رقصة المرح كانت في المطار عندما طبع ضابط الهجرة اسمي على جهاز الكمبيوتر الخاص به وقال لي. "عد إلى هناك واجلس"، وراح ينظر إليّ برعب واحتفظ بجواز سفري. "سوف أناديك".
النظام الملكي السني في البحرين لا يريد شهودا لأنه يشدد الخناق على السكان الشيعة إلى حد كبير. كل مساء تقريبا، هناك اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين، وكلا الجانبين يزداد حنقا وعنفا.
قتل حوالي 100 شخص منذ احتجاجات الربيع العربي التي بدأت في البحرين في شباط/فبراير 2011. كنت في البحرين آنذاك عندما فتحت القوات النار دون تحذير على المتظاهرين العزل الذين كانوا يهتفون "سلمية، سلمية".
الاضطهاد في بعض الأحيان كان لا يقل وحشية. الشرطة ضربت بالهراوة الجرّاح المحترم، صادق العكري، ودخل في غيبوبة - لأنه حاول أن يقدم المساعدة الطبية للمحتجين الجرحى. وحسب كل الروايات، كان التعذيب شيئا عاديا.
و بمخطط أكبر للاشياء، البحرين هي بلد صغير وربما لا تعني كثيرا بالنسبة للولايات المتحدة. والذي يضايقني هو أنها حليف أمريكي وثيق - تعتدي على الناس في بعض الحالات بالمعدات الأمريكية - ولكن إدارة أوباما تغض النظر في معظم الاحيان. هذه حالة ليس فقط من القمع الوحشي، ولكنها أيضا من النفاق الأمريكي.
بعد تلك الحملة الأولي في عام 2011، كلف الملك بتقرير خارجي ممل، وإدارة أوباما كانت تأمل أن يخفف عن البلد في ظل ولي العهد الأكثر انفتاحا. وهذا الأمل ينهار، والبحرين يضيق عليها الخناق الآن أكثر "حالة حقوق الإنسان في البحرين تدهورت بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأخيرة، مع تعميق الممارسات القمعية بشكل متزايد"، قالت منظمة العفو الدولية في تقرير صدر مؤخرا حول البحرين. وختمت: "عملية الإصلاح وضعت على الرف وأطلق العنان للقمع".
والحملة، بدورها، جعلت المعارضة متشددة، فلقد التجأت بشكل متزايد إلى قنابل المولوتوف والحجارة والأسلحة الأخرى لمواجهة السلطات. ويتم تهميش المعتدلين من الجانبين.
هذا هو تحول مأساوي للبحرين، التي كانت تقليديا واحة جميلة من الازدهار والاعتدال والتسامح. وما يثير الدهشة، أن سفير الدولة لدى واشنطن هي في الواقع امرأة من المجتمع اليهودي الصغير في البحرين.
هولكن يمكن للملك حمد بن عيسى آل خليفة، أن يلوم نفسه بسبب تصعيد العنف. فقد سجن المدافعين الرائدين في مجال المقاومة السلمية، مثل نبيل رجب، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان الذي يحظى باحترام على مستوى العالم. مأخذي هو أن النظام يقوم بسجن المعتدلين السلميين عمدا ويترك بذلك حركة الاحتجاج في أيدي الشباب الذين يشوهون سمعتها عن طريق رمي قنابل حارقة - وبالتالي خلق مبرر للقمع.
في زيارتي الأخيرة إلى البحرين، كتبت لمحة مختصرة عن زينب الخواجة، وهي امرأة حيوية شابة تجيد اللغة الإنجليزية وقد درست لمهاتما غاندي والقس الدكتور مارتن لوثر كينغ جونيور وتحاول تطبيق أساليبهم. هي بالضبط القائد الذي تحتاجه المعارضة في البحرين فهي تطلق رسائل تويتر بدلا من الحجارة، ولكن في رسالة لي عبر البريد الإلكتروني قبل شهر كانت تتحسر: "لقد أصبح من الصعب جدا حتى إرسال تويتر حول الانتهاكات في البحرين" كانت ذات بصيرة: والآن تم سجنها أيضا.
"وسبب تعقب النظام لهم هو أن الناس مثل زينب ونبيل يمثلان قوة لا يستطيعون التعامل معها"، قالت مريم الخواجة، شقيقة زينب، التي هي الآن في المنفى. وأضافت "إنهما يقفان بثبات على الرغم من العنف. يستمران في الاحتجاج، ويرفضان استخدام العنف. وهذا يشجع الآخرين على أن يحذوا حذوهما. إنه أسهل للنظام عندما يستخدم المحتجون أشياء مثل الزجاجات الحارقة".
إدارة أوباما تحدثت في البداية عن الحملة الأمنية ولكنها ومنذ ذلك الحين "متقلبة وصامتة"، يلاحظ براين دولي من منظمة حقوق الإنسان أولا. "لقد كان هذا محبطا بشكل فظيع لنشطاء حقوق الإنسان في البحرين الذين يأملون أن الولايات المتحدة ستدعم حملتهم من أجل الديمقراطية".
الرئيس أوباما يسحب لكماته الى حد ما لأن الولايات المتحدة تضع الأسطول الخامس في البحرين وإلى حد ما لأن السعودية تدعم بإصرار القمع في البحرين. الاعتبارات الأمنية حقيقية، ولكن، بالنسبة لي، هذا يبدو وكأنه صدى لمصر: الولايات المتحدة تتملق الديكتاتور وتتجاهل توق الجمهور للتغيير. والنتيجة هي التطرف وعدم الاستقرار ومعاداة أمريكا.
في المطار، اقترب مني ضابط الهجرة في نهاية المطاف، وقال لي: "اسمك على القائمة. لا يمكنك الدخول." ليس هناك من مفاوضات مع القائمة السوداء، وفي صباح اليوم التالي تم ترحيلي إلى دبي.
المسؤولون الحكوميون تعاملوا معي بكل احترام، ولم أشعر بانني في خطر. ولكن الأمر يختلف إذا كنت بحرينيا. في اليوم الذي وصلت فيه، اعتقلت الشرطة السيد يوسف المحافظة ولعله الناشط البحريني الأخير الذي ما زال مطلق السراح، بعد أن نشر صورة على تويتر لمحتج كانت الشرطة قد أطلقت النار عليه. المحافظه كان متهمًا بـ "نشر معلومات كاذبة على موقع تويتر." وتستمر الدوامة.
* نيكولاس كريستوف: نيويورك تايمز