أن تكون خمينياً يعني أن لا يحمل قلبك إلا الحب لإخوتك في الدين، والإشفاق على التائهين من الناس، والصبر في مواجهة المبلسين..
أن تكون خمينياً يعني أن تكون إلهياً في كل حركة وسكون، فيكون الله عينك التي تنظر بها، ولسانك الذي تخاطب به، ويدك التي تبطش بها، ورجلك التي تسعى بها، وأن لا يعمر قلبك إلا الله..
لذا فليس من المستحيل أن يكون كل واحد منّا خمينياً آخر كلما أخلصنا لله، وكان همنا الإصلاح من أنفسنا وممن حولنا.
إن من بركات هذا العبدِ الصالح علينا أن أخرجنا من حب الذات والأهل والأصحاب، إلى حب كل الناس على اختلاف مذاهبهم وتياراتهم، فثورة العرفان التي قادها لم يقدمها إلى أهله وبلده، ولا إلى أبناء دينه ومذهبه، بل قدمها إلى كل الوجود.. إلى قم.. إلى تركيا.. إلى العراق.. إلى فرنسا.. ومن على الكرسي الموشح بالنور في حسينية جماران قدم ثورة العرفان والإيمان إلى كل العالم، حتى بعث بها إلى قلب الشيوعية الميت في روسيا.
كل ذلك لماذا يا ترى.. هل لدكتاتورية في نفسه؟ هل لأنانية في شعوره؟ حاشى ذاته الإلهية أن تكون كذلك..
النازية والفاشية البالية عندما قادها هتلر، صدرها للعالم بالقبضات الحديدية، بالدمار الشامل، بالقتل والحرق، بالتصفية العرقية..
لكن إمامنا الخميني قدم ثورة العرفان بقلب محب.. وروح مشفقة، وصبر منقطع النظير، عبر كلمات من نور، ومواقف من حكمة، وعمامة سوداء تختزن ميراث الأنبياء وحملة الرسالات من الهداة الصالحين.
كان قلبه يحترق في سبيل الأمة والعالم، كان يتلوى ألماً لمشهد جائع هنا، ومستضعف هناك.. لأنه ينظر بعين الله.. تلك التي لا تنظر إلا رحمة للعالمين.
ومن هذا القلب تكونت قلوب أبناء الإمام وأتباعه، فكانوا دعاة الأخوة والتلاقي والتسامح وحب الخير للعالم كله.. فلا يمكن لأحد أن يدعي الإنتماء لخط الإمام ومنهجه وفي قلبه حقد على أحد من الناس، وبغض للآخرين.
لقد أثبت أبناء الإمام وأتباعه المخلصون عبر مواقف عديدة أنهم دعاة وحدة حقيقية جادة على صعيد المذاهب الإسلامية، ودعاة تآزر وتكاتف ومحبة على صعيد أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام بكل أطيافهم وانتماءاتهم، فنظرية الإمام في وحدة القيادة وتعدد المرجعية كانت خطوة واضحة على هذا الطريق، ورعاية السيد القائد الخامنئي لشۆون الحوزة والمرجعية على تعددها خطوة أخرى على طريق تآزر أبناء مذهب أهل البيت عليهم السلام، ودعوته لتذويب كتل الخلافات ورفضه لأي حركة تدفع عجلة الخلاف هي خطوة تضاف إلى خطوات أخرى.
ولا تنافي بين أن نتمسك بكل قوة ويقين بخط إمامنا العزيز، وبين أن ننفتح بكل حب وأخوة على كل الإنتماءات الفكرية والحركية في مذهبنا الحق، فإن أعداء الإسلام لا يميزون بين مرجعية وأخرى، ولا انتماء وآخر، فكل من يحمل في قلبه حباً حقيقياً عملياً لمحمد وعلي فإنه يشكل خطراً على مصالح أعداء الإسلام.
ونحن بدورنا نۆمن وبصدق أن كل من إلتزم بتعاليم محمد وعلي، وأخذ بتعاليمهما، وسار على منهجهما، ولم يجعلهما كلمة حق يراد بها باطل، فإنه على خط الإمام، ويحمل هم الإمام، لأن خط الإمام ليس هو إلا محمد وعلي.
وفي الحقيقة وأنا على يقين منها، أنه لا يمكن لمن يۆمن بمحمد وعلي إلا أن يۆمن بالخميني، لأن الخميني نتيجة محمد وعلي.
أيها الإخوة الأفاضل، تأكدوا أن كل داعية شقاق وبغضاء ليس هو على خط الإمام، وكل من لا يحمل في قلبه الخير لأبناء الأمة والمذهب بداعي المحبة في الله ليس هو على خط الإمام، وكل من يعتقد أن الإمام جاء ليلغي الآخرين ليس هو على خط الإمام.
لقد كان في مقدور الإمام أن يلغي كثيراً من أعداء الإسلام والثورة ومبغضيها وهم في قبضته وتحت إمرته، كما كان مقدوراً لمحمد وعلي ذلك أيضاً، فمحمد النبي المعصوم الشاهد بالغيب على ضمائر الأمة كان يعلم بوجود المنافقين فيها، لكنه كان يحسن إليهم ما أظهروا الإحسان، وعلي المنصوب من السماء كان ورغم سلبه الحق الإلهي المساهم الأوحد في وحدة الصف ونبذ الخلاف، ولم يسكت عن الحق بل وقف في وجه التحريف الفقهي والسياسي والإجتماعي بكل ما أوتي من حلم ومحبة للخير.
وهكذا الإمام العزيز.. يجنح للسلم ما جنحوا لها، ويقف في وجه التمادي على مصالح الأمة كلما اضطره أحد لذلك.
ونحن على خط الإمام دعاة خير ومحبة، ومريدوا وحدة حقيقية جادة، وسنتفاعل مع كل دعاة الخير والمحبة والوحدة والتلاقي كلما لمسنا الجد والصدق.
كلمة الشيخ حسين الأكرف في ذكرى رحيل النور