لماذا فشل تصدير النموذج التركي؟

لماذا فشل تصدير النموذج التركي؟
الخميس ٠٣ يناير ٢٠١٣ - ٠٥:٢٠ بتوقيت غرينتش

روجت الولايات المتحدة والدول الاوروبية خلال السنتين الاخيرتين للنموذج التركي، معتبرة انه الاسلوب الامثل للتطبيق في بلدان عربية تخلصت توا من زعماء ديكتاتوريين، وطرحت ضرورة اقتداء الدول العربية لهذا النموذج، ولكن الاحداث الاخيرة اثبتت فشل النموذج التركي في ان يكون اسلوبا للحكم، لانه نموذج ناقص لا يمكن السير على خطاه.

فرئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان كان اكثر نشاطا لطرح نموذجه على الشعوب العربية التي تخلصت من زعمائها وخاصة في تونس وليبيا ومصر واليمن ولكن الشعوب العربية لم ترحب بالنموذج التركي الذي له خلفية ديكتاتورية تتمثل بالخلافة العثمانيية التي حكمت الشرق الاوسط باساليب القرون الوسطى وقد تخلصت الشعوب العربية من سلطة الدولة عثمانية بعد جهد جهيد واليوم يقف رجب طيب اردوغان ليبشر المسلمين بضرورة اعادة الخلافة العثمانية لمنطقة الشرق الاوسط .
حكومة السيد رجب طيب اردوغان روج للنموذج التركي في ذروة الثورة المصرية ، وزار القاهرة حتى يقنع الشعب المصري والثوار خاصة ، بضرورة اقامة حكومة تشبة الخلافة العثمانية التي تحظى بدعم من الولايات المتحدة والغرب ولا يعترض الكيان الصهيوني عليه .
لذلك ، كان السيد اردوغان قريبا جدا من طروحات " جماعة الاخوان المسلمين " لاقامة حكومة اسلامية في مصر تشبه حكومته ، لان الولايات المتحدة تميل الى اقامة حكومات مشابهة للنموذج التركي في البلدان العربية في تونس وليبيا ومصر واليمن وهذا النموذج يحظى بدعم دول مجلس التعاون في الخليج الفارسي ايضا.
رئيس الوزراء التركي يريد ، أن يصدر نموذج حكومته للبلدان العربية مدعوما من الولايات المتحدة واوروبا ودول مجلس التعاون ، ولكن الشعوب العربية ترفض بشكل قاطع النموذج التركي لانها تدرك أن إقامة أي حكومة تشبه الحكومة التركية التي ترتبط بالولايات المتحدة والغرب وتحظى بدعمهم اسرائيل سوف تعيد الديكتاتورية والفردية الى بلدانها ، وتذهب تضحيات هذه الشعوب أدراج الرياح.
فعلى سبيل المثال ، فان الحكومة التركية برئاسة رجب طيب اردوغان ، تنفذ في الوقت الحاضر اجندة امريكية غربية في المنطقة وهي تتدخل في شؤون دول المنطقة وتدعم الطروحات الطائفية والمذهبية وتدعو الى دعم الجماعات الطائفية في الدول المجاورة لتركيا .
فالحكومة التركية تتدخل باستمرار في الشؤون الداخلية لدول الجوار وخاصة في سوريا والعراق وتحرض جماعة ضد جماعة اخرى ، وتطرح قضايا طائفية ومذهبية على المكشوف ، ولا تراعي في ذلك مشاعر الاخرين ،فرئيس الوزراء التركي يتهم رئيس الوزراء العراقي بالطائفية بينما هو يعطي اللجوء السياسي لمعارض طائفي محكوم عليه بالاعدام.
فرئيس الوزراء التركي الذي تستفيد بلاده كثيرا من علاقاتها الاقتصادية والتجارية من العراق ، لا يهتم بمصالح بلاده الاقتصادية بقدر ما يهتم بالمنافع التي يجنيه هو من تنفيذ خطة طائفية تفرق ولا تجمع وتزيد حدة الخلافات بين مكونات الشعوب العربية والاسلامية ، من أجل ضمان مصالح امريكا والغرب والكيان الصهيوني.
فالنموذج التركي الذي يروج له رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ، يعطي اولوية لعلاقات تركيا مع اسرائيل ، وما الخلاف التركي الاسرائيلي ، الا غطاء يهدف الى تمويه وجود علاقات سياسية و اقتصادية وعسكرية بين الجانبين ، لان الحكومة التركية لا يمكن ان تحظى بدعم امريكا والغرب لولا وجود علاقات مميزة بينها وبين اسرائيل .
السؤال المطروح هو ، كيف يمكن لاسرائيل ان ترضى بأن تزود الولايات المتحدة ودول اوروبية تركيا بنظام صواريخ باتريوت مضاد للصواريخ ، اذا لم يكن ذلك في صالحها ؟ . فمن المؤكد ان اقامة نظام صواريخ باتريوت على الاراضي التركية هو في صالح اسرائيل وامريكا والبلدان الاوروبية وتضر بمصالح دول الجوار ، ورأينا ان ايران والعراق احتجتا على الخطوة التركية التي تستجيب لرغبات امريكية واوروبية واسرائيلية وتضر بمصالح بلدان المنطقة وتزيد الازمات تعقيدا .
شاكر كسرائي