ومع ان التحالف الغربي يعلم تماما ان الجمهورية الاسلامية التي قطعت خطوات جبارة في مضمار العلم النووي وتقنیاته، وحققت انجازات لافتة في حقل تخصيب اليورانيوم ،غير مستعدة للتراجع ابدا، او التوقف لحظة واحدة عن مسيرتها التنموية المتقدمة، الا انه ما فتئ يواصل اساليب المماطلة والتسويف والابتزاز، ظنا منه ان تكثيف هذه الاساليب يمكن لها ان تضع حدا للمكاسب الايرانية في هذا المجال.
وفي ضوء هذا يتضح ان "اللاموضوعية" التي تعتنقها اميركا واوروبا في التعامل مع حق طهران النووي السلمي، هي في حقيقتها ضرب من ضروب الغطرسة والطغیان، وعملية دنيئة لتعطيل العقل الانساني عموما والعقل الايراني خصوصا.
وبرأي الخبراء والمراقبین فإن هذا التوجه لا يعني سوى احد امرين: اما ان يقلع الناس عن التفكر والابداع والخلاقية ، ويعولوا على الفتات العلمي الغربي فقط، او فليأذنوا بحرب استكبارية شعواء لامجال فيها للرحمة!!
الثابت هو ان الجمهورية الاسلامية التي تتمسك بحقوقها المشروعة والمكفولة فی ميثاق الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومعاهدة حظر الانتشار النووي (NPT)، لايمكن ان تخضع للغة الاملاءات والتعالي والتهدیدات الاورواميركية ابدا، بدليل انها انجزت الكثير حتى الان في مضمار انتاج الطاقة النووية للاغراض العلمية والاستخدامات الطبية والزراعية والكهربائية ، دون ان تعبأ بالحرب النفسیة والزوابع الاعلامیة الغربیة وحتی الاقلیمیة.
كما ان الوكالة الدولية تعترف هي ايضا بعدم وجود اية نزعات ايرانية نحو التسلح النووي، وقد اكد (علي اصغر سلطانية) مندوب الجمهورية الاسلامية في فیینا ان المحادثات التي اجراها کبیرمفتشی الوكالة (هيرمان ناكيرتس) قبل يومين في طهران نجحت في تقريب وجهات النظر وتبديد بعض الايحاءات الخلافية، الامر الذي اكده الموفد الدولي ايضا لدى عودته الى النمسا حيث صرح يوم الجمعة 18/1/2013 من هناك" ان الوكالة اتفقت مع ايران على الاجتماع مجددا بتاريخ الثاني عشر من شهر شباط المقبل 2013 في طهران".
وبالرغم من ان الجمهورية الاسلامية تعلم بأن الوكالة - ومن واقع عملها المهني والاختصاصي ــ تتمنى انهاء هذه القضية في اقرب فرصة ، نظرا لاشرافها المستمر على الانشطة النووية الايرانية منذ ما یزید علی عشرة اعوام، الا ان طهران تدرك ايضا مدى استغلال الحكومات الاميركية والاوروبية لـ "الوكالة" ومؤسسات "الشرعية الدولية" الاخرى ، لفائدة مشاريعها وسیاساتها السلطوية.
وهكذا يتبين لنا ان "التحالف الغربي ــ الصهيوني" يتعامل مع المؤسسات الدولية ومنها "الوكالة الذریة" و"مجلس الامن" و"المنظمة العالمية لحقوق الانسان" وغيرها من الدوائر اللصيقة بالامم المتحدة، على انها "ملكية خاصة" به، حیث يقوم باستخدامها وتسييرها وتحريكها طبقا لبرامجه واجنداته ومطامعه الجيوسياسية والجيواستراتيجية، وهو ما يجعل التحرك لدى العاملين في هذه "المؤسسات" محكوما تلقائيا بالتوافق الذي يمكن تحقيقه بين ايران ومجموعة (دول 5+1 (
الشيء المؤكد هنا هو ان الجمهورية الاسلامية التي عقدت العديد من المفاوضات مع هذه المجموعة في مختلف العواصم العالمیة ، جادة في تحقيق التفاهم المنشود، شريطة عدم التفريط قيد انمله بثوابتها العادلة.
بيد "الشيطنة الغربية" التي تقفز على الحقائق الملموسة والشواهد اليقينية، ما فتئت تصول وتجول في ميادين المراوغة والخداع والتضليل واطلاق الشائعات والاتهامات جزافا ضد طهران، فضلا عن ممارساتها الارهابية في مضمار اغتيال العلماء والباحثين الايرانيين وبث عملاء ال "سی آی ایه" و"الموساد الاسرائیلی" و "المخابرات الاوروبیة" في البلاد من اجل التجسس على النخب العلمیة والاختراعات والمستجدات النوویة والمنشآت التسلیحیة الدفاعیة في الجمهورية الاسلامية فی سبیل تدميرها او الحيلولة دون تطورها المثير للاهتمام والاعجاب عالميا.
لكن هذه السلوكيات المنافية للمبادئ الحضارية والاخلاقية والمعايير الدولية هي موضع مراقبة دقيقة من قبل الاجهزة الايرانية المعنية التي تمارس دورا رائعا فی تعریة التحركات الغربية المعادیة وکشف الشبکات الجاسوسیة وفضحها وتعريف الرأي العام العالمي بمهماتها التخریبیة.
* حمید حلمی زادة