظى بقبول القوى العظمى، فان هذه الحالة تختلف تماما لدى طهران ودمشق، لان السمة الاساسية التي تمتع بها الطرفان علی الدوام ، هي الاستقلالية التامة عن التأثر والانقياد للسياسات الاميركية والاوروبية او التخوف من العربدة الاسرائيلية،وهوما خبأت له ايران وسوريا في قادم الايام وتحديدا منذ نيسان 1996 (في اعقاب مجزرة قانا الصهيونية) ، اسباب الاحباط والتقهقر والانهزام على ايدي المقاومة الاسلامية اللبنانية (حزب الله).
ومع زيادة انشطة المقاومة الباسلة بدعم لا محدود من قبل الثورة الاسلامية الايرانية والجمهورية العربية السورية، تعززت القناعة في اوساط الامة الاسلامية والعربية بان انطلاق العلاقات بين طهران ودمشق نحو فضاءات اوسع واشمل، لم يكن رجما بالغیب او وليد صدفة او بوحی من توافقات مرحلية استوجبت ذلك، بل كان ناتجا عن تلاقي الارواح والارادات والافكار النضالية التي انفلقت براعمها منذ عام 1979، حتى صارت اليوم شجرة باسقة صلبة العود ومترامية الاطراف وعميقة الجذور، الامر الذي يجعل النيل منها ضربا من الحماقة والجهل والغباء في جميع الابعاد و(اللبیب تکفیه الاشارة.)
*حمید حلمی زادة