مفاجأة لبيد كانت خيبة امل لليكود، ولنتنياهو وحليفه الاكثر تطرفا افيغدور ليبرمان زعيم حزب اسرائيل بيتنا، فلم يعد نتنياهو يتربع على تكتل يضم 42 مقعدا في الكنيست مثلما كان عليه الحال، وانما اقل من ذلك بواحد وثلاثين مقعدا.
غرور نتنياهو الذي فاق كل الحدود، وثقته بالنفس الزائدة ، ومعاداته للعالم باسره، وقرعه لطبول الحرب ضد ايران، وسياساته الاستيطانية العنصرية كلها عوامل تسببت في وصوله الى المأزق الحالي.
هناك ثلاثة اسباب رئيسية نعتقد انها الاهم ادت الى تراجع شعبية نتنياهو وحزبه في الانتخابات الاخيرة، ووجهت صفعة قوية له حطمت آماله في قيادة حكومة يمينية متطرفة، وهو الهدف الذي دفعه لتقديم موعد الانتخابات.
' الاول: التدخل المباشر للرئيس الامريكي باراك اوباما في الانتخابات الاسرائيلية، عندما قرر رد الصاع صاعين لتدخل نتنياهو في الانتخابات الرئاسية الامريكية ومساندته ميت رومني المرشح الجمهوري علنا.
اوباما سرب قبل بدء الانتخابات بايام تصريحات الى صحافي امريكي اتهم فيها نتنياهو بالجهل والجبن والعمل على تدمير اسرائيل بسياساته الاستيطانية وقتله لعملية السلام وزيادة عزلة اسرائيل في المجتمع الدولي بالتالي.
ولعل الضربة القاصمة جاءت من قبل وليم هيغ وزير الخارجية البريطاني وحليف اسرائيل الوثيق الذي اتهم نتنياهو بقتل حل الدولتين وعملية السلام في مداخلة له في البرلمان البريطاني اختار ان يطلقها قبل ذهاب الاسرائيليين الى صناديق الاقتراع بيوم واحد، وكأن هناك تنسيقا محكما بينه وبين الرئيس اوباما.
' الثاني: العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة الذي شنه نتنياهو في تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي، فلم يحقق ايا من الاهداف التي وقع من اجلها بل على العكس من ذلك اعطى نتائج عكسية تماما، فالعدوان لم ينه وجود حركة حماس في القطاع، ولم يقض على ما في حوزة فصائل المقاومة من صواريخ بعيدة المدى، والاهم من كل ذلك ان هذه الصواريخ وصلت الى تل ابيب وغلاف القدس المحتلة ودفعت اربعة ملايين اسرائيلي الى النزول الى الملاجئ طلبا للامان.
' الثالث: اعتماد حزب الليكود على شخصية نتنياهو كرجل قوي قادر على قيادته لفوز كبير، ولذلك لم يصدر برنامجا انتخابيا واضحا، وتركيز نتنياهو في المقابل على جعل الحرب على ايران محور حملاته الانتخابية على حساب القضايا والازمات الداخلية مثل غلاء المعيشة والبطالة وتراجع الخدمات.
نتنياهو الضعيف سيرأس حكومة غير متجانسة، تضم شركاء لا يتفقون معه في سياساته، ويطالبون بحقائب وزارية سيادية مثل الخارجية والمالية ونحن نتحدث هنا عن كل من لبيد، ونفتالي بينيت زعيم حزب 'البيت اليهودي' الاستيطاني المتطرف.
السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس ستكون الاكثر سعادة بمأزق نتنياهو هذا، ولا بد انها تنتظر العودة الى مائدة المفاوضات على احر من الجمر، معتمدة على الدول الاوروبية وفرنسا وبريطانيا على وجه الخصوص اللتين تردد انهما تعتزمان القيام بمبادرة لاستئناف عملية السلام، وادارة الرئيس اوباما التي ناشدت نتنياهو امس بالعودة الى المفاوضات مع الفلسطينيين.
الضحية المرجحة لنتائج الانتخابات الاسرائيلية قد تكون المصالحة الفلسطينية، فلن نستغرب اذا ما فتر حماس الرئيس عباس لها انتظارا لمعرفة حقيقة النوايا الامريكية الاوروبية لاحياء عملية سلام ماتت وتعفنت.
*القدس العربي