وتستهدف المناورات التي بدأت بشعار (يا حسين عليه السلام) وتستمر ستة ایام فی اطار تطویر قابلیات مختلف وحدات وصنوف القوات و الاساطیل البحریة للجیش، فحص جهوزية الجمهورية الاسلامية في مضمار (ادارة الحرب الالكترونية والمنظومات الدفاعية) وسبر اغوارالقدرات القتالية للسفن والغواصات المصنوعة بفضل العقول والسواعد الايرانية.
وکانت قوات حرس الثورة الاسلامیة قد انهت یوم الجمعة 28-12-2012 مناورات "فجر 91" البحرية داخل المياه الإقليمية الإيرانية في منطقة عسلوية وحقل بارس الجنوبي والتي کانت قد بدأتها موخرا. وتوخت التكتيكات الميدانية لهذه المناورات رفع جهوزية مختلف الوحدات البحرية. كما نفذ أكثر من 20 ألف عنصر من قوات التعبئة خلال الایام الاربعة الماضیة مناورات "نحو بيت المقدس" في محافظتی كلستان(شمال)، وخوزستان(جنوب)، بهدف الارتقاء بقدرات خوض الحروب الناعمة والصلبة بصفوف قوات التعبئة (البسیج) ،وهی تأتي في إطارالتصدی للتهديدات المعادیة التي قد تتعرض لها البلاد .
من الواضح ان طهران اثبتت جدارة فائقة فی تعزیز فاعليتها وتفوقها في مختلف الاختصاصات والمنجزات العلمية، وهو التحول الذي صار مثار اعجاب واعتزاز كبيرين في اوساط ابناء العالم الاسلامي، نظرا لما يمثله من دعامة حقيقية لقضية استقرار الامن والسلم اقليميا ودوليا، ولجم النزعات الشریرة القادمة من وراء المحيطات.
واكثر من ذلك فان المكاسب الايرانية البحرية والجوية والبرية والفضائية، تعزز المزيد من الاحساس بالثقة والارادة والعزم في نفوس المسلمين والعرب واحرار العالم، في مواجهة استراتيجيات الغطرسة والتهديد والابتزاز التي تنفذها اميركا واوروبا واسرائيل في الشرق الاوسط والخليج الفارسي، اضافة الى ممارساتها الفوضویة وعملیاتها التدمیریة ضد سوريا وبعض بلدان المنطقة تحت ذريعة دعم الثورات والحريات وحقوق الانسان.
والواقع ان استمرار اجراء المناورات العسكرية الكبرى من قبل الجمهورية الاسلامية لا يشكل تبدلا في الاستراتيجية الدفاعية الايرانية، وهو غير موجه ابدا للجيران الخليجيين، بل هو حاجة ملحة تستوجبها متطلبات تقوية الجهوزية على الدوام وتمليها ضرورات مواكبة التطورات العالمية في مختلف الفروع الحربیة والفنیات اللوجستیة و التقنیات الالکترونیة.
فالثابت ان قضايا الدفاع والتأهب والاستعداد، تلعب دورا اساسيا ومصیریا فی معادلة التوازنات الاستراتيجية وترشید السیاسات والمواقف والتصورات على مستوى المنطقة والعالم، وازاء ذلك فان جهوزية أي دولة تعتبر الضمانة المطلوبة لصيانتها من السلوكيات الاستفزازية والتحركات المعادية.
لقد شهدت ايران في العقدين الاخيرين اكثر التغييرات اهمية في البنية العامة للقوات المسلحة والدفاعات العسكرية، و حققت منجزات مهمة جدا في مجال التحكم بالحروب الالكترونية واختراع الانظمة الصاروخية والرادارية الدقيقة، وصناعة الطائرات اللامرئية (بدون طيار)، والانطلاق الی عالم الفضاء، بالاضافة الى ابداع تقنيات اخرى تفوق في قدراتها القتالية ودقة احداثياتها بعض الامكانات العسكرية التي تحاول اميركا واوروبا والكيان الصهيوني، استغلالها لارهاب دول المنطقة وابناء الامة الاسلامية والعربية والقوی التحرریة المناضلة فی انحاءالعالم.
اللافت في هذا السياق هي المخاوف الغربية والاسرائيلية من تنامي الطاقات الايرانية الخلاقة وحالة الغموض التي تلف امكانات الجمهورية الاسلامية في مضمار الهجوم المعاكس على الاعتداءات الخارجية المحتملة، الامر الذي يشكل قوة ردع حاسمة في الحرب النفسية القائمة بين طهران وحليفاتها ب (محور قوی المقاومة والممانعة) من جهة ، و"معسكر المناوئين والحاقدين والمتضررين" من هذا المحور النهضوی الصامد من جهة اخرى.
ومع علمنا ان هذه الحرب النفسية تحولت فی الآونة الاخیرة الی مادة دسمة لمن قد يحلو لهم التصيد في المياه العكرة، أو من تسول لهم انفسهم المغامرة أوالمقامرة بمستقبل الخليج الفارسي ومضيق هرمز، بيد ان التجارب العملية اثبتت بالدليل القاطع ان الحكمة الايرانية المقرونة بالقدرات الجبارة، تمثل بيضة القبان في موازنة المعادلة الجیوسیاسیة والجیواستراتیجیة، وبالتالي يمكن التأكيد على ان جهوزية الجمهورية الاسلامية برا وبحرا وجوا هي الضمانة الحقيقية لحماية امن منطقة الخليج الفارسي والتوازنات العالمية على حد سواء.
ولا شک فی ان السنوات الماضية برهنت – و بالرغم من حدة التجاذبات والتشنجات واشکال البلبلة والازمات والتوترات والحروب العبثیة التي سببتها سياسات (الغطرسة والاستكبار والطغیان) الصهیوغربیة - على صوابیة نهج طهران وقدرتها علی الامساک بخیوط ضبط الاستقرار العام والمحافظة علی سلامة حرکة امدادات الطاقة والفعالیات الاقتصادیة المختلفة الاخری فی هذه المنطقة ، وبالمحصلة صیانة الامن الاقلیمی لفائدة المجتمع البشری عموما.
حمید حلمی زادة