المؤكد ان المساعي الايرانية تندرج في سياق تعزيز اللحمة الوطنية ودفع المخاطر الاستكبارية التي تستهدف الدولة السورية ومقوماتها الاساسية، فالجمهورية الاسلامية تعتبر اعمال القتل والتدمير والارهاب المنظم السائدة في سوريا، مقدمة لتقطيع اوصال هذا البلد وتكريس نوازع التطرف والطائفية والاجرام والانحرافات الفكرية والدينية، ولاسیما الوهابیة الضالة المضلة فیه.
ان لايران الشرف ان تتحرك في كل مجال، وتبذل اقصى ما عندها من اجل الدفاع عن سوريا وقيادتها السياسية وشعبها المؤمن المجاهد، وردع تلك الممارسات والتحركات والمواقف الرامية الى اسقاط دمشق من (محور دول المقاومة والممانعة)، وازاء ذلك فان جهود الجمهورية الاسلامية تتوخى ترجيح اللغة السياسية العقلانية على الاعمال المسلحة الدموية الطائشة، وتقديم مبدأ الحوار الوطني الشامل بمشاركة المعارضة والموالاة، على لغة قعقعة السلاح واشعال الفوضى والحرائق وسفك الدماء في هذا البلد العريق.
من هنا تعقد ايران امالا كبيرةعلى مبادرتها السياسية ذات النقاط الست، باعتبارها حصنا لسورية وشعبها ووقاية لهما من سلوكيات التطرف ، والتكفير، والقتل على الهوية، واللصوصية. فهذه صفات غریبة عن اخلاقية سوريا وسجايا اهلها المجبولين على الخير والمحبة والتعايش الحضاري واستضافة الزوار والسياح وایواء المشردين والملهوفين وتقسيم لقمة الخبز معهم في السراء والضراء .
وعلى هذا الاساس تنشط الدبلوماسية الاسلامية الايرانية في الداخل والخارج ابتغاء وضع الاطراف السورية كافة ومعها الدول الاقليمية والدولية المخلصة وكذلك الامم المتحدة ومجلس الامن أمام مسؤولياتها التاريخية، لان ما يجري فوق الاراضي السورية لا ينال كيانها الوطني فحسب بل ويشكل ايضا تهديدا حقيقيا للامن والاستقرار في الشرق الاوسط والعالم اجمع.
فالمحافظة على الوحدة الوطنية والسلم الاهلي ومقومات الدولة في سورية، ليست عند الجمهورية الاسلامية مجرد تمنيات او احلام بعيدة المنال، بل هي واجب مقدس ومصيري قابل للتنفیذ لامحالة، وهذا ما تجسده العقيدة السياسية الايرانية على مستوى دعم مساعي المبعوث الاممی السيد الاخضر الابراهيمي، ودعوة ممثلي المعارضة والموالاة السوريين الذين يتجاوبون حقا مع لغة العقل والمنطق والموضوعیة الى مؤتمرات تفاهمية موسعة بطهران، وتكثيف الاتصالات والزيارات واللقاءات مع الاطراف الحريصة على حماية الامن والسلام الدوليين وغير ذلك مما يدعم هذه المسيرة المبدئية والاخلاقية في جميع الابعاد والاتجاهات.
الثابت في خضم هذه الازمة المفتعلة، ان المسؤولين الغربيين والخليجيين والاتراك يتحملون اوزار التدمير المبرمج في سورية، الامر الذي يزيد من مشاعرالكراهية والنفور والادانة عربيا واسلاميا وعالميا ضد هؤلاء لدورهم البغيض في تبني وتسلیح عملیات الارهاب الدولي المنظم المتصاعد هناك.
وامام هذا الواقع فان من الاهمية بمكان تسليط الضوء على هذه الحقيقة، وهي ان ايران والعراق وروسيا والصين والامم المتحدة ودول حركة عدم الانحياز والمقاومة اللبنانية والفلسطينية الشريفة وقوى التحرر في انحاء الارض، تدعم دون قيد اوشرط التسوية السياسية السلمية من اجل ايصال سوريا الى شاطئ الامان، بيد انها جميعا لن تسمح باستفراد هذا البلد المناضل وتحويله الى ساحة لتصفية الحسابات مع المناضلین الرسالیین وعلی رأسهم الرئیس الدكتور بشار الاسد ، أو الی حلبة صراع تحسم فيها تطورات المواجهة لصالح المطامع الرأسمالية والامبريالية ،خدمة للاستراتيجية الاستكباریة الصهيواميركية في الشرق الاوسط و العالم الاسلامي.
حمید حلمی زادة*